ماذا ينتظر اسرائيل في غزة
بقلم/ رفعت رشاد
هل اجتياح إسرائيل غزة نزهة وترويح عن جيشهم؟.. هل تركع غزة بمجرد أن تطأ أقدام الجنود الصهاينة الأرض الطاهرة؟، إن فلسطين تاريخ طويل من الحروب والدماء، منذ آلاف السنين لم تكن فلسطين أرض سلام، مرورا بالحيثيين والهكسوس والرومان والبيزنطيين والحملات الصليبية والصهاينة، عاش هذا الشعب المأساة دائما، لذلك هو شعب صلب لا تنكسر إرادته ولا تهزمه الخطوب والمحن.
دخول إسرائيل غزة سيكون له تداعيات ونتائج سلبية على الشعب الفلسطيني ولكن هل سيكون خروجها من غزة سهلا .إن المقاومة الفلسطينية تدافع عن وطنها وشعبها في حرب عادلة ضد عدو اغتصب الوطن والأرض ودأب على إذلال شعبها بدون ذنب جنوه إلى لأن أبناء صهيون أرادوا فلسطين وطنا لهم.
إن المقاومة الفلسطينية تحارب وهي تطبق ما أمر به الدين الإسلامي للدفاع عن الدين والوطن والأرض : “يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون”.
سيقاتل الفلسطينيون ويستشهدون ولكنهم لن ينهزموا ولن ينكسروا رغم لا مبالاة المجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي لطالما سارع لتنفيذ ما تمليه عليه أمريكا بضرب العراق وغيره من الدول وتسيير الجيوش ضد الشعوب المستضعفة.
لكن أمان نموذجين للمقاومة العربية، نموذج الجزائر التي تبقى مقاومة شعبها بنراسا لكل المقاومين العرب، فعلى مدى عقد كامل دحرت المقاومة الجزائرية أكبر جيش بري في أوروبا الغربية وهو جيش الاحتلال الفرنسي، وناضلت وخططت وتحلت بإرادة حديدية وبالصبر والإيمان والإصرار على النصر، وبعد أن مات مليون شهيد، نالت الجزائر حريتها من استعمار بغيض اعتبرها جزء من إمبراطوريته، وجثم على أنفاسها ما يزيد على 140 عاما.
في السودان عام 1899 كانت الحملة الإنجليزية التي قادها اللورد كتشنر والتي قتل فيها 22 ألفا من قوات المهدي وكانوا يسمون بالدراويش.
كتب ونستون تشرشل الذي صار رئيسا لوزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية يصف بالتفصيل تلك المعركة التي دارت منذ 124 عاما في كتبه “حرب النهر”.
كان تشرشل صحفيا ولكنه التحق بالجيش لكي يتمكن من تغطية تلك الحرب وسجل تجربته في كتاب كان له أثر في ذلك الوقت.
يقول تشرشل: كان جيش الدراويش تجمعا لعدد من جيوش الأمراء والقبائل التي توالي الخليفة الحقيقي للنبي محمد ولديه الاستعداد للتضحية بأرواح جنودها لمقاومة الاحتلال الإنجليزي المغتصب في زمن كانت فيه الإمبراطورية البريطانية في أوج قوتها.
اجتمعت الجيوش في أم دورمان في مواجهة الحملة الإنجليزية تحت قيادة الجنرال القاسي الشرس كتشنر، وكان الإنجليز يملكون أحدث المدافع “المكسيم”، ولم تكن الجيوش السودانية تملك أسلحة حديثة، لكنها كانت تملك التصميم على القتال ولا يخيفها الموت.
اقترب جزء من جيوش المهدية لأن أسلحتها لا تطال جيش الإنجليز ولم يهابوا مدافعهم، وكانوا يرفعون الأعلام البيضاء، واندهش الإنجليز من تلك الجرأة، لكنهم استخدموا مدافعهم الحديثة فحصدت الكثير من الأرواح، ولم يكد هؤلاء يسقطون صرعى، حتى يقوم غيرهم بحمل الأعلام ويقدمون على مهاجمة الإنجليز فلا تلبث المدافع أن تحصدهم.
يقول تشرشل: كان تفوق الإنجليز غير عادل، ولا مبرر لضربهم بتلك القسوة، بينما هم لا يملكون إمكانيات للرد علينا وهم لم يسببوا أذى للجيش الإنجليزي.
كانوا رغم تناقص عددهم يتقدمون بدون تشكيل عسكري ولكن بعزم لا يلين، كانوا في مواجهة نيران غير رحيمة، ارتفعت خلالها مواسير البنادق الإنجليزية فغيرها العساكر وصارت الخراطيش والظروف الفارغة أكواما بجوار الجنود.
ورغم إمعان الإنجليز في قتل الدراويش وكانت أصوات الرصاص تسمع وهي تخترق الأجسام محطمة العظام وينفجر الدم في الجروح إلا انهم كانوا يسقطون ويقومون، كانوا رجالا.. يصارعون بكل إقدام جحيم انفجار الدانات.. استشهدوا وهم مؤمنين بقضيتهم ووطنهم.
هناك فارق بين الفلسطينيين والصهاينة، يحارب العرب دفاع عن وطنهم بينما الصهاينة يحتلون البلاد لذلك لن يخاف الفلسطينيين الشهادة وإنما يخاف الصهيوني الموت، غنهم يحاربون لأن قادتهم هزموا في العسكرية وفي السياسة، وسوف يمارس الفلسطينيون حرب الفدائيين أو الأنصار التي سيكون جيش إسرائيل النظامي تحت رحمتها، فإذا دخلوا المناطق المسكونة فإن الكفة ستتكافأ بين أصحاب الوطن والأرض، الذين يملكون القليل من السلاح، وبين العدو المحتل الذي يملك ترسانة من الأسلحة الحديثة.
نأمل أن يتحرك المجتمع الدولي ويتحرك العرب لإنقاذ أشقائهم وبني جلدتهم حتى لا يكون هناك مزيد من الأرواح الشهيدة، ولكن إذا دارت رحى الحرب في شوارع غزة، فلن تنتصر إسرائيل، ربما تهدم البيوت وتدمر المرافق، لكنها لن تنتصر.