أوروبا تستعدّ لشراكة جديدة مع ليبيا
عاجلاً أو آجلاً ستعود ليبيا لتلعب دورها الريادي على الساحة الدولية، مستندةً إلى قوتها الاقتصادية وثرواتها الطبيعية، وتاريخها الحافل بالنجاحات، وهو ما يثير لُعاب الدول القريبة والبعيدة، ولا سيما دول الاتحاد الأوروبي التي تتحيّن الفرصة لتعافي ليبيا سياسياً وأمنياً، وعودتها لتأخذ دورها السياسي والاقتصادي على مستوى المنطقة.
في العقد الأول من القرن الحالي، احتلّت ليبيا صدارة الدول الأفريقية على صعيد الثروة السيادية. فالبلد الذي كان يصدّر النفط بما بين 65 و70 مليار دولار سنوياً، تمكّن يومذاك من تأسيس محفظة كبيرة من الاستثمارات في شركات
أوروبية عملاقة ومشاريع تجارية واستثمارية وصناعية في دول الاتحاد الأفريقي، وهو ما منحها نفوذاً سياسياً ودبلوماسياً وجعلها دولة فاعلة في محيطها وفي العالم.
للتذكير فقط، في منتصف عام 2010 أعدّت وكالة رويترز تقريراً مفصلاً، ضمّنته معلومات قيّمة للغاية عن الأصول الأجنبية التي تمتلكها صناديق الثروة السيادية الليبية وإمكانات استثمارها المحتملة في المستقبل، لتكشف أنّ المؤسسة الليبية للاستثمار، وهي المظلة التي تشرف على صناديق الثروة السيادية الليبية، تمتلك حصة 2.075 بالمئة في بنك (أوني كريديت)، وهو أكبر مصرف إيطالي، كذلك يمتلك مصرف ليبيا المركزي حصة في البنك الإيطالي تبلغ 4.613
بالمئة. ويشير التقرير إلى أنّالمؤسسة الليبية للاستثمار تستحوذ على حصة قدرها نحو واحد بالمئة في شركة الألومنيوم الروسية العملاقة (روسال)، كذلك فإنّ صندوق ثروة ليبيا السيادي استحوذ على 10% من شركة فينربرجر النمساوية، وهي أكبر شركة لصناعة الطوب من خلال إصدار حقوق.
لا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، إذ سبق لمجموعة بيرسون الإعلامية البريطانية أن أعلنت في النصف الأول من عام 2010، أنّ المؤسسة الليبية للاستثمار تمتلك حصة 3.01 بالمئة في المجموعة التي تمتلك صحيفة فايننشال تايمز، وذكرت تقارير أخرى أنّ ليبيا تستحوذ على حصة تقدَّر بنحو 2 بالمئة في شركة فيات الإيطالية لصناعة السيارات، من خلال ذراعها الاستثمارية، وهي الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية.
تُعَدّ محفظة ليبيا للاستثمار، إحدى أذرع المؤسسة الليبية للاستثمار وأكبرها برأسمال يبلغ خمسة مليارات دولار، وينصبّ تركيزها على أفريقيا، وقد أسست الشبكة الخضراء في عام 2007 للاستثمار في قطاع الاتصالات في أفريقيا،
ويقع مقرّ الشبكة في أوغندا، وتمتلك أو تسيطر على شركات أو رخص اتصالات في ثمانية بلدان أفريقية.
انطلاقاً من هذه الثروات الضخمة والميزات التفاضلية، ينصبّ اهتمام الدكتور الصدّيق حفتر على الاستفادة من هذه الاستثمارات في الأسواق الأوروبية والأفريقية. ويرى أنّ الاستثمارات ستركّز على كلّ القطاعات الخدماتية، لكنه
سيعطي قطاع الاتصالات والتكنولوجيا الحيّز الأكبر من الاهتمام. وهو يلمس (حفتر) اهتماماً بالغاً من الدول والشركات الأوروبية التي تتطلّع إلى الاستثمار في ليبيا، وأن تكون الاستثمارات الليبية في الخارج بخدمة التنمية البشرية وفي تطوير
البنى التحتية.
لا يخفى على أحد أنّ بعض الحكومات الأوروبية فتحت قنوات اتصال مع الجانب الليبي لوضع آلية تعاون اقتصادي واستثماري في مختلف الميادين. وبرأي الدكتور حفتر، أنّ الشباب الليبي سيكون في المستقبل القريب منخرطاً في ورش الإعمار والتطوير، والمشرف على هذه المشاريع التي تنمّي ليبيا وتنقلها إلى مصافّ الدول المتحضّرة. ويشدّد الدكتور حفتر على أنّ الإرادة موجودة، وهي بانتظار مراحل التطبيق لتكون متكاملة مع الواقع الذي سينشأ على الأرض.