نتجهُ إلى استراتيجيةِ التنويعِ الاقتصاديِّ لزيادةِ نموِّ الناتجِ المحليِّ باستثمارِ مواردِنا وتوسيعِ سلَّةِ صادراتِنا
يُعتَبَرُ الاعتمادُ على الموردِ الواحدِ (النفط) سببَ حصولِ الدولِ الريعيةِ على مواردَ ماليةٍ مُعتَبَرةٍ، تُمكِّنُها من تغطيةِ احتياجاتِها وتمويلِ مشاريعِها. إلا أنَّ تكرارَ الأزَماتِ النفطيةِ العالميةِ، وتراجعَ أسعارِ النفطِ في الأسواقِ الدوليةِ، أديا إلى تعرُّضِ بعضِ هذهِ الدولِ لعجزٍ في ميزانياتِها. ومن هذا المنطلَقِ، أدركَ العديدُ منَ الدولِ التي تعتمدُ على النفطِ ضرورةَ التوجُّهِ نحوَ التنويعِ الاقتصاديِّ والاعتمادِ على القطاعاتِ الاقتصاديةِ الأخرى، من أجلِ تنويعِ مصادرِ دخلِها، والتقليلِ من آثارِ تقلُّباتِ أسعارِ النفطِ عالمياً، التي تنعكسُ آثارُها على المؤشِّراتِ الاقتصاديةِ الكليةِ.
إنَّ أحدَ الحلولِ المطروحةِ بإلحاحٍ في حالةِ ليبيا، ضرورةُ تبنّي استراتيجيةٍ للتنويعِ الاقتصاديِّ، أساسُها الحكمةُ في إدارةِ تقلُّباتِ أسعارِ المواردِ الاقتصاديةِ، كمنهجٍ متكاملٍ فيه مبادئُ الاستدامةِ بمعناها الحقيقيِّ والشاملِ، ومن هنا جاءَ إدراجُنا التنويعَ الاقتصاديَّ، باعتبارِهِ واحداً من الأهدافِ الرئيسيةِ في خُططِنا واستراتيجيتِنا التنمويةِ.
وحتى اليومِ لا يزالُ بلدُنا يعتمدُ على العوائدِ النفطيةِ كمصدرٍ رئيسيٍّ للدَّخلِ، حيثُ يشكلُ قطاعُ النفطِ في اقتصادِنا الوطنيِّ نحوَ 94% من إيراداتِ النقدِ الأجنبيِّ، و60% منَ العائداتِ الحكوميةِ و30% منَ الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ، حسبَ إحصائياتِ عامِ 2020، وهذه النِّسَبُ تجعلُ من أداءِ اقتصادِنا رهينةَ 3 عوامل (نفطية)، هي: تقلباتُ الأسعارِ العالميةِ للنفطِ، تراجعُ كمياتِ الإنتاجِ، بالإضافةِ إلى أنّ النفطَ موردٌ طبيعيٌّ آيلٌ إلى النُّضوبِ.
بالتالي، فإنّ وطنَنا الحبيبَ يحتاجُ إلى تنويعِ اقتصادِهِ للحدِّ منَ الاعتمادِ على النفطِ كمصدرٍ رئيسيٍّ للدَّخلِ، خصوصاً أنه يمتلكُ العديدَ منَ المواردِ الطبيعيةِ غير النفطِ والغازِ، التي لها القدرةُ على دفعِ عجَلةِ التنميةِ، ولكنها حتى اليومِ لم تُستَثمَرْ بالنَّحوِ الأمثلِ.
ومن بينِ أنماطِ التنويعِ الاقتصاديِّ التي باشرَتْ فِرَقُ العملِ المُتخَصِّصةُ والمُكَلَّفةُ السَّيرَ ضِمنَ الاستراتيجيةِ المُشارِ إليها:
– التنويعُ في جعلِ الهيكلِ الإنتاجيِّ (الصناعيِّ) المحليِّ أكثرَ تنوعاً وذا قاعدةٍ اقتصاديةٍ عريضةٍ.
– توسيعُ سلةِ الصادراتِ ودخولُ أسواقٍ جديدةٍ للتصديرِ. وعموماً، تنويعُ الأسواقِ يقلِّلُ منَ التعرُّضِ للصَّدَماتِ الخارجيةِ، ويعملُ على تخفيفِ سرعةِ الطَّلَبِ والمنافسةِ الجديدةِ، بالإضافةِ إلى أنَّ التصديرَ إلى أكثرَ من بلدٍ يُعتَبَرُ مؤشِّراً على قدرةِ ليبيا على المنافسةِ إقليمياً ودولياً. كذلك، فإنَّ الاعتمادَ على عددٍ كبيرٍ منَ المُنتَجاتِ المُصَدَّرةِ، ووُجهاتِ التصديرِ عموماً، أفضلُ من َالتركيزِ على القليلِ.
إنَّ توجُّهَنا نحوَ استراتيجيةِ التنويعِ الاقتصاديِّ يهدِفُ إلى تحقيقِ أكبرِ عددٍ من مصادرِ الدخلِ الرئيسيةِ في اقتصادِنا، ومن أهمِّها:
1- تقليلُ المخاطرِ الاستثماريةِ: حيثُ يُسهِمُ التنويعُ الاقتصاديُّ في زيادةِ مُعَدَّلاتِ النموِّ الاقتصاديِّ من خلالِ زيادةِ فرصِ الاستثمارِ.
2- تقليصُ المخاطرِ المؤديةِ إلى انخفاضِ حصيلةِ الصادراتِ: فعندَ انخفاضِ أسعارِ المُنتَجاتِ المُصَدَّرةِ، تنخفضُ عوائدُ الصادراتِ منَ العُملةِ الأجنبيةِ، ما يؤدي إلى تقليصِ إمكاناتِ الدولةِ في تمويلِ الوارداتِ أو تمويلِ عمليةِ التنميةِ الاقتصاديةِ.
3- توليدُ فرصِ العملِ: ذلك أنَّ التنويعَ يحفِّزُ النموَّ الاقتصاديَّ ويحققُ التنميةَ المستدامةَ ويزيدُ من درجةِ الترابطِ والتشابكِ بين القطاعاتِ الاقتصاديةِ، وكلُّ ذلك يؤدي إلى زيادةِ الطلبِ على العمالةِ، ويولِّدُ الفرصَ الوظيفيةَ، ويقلِّصُ من معدَّلاتِ البَطالةِ.