تنمية الأرياف: للحدّ من الفقر وتحسين الظروف المعيشية
تأخذُ التنميةُ الريفيةُ أهميةً كبيرةً من اهتماماتِ الدول المتطورة، لكونِها تُحسّن نوعيةَ الحياةِ للأشخاصِ الذين يعيشون في الريف، وتخلقُ فرصَ عملٍ لهم. فالتنميةُ الريفيةُ تساعدُ على الحدِّ من الفقر، وتحسِّن ظروفَ السُّكانِ المعيشيةَ، وتُوصلُهم إلى الرَّفاهِ الذي ينعَمُ به عادةً الأفرادُ الذين يعيشون في المدن. تتطلّبُ التنميةُ الريفيةُ الحِفاظَ على المواردِ الطبيعية، واستخدامَ مصادرِ الطاقةِ المتجددةِ، وتطويرَ أصنافِ المحاصيلِ الزراعيةِ التي تعطي أكبرَ نسبةٍ من الإنتاجِ، وتحسينَ أنظمةِ الريِّ والسياساتِ الزراعيةِ التي تزيدُ من عملية الإنتاج.
ويجبُ إيلاءُ الأهميةِ القصوى للتعليم، تعزيزاً للتنميةِ الريفيةِ حسب تطلّعاتِ الدكتور الصدّيق حفتر، “لأنّ العلم يُساهم في تكوين رأس المال البشري، ويزوّدُ الأفراد بالمهارات، ويعززُ الوعيَ وفهمَ أهمية الصحة والنظافة، وهذا أمر ضروريٌّ للحدّ من انتشارِ الأمراض، ويصبُّ في إطار التنميةِ المستدامةِ وما لها من آثارٍ إيجابيةٍ على الحياةِ في الأرياف”.
ينبغي أيضاً “الاستفادةُ من الخِبراتِ في التنميةِ الريفيّةِ، واستخدامُ التكنولوجيا التي تساهم في التواصل وتيسير أعمال التجارة وتصريف الإنتاج وتطوير البنية التحتية في الريف، عبر تحسينِ الطُّرُق والجسور وأشكال النقل كافة لتسهيل الوصول إلى الأسواق”.
ولأننا في عصر العولمة والتكنولوجيا، فهي بنظرِ الدكتور حفتر “مهمة جداً في مجال التنمية الريفية، لكونها تُمكّن المجتمعات الريفية من تحسينِ مزروعاتها والتواصلِ مع الأسواق والحصول على الخدمات الضرورية، كالرعاية الصحية والتعليم والكهرُباء والبنية التحتية، وهي قادرةٌ على سدِّ الفجوة بين المناطق الريفية والمدنية وخلقِ فرص عمل جديدة”.
يعتمدُ نجاحُ التنميةِ الريفيةِ على مجموعةٍ من الأُسس، يفنّدها الدكتور حفتر على النحو الآتي: “الاهتمامُ بالتعليم والصِّحة، والتقليلُ من نسبة انتشار الأمراض، وتحقيقُ التوازن الاجتماعيّ، وتطبيقُ مجموعة من الدراسات تعتمدُ على الزيارات الميدانية للحصول على معلوماتٍ دقيقةٍ عن عدد السكان ونسبةِ العمال والبطالة والأميّة، وتوجيهُ السياسات الحكومية للاهتمامِ بها وتقديمِ الدعم اللازم من أجل تحقيقها”.
لا تكتملُ التنميةُ الريفيةُ من دونِ تفعيلِ وسائلها عبرَ إنشاء مؤسَّسات القطاع العام في الريف، مهمّتها متابعةُ عمل المؤسَّسات الزراعية التي توفر الدعم للمزارعين، ودعمُ دور الهيئات الخاصة والدولية، من خلال تأسيسِ فرو ٍعٍ لها في الريف، وتوفير مجموعة من الخدمات لسكان الريف، كالملاعب الرياضية، والمكتبات العامة والمراكز الصحية.
لكنّ معوّقاتِ التنميةِ الريفيةِ كثيرةٌ، يسلّط الدكتور حفتر الضوء عليها، مشيراً “إلى التفاوت الحاصل في التنمية بين الدول النامية والمتطوّرة. ومن المعوّقات التي تُفشِل تحقيق التنمية الريفية: عدم احترام القانون، والوقوف في وجه الإناث اللواتي يرغبنَ في إكمال تعليمهنّ، وكره بعض الوظائف التي يعتبرها البعض معيبةً، كعامل النظافة مثلاً، وأحياناً عمّال الحدادة والنجارة والزراعة. ولا يمكنُ نسيانُ زيادة عدد المواليد في الأرياف، وعدم اعتناء سكانها بصحتهم، وقلّة الاختصاصيين، والتدخلات السياسية، فضلاً عن مشاكلَ اقتصاديةٍ جمّةٍ تتعلقُ بعدم وجود رأس المال، وسوءِ الإدارةِ، والفسادِ، والاستغلال المفرط للمواد البيئية غير المتجددة، وتغيير المناخ”، داعياً “إلى تعزيز قُدُراتِ المرأة الريفية، وتمكينِها لتحسينِ مستوى الرّفاه والمساهمة في بناء رأس المال البشريّ وتحقيق النموّ الاجتماعيّ والاقتصاديّ اللازم لأيّ مجتمع”.