نحوَ تطويرِ الريِّ الزراعيِّ وتحسينِ إدارةِ المواردِ المائيةِ
يُحققُ الاستثمارُ في الريّ الأمنَ الغذائيَّ لسكانِ أيّ بلدٍ، وهو يزيدُ من دخلِ المزارعين، ويساعدُهم على إدارةِ المخاطرِ، ويعزّزُ صمودَهم تُجاهَ التحدّياتِ المُناخيةِ. وتتنوعُ أساليبُ الريِّ الحديثِ بينَ:
-الريّ بالتنقيطِ، وهو نظامُ ريٍّ حديثٍ يتميزُ بكفاءتِهِ العاليةِ في استخدامِ الماءِ، يُستَخدَمُ في ريّ مختلِفِ أنواعِ المحاصيلِ، إما بالخطوطِ وإما بالريِّ تحتَ السطحيِّ.
-الريّ بالرشِّ: يُستَخدَمُ في ريّ المِساحاتِ الكبيرةِ من الأراضي عبرَ الريِّ بالرذاذِ وريِّ الضبابِ.
– الريّ تحتَ السطحيِّ: وهو نظامُ ريٍّ حديثٌ يتميزُ بكفاءتِهِ العاليةِ في استخدامِ الماءِ، يُستخدَمُ بطُرُقٍ مختلفةٍ، كالريِّ بالشعيراتِ أو بالأنابيبِ المُثَقَّبةِ.
-الريّ بالهيدروبونيك: نظامُ ريٍّ حديثٌ لا يستخدمُ التربةَ. يساعدُ في ريِّ الخضرواتِ والفواكهِ.
-الريُّ بالطاقةِ الشمسيةِ: يُستخدَمُ في المناطقِ التي لا تتوافرُ فيها شبكةُ كهرُباء.
تُعَدُّ مشكلةُ عدمِ توافرِ المياهِ وقلةِ مصادِرِها منَ العواملِ الرئيسيةِ المؤثّرةِ في تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ فـي ليبيا، فليبيا تعتمدُ على المياهِ الجوفيةِ بنسبة 95.6٪، ومـيـاهِ الــوديــانِ بنسبةِ 2.7٪، ومـــيـــاهِ الـتـحـلـيـةِ بـنـسـبـةِ 1.4٪، والــمــيــاهِ المُعادِ اسـتـخـدامُها بعد معالجتِها بـنـسـبـة 0.7٪. وللتغلّبِ على مشكلةِ العجزِ المائيِّ في الشريطِ الساحليِّ، أُنشئ بعضُ المشاريعِ كـ “النهرِ الصناعيِّ”، حيث تُنقَلُ المياهُ عبرَ شبكةٍ مـن الأنابيبِ منَ الأحـواضِ المائيةِ الجوفيةِ في الجنوبِ إلى المناطقِ الساحليةِ في الشَّمالِ، إضافةً إلى إنشاءِ العديدِ من محطاتِ التحليةِ الصغيرةِ والمتوسطةِ على طولِ الساحلِ الشماليِّ لليبيا.
وتُعتبَرُ إدارةُ المواردِ المائيةِ عاملاً محدِّداً لكلِّ مجهوداتِ التنميةِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ، وفي هذا الإطارِ يرى الدكتور الصدّيق حفتر أنّه “يجبُ استخدامُ أساليبَ متطوّرةٍ لإدارةِ المواردِ المائيةِ بشكلٍ فعّال، والحفاظُ على المياهِ، وتنفيذُ تدابيرَ للحدِّ من هدرِها، والقيامُ بحمَلاتِ توعيةٍ عامةٍ، واستخدامُ التكنولوجياتِ الموفِّرةِ للمياهِ، إضافةً الى تبنّي سياساتِ ترشيدِ الاستهلاكِ في الأُسَرِ والقطاعِ الزراعيِّ”. ويشدّدُ أيضاً على إعادةِ استخدامِ المياهِ وتدويرِها، ومعالجةِ مياهِ الصَّرفِ الصِّحيِّ وإعادةِ استخدامِها في الأغراضِ غيرِ الصالحةِ للشُّربِ، مثلِ الريِّ أو العملياتِ الصناعيةِ، الأمرُ الذي يُقلِّلُ من الطلبِ على مصادرِ المياهِ العَذبةِ، ومن تلوُّثِ المُسطَّحاتِ المائيةِ”.
لا يمكنُ تحسينُ المواردِ المائيةِ من دونِ إدارةِ مواردِ المياهِ الجوفيةِ التي تُعتبَرُ مصدراً حيوياً للمياهِ العَذبةِ في العديدِ من المناطقِ الليبيةِ. لذلكَ، يجبُ مراقبةُ استخراجِها وتنظيمُهُ، لمنعِ الاستغلالِ المُفرِطِ واستنزافِ طبقاتِ المياهِ الجوفيةِ. يمكنُ مثلاً تنفيذُ تدابيرَ مثلِ إعادةِ تغذيةِ المياهِ الجوفيةِ وتقنياتِ التغذيةِ الاصطناعيةِ. كلّ ذلك يتطلّبُ اعتمادَ نهجٍ متكاملٍ يأخذُ في الاعتبارِ الترابطَ بينَ المواردِ المائيةِ والنُّظُمِ البيئيةِ والأنشطةِ البشريةِ والتخطيطِ والتعاونِ الشاملِ بين مختلِفِ أصحابِ المصلحةِ لضمانِ الاستخدامِ والإدارةِ المستدامَين للمواردِ المائيةِ.
بالمُحصّلةِ، وبرأيِ الدكتور حفتر، “يجبُ مشاركةُ جميعِ القطاعاتِ المعنيةِ في إدارةِ المواردِ المائيةِ، توفيرُ المُناخِ المُناسبِ، صياغةُ السياساتِ والاستراتيجياتِ ووضـعُ الأطرِ التشريعيةِ وبناءُ قُدُراتِ الأفرادِ والمؤسَّساتِ، جذبُ الاستثماراتِ لتمويلِ المشروعاتِ المائيةِ، تعزيزُ مبدأ المشاركةِ مع القطاعِ الخاصِّ والمستثمرين، تفعيلُ دورِ المجتمعِ المدنيِّ وتحقيقُ التعاونِ بين الدولِ المشتركةِ فـي المواردِ المائيةِ بإعدادِ الآلياتِ الآيلةِ إلى تحقيقِ الفائدةِ لكلِّ الأطرافِ”.