الأولويةُ اليوم لتحقيقِ درجةٍ عاليةٍ من مستوى الأمنِ السيبرانيّ في مؤسَّساتِ الدولةِ والشركاتِ الخاصةِ في ليبيا
يشهدُ العالمُ تطوراتٍ تكنولوجيةً هائلةً ومتلاحقةً في شتّى المجالاتِ، وباتتِ الأممُ والمجتمعاتُ الحديثةُ تعتمدُ اعتماداً متنامياً على تكنولوجيا الاتصالاتِ والمعلوماتِ المتصلةِ بشبكةِ الإنترنت. لكنّ نجاحَ هذا الاعتمادِ مرتبطٌ بفكرةِ الأمنِ الذي يُعَدّ الركيزةَ الأساسيةَ للمجتمعاتِ، وقد تحولَ الأمنُ مع بروزِ مجتمعِ المعلوماتِ والفضاءِ السيبرانيّ إلى واحدٍ من أهمِّ القطاعاتِ الخدماتيةِ التي تمثِّلُ قيمةً مضافةً ودعامةً أساسيةً لأنشطةِ الحكوماتِ والأفرادِ، خصوصاً في ظلِّ ظهورِ الحكومةِ الإلكترونيةِ والصحةِ الإلكترونيةِ والتعليمِ عن بُعدٍ، والتجارةِ الإلكترونيةِ والبيئةِ الإلكترونيةِ والزراعةِ الإلكترونيةِ… وغيرِها.
لقد أثبتتِ التجاربُ والأبحاثُ في العديدِ من الدولِ العربيةِ والغربيةِ أنَّ الأمنَ السيبرانيّ مجالٌ أساسيٌّ من مجالاتِ أيِّ تحولٍ رقميٍّ، ومن هنا تأتي توجيهاتُنا وإرشاداتُنا بضرورةِ تأمينِ كلِّ مستلزَماتِ هذا النوعِ من الأمنِ ومتطلَّباتِهِ، كي نعزِّزَ حمايةَ البياناتِ والبنيةِ التحتيةِ في الدوائرِ الرسميةِ والقطاعاتِ الخاصةِ من أيِّ هجماتٍ سيبرانيةٍ، خصوصاً بعد الهجماتِ التقنيةِ التي شهدناها في السنواتِ العشرِ الأخيرةِ.
وباتَ التصدي لمثلِ هذه الهجماتِ ومعالجتُها بأسلوبٍ ذكيٍّ ومبتكَرٍ، على رأسِ أولوياتِنا بما يتناسبُ مع أهميةِ المعلوماتِ لكلِّ فردٍ أو مؤسَّسةٍ، لأنَّ عدمَ حمايةِ هذه المعلوماتِ من أيِّ تلفٍ أو هجومٍ إلكترونيٍّ قد يؤثرُ سلباً في مسارِ التطورِ والازدهارِ الخاصِّ بورشةِ إعادةِ إعمارِ البلادِ.
وعلى هذا النحوِ، باتَ من واجبِ كلِّ الأجهزةِ المعنيةِ في بلدِنا الحبيبِ ليبيا، العملُ على تحقيقِ درجةٍ عاليةٍ من مستوى الأمنِ السيبرانيّ في المؤسَّساتِ الرسميةِ والشركاتِ الخاصةِ من خلال أبعادِهِ (السرية، الخصوصية، والتعزيز)، حيث إنّ النجاحَ في هذه المهماتِ يُعَدُّ جزءاً من الأمنِ الوطنيِّ لليبيا، بعد أن تحولَ أمنُ المعلوماتِ إلى عاملٍ رئيسيٍّ في مجالِ علومِ الأمنِ، ما يحتِّمُ مراجعةَ جوانبِ الخللِ في عناصرِ الخصوصيةِ.
ومن واجبِنا أيضاً الإشارةُ إلى الأهميةِ الكبيرةِ لتطبيقِ الأمنِ السيبرانيّ، من خلالِ الاعتمادِ على نظامٍ رقابيٍّ سليمٍ عصريٍّ ومتكاملٍ، بفعلِ ارتباطِهِ بتحقيقِ التنافسيةِ بين المؤسَّساتِ الرسميةِ والشركاتِ الخاصةِ، كلٌّ في مجالِها، حتى يتحقَّقَ الأمنُ المعلوماتيُّ لها من خطرِ الإرهابِ الإلكترونيِّ. ومن بينِ أهمِّ الآلياتِ التي يمكنُ الرهانُ عليها، تبنّي آليةِ عملِ التقييمِ الذاتيِّ للرقابةِ الداخليةِ الإلكترونيةِ، ومجالاتِ الأمنِ السيبرانيّ لتقييمِ المخاطرِ السيبرانيةِ للارتقاء بمستوياتِ الحمايةِ السيبرانيةِ.
ولكي تنجحَ هذه الآلياتُ والنظامُ الرَّقابيُّ، أصدرنا توجيهاتِنا للوزاراتِ والأجهزةِ المعنيةِ بضرورةِ تطويرِ القدراتِ والكفاءاتِ والمعارفِ لدى العاملينَ والموظفينَ في مؤسَّساتِ الدولةِ والشركاتِ الخاصةِ، بما ينسجمُ مع التكنولوجياتِ المعتمَدةِ في كلِّ شركةٍ.
وفي الختامِ، إنَّ النتائجَ الأوليةَ للدراساتِ التي أجريناها، أظهرتْ أهميةَ تبنّي وسائلَ فاعلةٍ للتقويمِ المستمرِ للرقابةِ الداخليةِ للحفاظِ على أمنِ المعلوماتِ باعتمادِ الأطرِ الحديثةِ للرقابةِ الداخليةِ COBIT5، ومن خلالِ تكامليةِ الإجراءاتِ والخصائصِ في ظلِّ الأطرِ الحديثةِ، بهدفِ تلافي وسائلِ اختراقِ النظمِ الإلكترونيةِ ومحاولاتِ التلاعبِ في معلوماتها.