الحكومة الالكترونية خيار لا بديل عنه لمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية وفتح آفاق جديدة للإستثمار
يتميز عصرنا الحالي بالتوجه المتزايد نحو اعتماد التكنولوجيا في شتى المجالات دون استثناء ، وبغرض عقلنة عمليات الاستغلال ولتسهيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية وزيادة رفاهية المجتمع ، وهذا يتحقق من خلال رقمنة قطاع الخدمات وخصوصا الخدمات المجتمعية وعلى راسها الحكومة التي تمثل كل الخدمات بدرجة أولى ، ولهذا تعتبر رقمنة الحكومة او ما يطلق عليها الحكومة الالكترونية ( E-Gouvernement) حجر الزاوية لتحقيق الرفاهية الاجتماعية من جهة، وربط وتنسيق كل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية من جهة اخرى، من خلال منصاتها عن بعد .
فعملية رقمنة الحكومة أصبحت خيارا ضروريا لا بديل عنه في ظل التطورات التي يشهدها العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص وعلى كافة الأصعدة، ومن هنا يظهر جليا اعتماد المنظومة العالمية وحتى الإقليمية على تكنولوجيا الاعلام والاتصال ، خصوصا ما يتعلق بالقطاع الاقتصادي الذي يشكل حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي .
أما على مستوى بلدنا الحبيب ليبيا فإن اعتماد الحكومة الرقمية كما هو مقرر في ورشة إعادة الإعمار سيؤدي إلى تسريع التطور الاقتصادي من جهة وتقليل الفجوة التنموية التي لا تزال تشهد توسعا بسبب التطور المستمر الذي تشهده التكنولوجيا ، وخصوصا في قطاع الخدمات الحكومية سواء اتجاه المجتمع أو اتجاه المؤسسات الاقتصادية أو حتى الحكومات العربية والأجنبية التي تتعامل معها .
في الواقع يمكن أن نصف الحكومة الرقمية بأنها ثورة في الفكر والتنفيذ وثورة للقضاء على هدر الوقت والجهد والموارد ، ولكن علينا أن ندرك جيدا أن هذا الاسلوب المتطور في العمل يتطلب الكثير من بنية تحتية قوية لأنظمة الاتصالات والمعلومات ووضع الإطار التشريعي المناسب والهيكل التنظيمي الملائم لمنظومة عمل الحكومة الالكترونية ، بالإضافة إلى نشر وتعميم الثقافة الرقمية وتعميم الوعي بمفهوم الحكومة الالكترونية وأهميتها، والفوائد التي يمكن اعتبار تطبيق هذا المفهوم، ليس كتطبيق تكنولوجي فقط وإنما كتطبيق اجتماعي وسياسي واقتصادي واتصالي، هدفه خدمة الأفراد بأقل جهد ووقت ومال .
هناك حقيقة لا يمكن إغفالها وهي أن عالم اليوم وبمستجداته أصبح يحكم على المجتمع بأنه متقدم من خلال تميزه بثلاث شروط أساسية وهي المسائلة والشفافية والحكم الصالح، وهذه تمثل ركائز الحكومة الالكترونية . فهي تعد أحد العلاجات الواقية من انتشار الفساد من جانب، والعمل على منعه من جانب آخر . كما أن مقتضيات الإصلاح الإداري يلزم المؤسسات الحكومية بنمط الشفافية والوضوح في مناهج عملها، وأن تتيح جدية الوصول الى المعلومات عما تقوم به من أعمال للمواطنين، وليس فقط استجابة لطلباتهم بل بمبادرات منها .
وفي الختام إن مؤشرات الاداء الخاصة بالحكومة الالكترونية أضحت ذات أهمية بالنسبة لجمهور المهتمين بالوزارات والمديريات التابعة لها، ومن بين هذا الجمهور المستثمرون الجدد المرتقبون الذين يتخذون منها وسائل مساعدة لهم في اتخاذ قراراتهم، أكانوا رجال أعمال محليين أو عرب أو أجانب، أو مؤسسات وشركات رسمية عربية أو أجنبية، وبالتالي فتح آفاق جديدة من التعاون والتنسيق وتوقيع اتفاقيات التعاون مع هؤلاء بما فيه خير وتقدم وازدهار ليبيا الحبيبة .