مسلسل الحشاشين.. علامات استفهام عديدة ودراما مُسيّسة
د. سمير باكير – في هذه الأيام تشاهد مصر كلها وحتى الوطن العربي مسلسل الحشاشين. وقد أحدث هذا المسلسل، الذي يبث في أوقات الذروة التلفزيونية وبعد الإفطار، ضجة إعلامية كبيرة. والحقيقة أنه يتم عرض مسلسل آخر خارج حدود مصر في الواقع، وذلك المسلسل هو مجزرة أهالي غزة، الذي يبث كل ساعة من ساعات الليل و النهار.
وفي هذا الصدد تتبادر إلى الأذهان عدة نقاط:الفيلم التاريخي “الحشاشين” الذي تم إنتاجه عن رواية سمرقند للكاتب الفرنسي أمين معلوف (لبناني الأصل)، يحاول إثبات أن جماعة الإخوان المسلمين هي استمرار لهذه الحركة الإرهابية ويجب توعية الشعب المصري بطبيعة الإخوان المسلمين والشيعة معاً.تحاول الحكومة المصرية، خاصة بعد إعادة فوز عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية، إظهار سياسة خارجية مستقلة. على سبيل المثال، المقاومة ضد الهجرة القسرية للفلسطينيين إلى صحراء سيناء، والجهود المبذولة لتحسين مستوى العلاقات مع إيران، هي أمثلة على هذه القضية؛ ولكن يجب على حكام مصر الأذكياء أن يكونوا حذرين حتى لايقعوا في فخ المتطرفين الذين يحاولون التقليل من تحديات الحكومة المصرية بجماعة الإخوان المسلمين.
يبدو أن مصممي وكتاب مسلسل الحشاشين لا يريدون أن تتعامل الحكومة المصرية مع المشاكل الأساسية للبلاد، ومن خلال التقليل من المشاكل يحاولون تسمية جماعة الإخوان المسلمين بأنهم أعداء الوطن والناس. لماذا لا يقلق هؤلاء من تأثير السلفية والوهابية في الأزهر، ولماذا لا يتم إنتاج فيلم عن هذه الاتجاهات في مصر؟
والحقيقة أن الجرائم التي شوهدت في غزة خلال هذه الأشهر السبعة قد تكون فريدة من نوعها في التاريخ، من حرق المرضى إلى اغتصاب الأم الحامل وقتلها في مستشفى الشفاء. وفي هذه المرحلة، عندما يكون الشعب الفلسطيني في غزة في حالة حرب مع العدو الإسرائيلي، فإن إضعاف فصائل المقاومة يساعد على التطهير الاسرائيلي.
إن العالم العربي يعتبر مصر دولة متحضرة وقفت دائماً على الجانب الصحيح من التاريخ، والآن وهي تواجه اختباراً مثل دعم الشعب الفلسطيني، لا ينبغي لها أن تقلل من مستوى وعي الشعب بالتهديدات التي يواجهها النظام من جانب جماعة الاخوان. في الواقع فإن إظهار تهديدات الإخوان بدلاً من إظهار الإبادة الجماعية في غزة هو نوع من اللعب على أرض العدو الإسرائيلي.إن نظرة المسلمين وأحرار العالم في هذه اللحظة التاريخية التي يتعرض فيها شعب غزة للضغط، هي مراقبة سياسات وتصرفات الحكومة المصرية لمعرفة بأن الحكومة المصرية تتبنى سياسات مستقلة أم تصمت عن التطورات في غزة تحت ضغوط القوى الدولية.