النظامُ الصحيُّ الواعد: أعلى مستوياتِ الجَودة والرِّيادة
يشكّلُ الأمنُ الصحيُّ تحدياً كبيراً لدى الدولِ المهتمّةِ باستقرارِ شعوبِها، وبثِّ حالةِ الاطمئنانِ لديها. وأثبتتِ المخاطرُ التي رافقتْ جائحةَ كورونا، وما زالتْ تداعياتُها قائمةً، أنّ هذا التحديَ لا يقتصرُ على دولِِ العالمِ الثالث، بل يواجهُ الدولَ المتحضّرةَ، وخصوصاً في أوروبا التي كانت سبّاقةً في دفعِ الثمنِ الباهظِ، جرّاء وفاةِ الآلافِ من مواطنيها، وفي طليعتِها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وغيرُها.
أمامَ أهميةِ هذه التطورات، تبقى السياسةُ الصحيّةُ في أولوياتِ الدكتور الصدّيق حفتر، الذي يعتبرُ أنَّ توفيرَ الحمايةِ الصحيّةِ يكونُ عبرَ شبكةِ أمانٍ متكاملةٍ، تبدأُ مع إنشاءِ المشافي المجهّزةِ بأفضلِ التقنياتِ والمعداتِ، والبحثِ عن الكادراتِ الطبيّةِ والتمريضيّةِ، وحتى اللوجستيةِ، حتى نصلَ إلى تحقيقِ مناعةٍ صحيّةٍ عاليةٍ لدى المجتمعِ الليبيِّ، الذي يسودُ لدى بعضِهِ قلقٌ من إمكانيةِ عدمِ توفيرِ الحمايةِ اللازمة. ويرى الدكتور حفتر أنَّ الواقعَ الصحيَّ ليس مجرَّدَ أولويةٍ، بل حاجةٌ وضرورةٌ ملحّةٌ للمواطنِ الليبيِّ، وخصوصاً أنّ الاستراتيجيةَ الصحيّةَ والطبيّةَ يجبُ أن تطبَّقَ على أيدي النُّخَبِ الليبيةِ، وخصوصاً الأطباءَ في الاختصاصات كافةً، والجهازَ التمريضيَّ، يترافقُ ذلكَ مع دعمٍ تقنيٍّ، ولا يقفُ الأمرُ عند توافر ِالكفاءاتِ الطبيّةِ فحسب، بل بتوفيرِ الدواءِ والمستلزماتِ الطبيةِ وتطويرِ خدماتِ الرعايةِ الصحيّةِ من خلالِ تحسينِ البنى التحتيةِ وتجديدِها في المستشفياتِ الحكوميةِ ومراكزِ الرعايةِ الأوليةِ، ودعمِ المواردِ البشريةِ الصحيّةِ.
إنَّ بناءَ هذهِ القُدُراتِ، يستدعي بالدرجةِ الأولى استنهاضَ القُدُراتِ عاليةِ الكفاءةِ، والاستثمارَ في التكنولوجيا التي يقومُ عليها الآنَ القطاعُ الصحّي، ليس في ليبيا فحسب، بل على مستوى العالمِ، وضرورةَ إجراءِ مسحٍ سكانيٍّ كاملٍ، يكونُ كفيلاً بالوصولِ إلى إحصاءاتٍ دقيقةٍ لعددِ المرضى، أو تكونُ الأقربَ إلى الواقعِ لتوفيرِ التغطيةِ الصحيّةِ والعلاجاتِ الشاملةِ لأبناءِ الطبقةِ الفقيرةِ، بما يعزِّزُ الثقةَ ما بينَ المواطنِ الليبيِّ ودولتِهِ.
لا يتوقّفُ الاهتمامُ عندَ ما ذُكِرَ أعلاه، بل لا بد من إيجادِ نظامٍ فاعلٍ لـ “الداتا” التي توفّرُ المعلوماتِ الكافيةَ عن حالةِ كلِّ مصابٍ بمرضٍ مزمنٍ أو داءٍ عُضالٍ، أو أولئكََ الذين يخضعونَ لعلاجاتٍ دائمةٍ ويحتاجونَ إلى متابعةٍ دقيقةٍ ومتلاحقةٍ، أو الأشخاصِ الذين يحتاجونَ إلى مساعدةٍ طبيّةٍ سريعةٍ وطارئةٍ قبلَ وصولِهم إلى المشفى، مع ضرورةِ المحافظةِ على هذهِ المعلوماتِ وتطويرِها. ويشددُ الدكتور حفتر على أهميةِ تطبيقِ معاييرِ الرعايةِ الصحيّةِ الأوليةِ في مختلفِ المؤسساتِ، بدءاً من العياداتِ، إلى المستوصفاتِ، وصولاً إلى أقسامِ الطوارئِ والمشافي. ويعتبرُ أنّ الغايةَ الأسمى تبقى أبعدَ من تقديمِ الإسعافاتِ والعلاجاتِ الناجعةِ، بل تصلُ إلى تحقيقِ الريادةِ والجودةِ واتِّباعِ المعاييرِ الفُضلى في هذا القطاعِ الأكثرِ أهميةً للشعبِ الليبيِّ، خصوصاً أنّ الدولةَ الليبيةَ تمتلكُ ما يكفي منَ القُدُراتِ والطاقاتِ ليكونَ لديها نظامٌ صحّيٌّ رياديٌّ ومثاليٌّ يُحتذى، وتكونَ هذه البلادُ عاملَ اطمئنانٍ صحّيٍّ، ليس للمواطنين فحسب، بل للزوارِ والأجانبِ المقيمين على الأراضي الليبيةِ.