سنة من الإنجازات
سمير باكير – قبل عام، في مثل هذه الأيام، قدمت المقاومة في غزة مبادرة كبيرة لم تقتصر فقط على تدمير الهيمنة العسكرية، الاستخبارية، والأمنية للكيان الصهيوني، بل غيرت أيضًا جميع المعادلات الإقليمية وأحيانًا العالمية. قبل عام، أطلقت غزة “عاصفة الأقصى”، التي لم يتمكن الكيان الصهيوني وداعموه الغربيون، رغم مرور عام من الإبادة الجماعية في غزة ولبنان واغتيال قادة كبار مثل الشهيد إسماعيل هنية وقادة حزب الله بما فيهم السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله والمستشارين العسكريين الإيرانيين البارزين مثل اللواء نيلفروشان، من تقليص حجم الإهانة التي تعرضوا لها في “طوفان الأقصى”، خاصة أن العمليات الكبيرة مثل الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي شنها الحوثيون والمقاومة العراقية والعمليات الصاروخية “الوعد الصادق 1 و 2” للجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد هذا الكيان، قد زادت من شعورهم بوهن بيت العنكبوت الصهيوني.
أما فيما يتعلق بما حدث خلال هذا العام من “عاصفة الأقصى”، فإن القضية الرئيسية هي الأسباب والجذور وراء هذه العملية. على الرغم من أن أسبابًا مثل 75 عامًا من الاحتلال والجرائم و16 عامًا من حصار غزة من قبل الصهاينة وداعميهم كانت الأساس الذي دفع المقاومة في غزة إلى استخدام حق الدفاع المشروع ضد الاحتلال، إلا أن نظرة واقعية إلى التطورات الإقليمية تكشف عن حقيقة أكبر وهي بصيرة المقاومة في غزة ومعرفتهم بالعدو وتعهدهم تجاه المنطقة والدول الإسلامية والبشرية جمعاء. كانت الخطة الأخيرة للأمريكيين هي تحويل الكيان الصهيوني إلى نقطة اتصال ونقل للطاقة والتجارة في المنطقة بحيث يتم تصدير النفط والغاز والسلع عبر هذا الكيان إلى خارج المنطقة، ويتم الاستيراد عبر هذا الكيان. ووفقًا لهذه الخطة، ستفقد دول المنطقة، وفي النهاية العالم الإسلامي، أي استقلال سياسي أو اقتصادي أو أمني، وسيصبحون تابعين لهذا الكيان، بينما تسيطر أمريكا على موارد وثروات المنطقة وتفرض نظامها الأحادي القطب على العالم والبشرية. لذلك، لم تكن “عاصفة الأقصى” مجرد عمل للفلسطينيين، بل كانت مبادرة من المقاومة في غزة التي رأت أن كل ضربة للكيان الصهيوني هي عمل لحماية العالم الإسلامي والبشرية. وبناءً على ذلك، فإن دعم غزة هو واجب على كل فرد من الأمة الإسلامية وحتى المجتمع الدولي لرد الجميل لشعب غزة ولبنان بعد ذلك.
النقطة الأخرى هي أن التطورات على مدار العام الماضي أظهرت أن العدو الصهيوني وداعميه الغربيين لا يفهمون إلا لغة القوة، حيث أن ما أدى إلى هزيمتهم على مدار عام من حرب غزة، وفشلهم في لبنان رغم اغتيال قادة حزب الله، وفشل خططهم الإقليمية رغم الاغتيالات والجرائم الكثيرة، هو قوة المقاومة أو ما يسمى بالميدان. ولذلك، فإن الخيار الأول والأساسي للعالم الإسلامي وأحرار العالم في مواجهة الوحشية الصهيونية والغربية هو الميدان، الذي أدى إلى يقظة كبيرة في الرأي العام العالمي. إلى جانب الميدان، هناك عامل يسمى الدبلوماسية، والتي يعد ارتباطها بالميدان أمرًا ضروريًا لتحقيق الأهداف في مواجهة المؤامرة الصهيونية-الأمريكية. لكن النقطة المهمة هي أنه نظرًا لطبيعة الخطة المقابلة المخادعة وغير الجديرة بالثقة، يجب أن تكون هذه الدبلوماسية موجهة أولاً نحو توعية العالم بعدالة الشعب الفلسطيني واللبناني في الدفاع عن أنفسهم وبلدانهم ضد الاحتلال، وإدانة الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني وداعموه. وثانيًا، يجب أن تكون محورها تعزيز الوحدة الإسلامية لدعم فلسطين ولبنان. كما ذكر سابقًا، فإن المؤامرة تستهدف العالم الإسلامي والبشرية جمعاء، لذا فإن الوحدة الشاملة في مواجهة هذا الوضع تعد أمرًا ضروريًا. وقد كانت المشاورات والمواقف التي اتخذها الرئيس الطبي في قطر، وكذلك زيارة وزير الخارجية الإيراني عراقجي إلى لبنان في حالة الحرب وسوريا، في هذا الإطار، مما يشير إلى أن إيران، إلى جانب الميدان (وعد صادق 2)، قد وضعت الدبلوماسية أيضًا في خدمة أمن المنطقة والبشرية، لأن إيران تعتبر أمن المنطقة والعالم الإسلامي هو أمنها، وترى أن الارتباط بين الدبلوماسية والميدان هو عامل لتحقيق هذا الهدف.