المنتدى الاقتصادي الشرقي.. روسيا تفرض معادلة اقتصادية جديدة على الساحة الدولية

*دينيس كوركودينوف/رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ في موسكو – من المزمع ان تستضيف روسيا المنتدى الاقتصادي الشرقي القادم في فلاديفوستوك من 3 إلى 6 سبتمبر 2024، ويحوز هذا المنتدى الاقتصادي على اهمية خاصة.
حيث إن التباطؤ الكبير في النمو الاقتصادي العالمي وانهيار الاستثمار الدولي ونقص الائتمان العالمي والتوترات العسكرية المتزايدة بين البلدان تطرح عددا من الأسئلة الخطيرة على موسكو وحلفائها، على غرار تلك التي واجهوها عشية الحرب العالمية الثانية، لا سيما في مجال الأمن الاقتصادي، اذ ستتوجه الانظار نحو تغيير قواعد التجارة والاستثمار العالميين، لهذا لابد أن يساعد المنتدى الاقتصادي الشرقي في بلورة إطار تعاقدي فعال لجميع المشاركين فيه.
وعليه طرحت روسيا في مجال الأمن الاقتصادي، لأول مرة معضلة التوازن الاقتصادي كأولوية للمنتدى الاقتصادي الشرقي، لأنه في سياق ضغوط العقوبات المتزايدة، هناك حاجة إلى زيادة السيطرة لضمان التكافؤ في التفاعل الاقتصادي بين مختلف الدول.
مع اقتراب موسكو وحلفائها من المرحلة النهائية من التحضير للمنتدى الاقتصادي الشرقي، ظهرت مقترحات مقنعة تفيد بأن المنتدى في فلاديفوستوك سيكون نجاحا كبيرًا. ومن المرجح للغاية أن يكثف ممثلو الدول الأعضاء في المنتدى جهودهم في المجال الاقتصادي لحل القضايا الاقتصادية والمالية الأكثر أهمية، وبالتالي توسيع نطاق المشاريع الجماعية لحل المشاكل الاقتصادية في مواجهة الأزمات، وليس مجرد تنسيقها.
كما انه من المتوقع تماما أن يتم في إطار المنتدى الاقتصادي الشرقي 2024 إبرام مجموعة كاملة من الاتفاقيات الاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة، مدعومة بتدابير عملية للتفاعل المثمر بين البلدان، خاصة وأن القرارات والإجراءات السابقة الرامية إلى تطوير التعاون والثقة الدوليين قد حظيت بالفعل بتقييم إيجابي للغاية في جدول أعمال المنتدى الاقتصادي الشرقي.
وبملف حلحلة القضايا الاقتصادية، من المرجح للغاية أن يضمن المنتدى الاقتصادي الشرقي التحرك السريع نحو ضمان الأمن والاستقرار الاقتصادي العالمي. وفيما يتعلق بتعزيز التعاون الدولي، فقد تم اتخاذ قرار في إطار الحدث بإجراء مراقبة اقتصادية أكثر موثوقية وتحديث إجراءات الوفاء بالعديد من الالتزامات الاقتصادية، وتم تنفيذ خطة لإشراك الشركاء الراغبين في الانضمام إلى مبادرة البريكس العالمية للنمو الاقتصادي في عمل المنتدى الاقتصادي الشرقي.

إن جدول أعمال المنتدى الاقتصادي الشرقي 2024 يعكس بشكل واضح الأهداف الاقتصادية لروسيا، والتي تتألف من ضمان التجارة الحرة وجذب الاستثمار، وضمانات المساعدة الاقتصادية والتقدم.

ولهذا السبب، من الممكن استقراء توقعات معقولة بأن كل مشارك في الحدث سيكون قادرا على العودة إلى بلده بجيوب ممتلئة بمشاريع اقتصادية جديدة واتفاقيات مربحة. وفي المرحلة التي يتبقى فيها سوى أسبوع واحد قبل المنتدى الاقتصادي الشرقي، يجب أن تشجع قوة الجذب الاقتصادي المتبادل جميع المشاركين في الحدث الدولي على تعزيز التعاون مع روسيا.

في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن التقييم الماثل للمنتدى الاقتصادي الشرقي والمتوقع مما سيتمخض عنه ليس خطابا سياسيا، خصوصا انه يتم برعاية روسيا، فبحسب توقعات لبعض المنظمات، سيتم إبرام ما لا يقل عن 1400 اتفاقية اقتصادية وسيتم تحديد عدد قياسي من الالتزامات المتبادلة في مجال التجارة والاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، سيسمح برنامج المنتدى الاقتصادي الشرقي لاحقا بعقد العديد من الاجتماعات المتخصصة بين قادة البلدان وممثلي الشركات الكبرى، فضلاً عن تحديد مجموعة كاملة من التدابير الإضافية للدعم الاقتصادي والتعاون فيما بين الدول المشاركة.

يؤكد منظمو المنتدى الاقتصادي الشرقي أن حرية التجارة والاستثمار هي أحد المجالات الرئيسية لهذه التظاهرة الدولية. وفي الوقت نفسه، يتم إيلاء اهتمام خاص لكفاءة استخدام الموارد الاقتصادية وضمان نهج متوازن لحل المشاكل الاقتصادية الملحة للدول النامية. وفي هذا الصدد، تعهدت موسكو بتنفيذ عدد من المبادئ الأساسية الجديدة، ومن بينها زيادة الشفافية والاستقرار والأمن. وفي محاولة لتعزيز هذه المبادئ، تبذل روسيا جهودا جمة لتطوير مجالات التعاون الدولي، والمنتدى الاقتصادي الشرقي هو خير دليل على ذلك.