الصديق حفتر وتحديات إعادة إعمار ليبيا
لا شك بأن هناك العديد من الملفات والمسائل الملحة والأساسية التي ستُشكل تحدياً كبيراً أمام لجنة المصالحة الوطنية الليبية برئاسة الدكتورالصديق خليفة حفتر، إلا أنه قد يكون ملف إعادة إعمار ليبيا من أكثر هذه الملفات تعقيداً، فالواقع الليبي يُشير إلى الحاجة لمئات المليارات من الدولارات من أجل إنفاقها لإصلاح الضرر الذي وقع في قطاعات عدة خلال السنوات الأخيرة، بسبب الإرهاب وحالة الصراع التي شهدتها البلاد.
وعلى الرغم من أن هذا الملف يجذب أنظار الكثير من الأطراف الدولية، التي أبدت رغبتها في المساهمة في خطة إعادة الإعمار، إلا أن التقديرات تتفاوت وتختلف في المبالغ التي قد تحتاجها هذه العملية وحتى الفترات الزمنية المقدرة لها.
فقد قدر منتدى إقتصادي عقد في إيطاليا مثلا، حاجة ليبيا إلى إنفاق نصف تريليون دولار، على عدة سنوات، من أجل تنفيذ مشروعات في البنى التحتية والطاقة والمياه والصحة وغيرها من القطاعات، إضافة إلى استكمال مشروعات أخرى تعطلت قبل 10 سنوات.
بينما رجحت بعض التقديرات الداخلية في ليبيا بأن تبلغ فاتورة إعادة الإعمار، ما بين 100 و200 مليار دولار، بناء على بعض الدراسات المحلية، وأخرى أعدها البنك الدولي، في حين قدرت دراسة للجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة “الأسكوا”، أن تستأثر دول جوار ليبيا بـ 160 مليار دولار من قيمة المشروعات المخصصة لإعمار ليبيا، خلال أربع سنوات، ما يسهم في خفض معدل البطالة في تونس بنحو 6%، و9% في مصر و14% في السودان.
وتبقى كل هذه التقديرات والدراسات، سابقة لأوانها برأي البعض طالما أن الوضع داخليا لم يحسم من أجل التفاوض وإبرام الصفقات مع الدول والمؤسسات المعنية، التي يربط أي تحرك أو خطة بهذا الإتجاه في عملية تحقيق الإستقرار السياسي والإجتماعي المستدام الذي تعمل عليه لجنة المصالحة الوطنية برئاسة الدكتور الصديق خليفة حفتر.
وفي السياق، يرى الدكتور الصديق بأن الأولوية الآن هي لإنجاز المصالحة الوطنية التي تُمهد لكل الخطوات اللاحقة وفي مقدمها طبعاً، خطة إعادة الأعمار التي يجب أن تُركز على بناء المدن المهدمة، وتوفير مساكن للنازحين الذين فقدوا منازلهم، وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة، وإعادة تأهيل البنية الأساسية من كهرباء ومياه وطرق،والإهتمام بالجامعات والمدارس والمستشفيات التى تحتاج إلى الصيانة أو إعادة البناء.
ويؤكد الدكتور حفتر على ضرورة تحديد مصادر تمويل خطة إعادة الإعمار، قبل إنطلاقها، ووضع خطة زمنية واضحة لتنفيذها وإنجازها، إضافة إلى وضع تصور للتحديات التي قد تواجهها وسبل معالجتها.
ولا بد من التذكير بأن أحد التحديات الإضافية، الكارثة التي ضربت مدينة درنة وبعض المناطق في شرقي ليبيا، جراء الإعصار “دانيال” الذي أسفر عن إنهيار سدين قديمين في المدينة ووفاة أكثر من أربعة آلاف شخص وفقدان ثمانية آلاف آخرين، ونزوح عشرات الآلاف من المواطنين.
وهنا تنعقد الآمال على نتائج المؤتمر الدولي الذي إنعقد في مدينة بنغازي، لإعادة إعمار مدينة درنة ومدن شرق ليبيا المدمرة من الفيضانات، حيث أعلن المشاركون عن حرصهم على القيام ببرامج إعادة الإعمار وفقاً لأحدث المواصفات العالمية.
وشارك في هذا المؤتمرأكثر من 400 شركة وشخصية من 35 جنسية حضرت من مختلف قارات العالم تأكيداًعلى حرصهم جميعا على العمل من أجل برامج إعادة الإعمار.
ووفق البيانات المعلنة بعد المؤتمر، فقد تم التأكيد على الحرص على الحفاظ على الخصائص المعمارية وهوية مدينة (درنة) والمدن المتضررة الأخرى وإعادة شريان الحياة لها بالشكل الذي يضمن كرامة وآدمية الإنسان فيها رغم هول الفاجعة وحجم الدمار الكبير
كما تم الإتفاق على تشكيل لجنة متابعة تتولى الإشراف على تنفيذ إعلان درنة ولجنة تقنية تتكون من المهندسين والتقنيين المختصين تتولى إعداد الدراسات وخارطة طريق إعادة الإعمار وتعرض على لجنة المتابعة لإقرارها قبل بدء تنفيذ الإجراءات المبرمجة في خارطة الطريق.