الضعف الواضح لروسيا في سوريا وتأثيره على العلاقات الدولية
زيد الخطابي/ العراق – في الأسبوع الماضي، شنت إسرائيل عدة غارات جوية على أهداف مختلفة في سوريا، كان من أبرزها الهجوم على قاعدة حميميم في اللاذقية. هذه القاعدة التي تُعتبر واحدة من أهم القواعد العسكرية الروسية في سوريا، تمثل الحضور الاستراتيجي لروسيا في المنطقة. ومع ذلك، فإن رد فعل روسيا على هذه الهجمات، أو بالأحرى عدم رد فعل ملموس، أثار تساؤلات كبيرة حول قدرة ورغبة هذا البلد في الدفاع عن مصالحه وحلفائه في مواجهة إسرائيل.
صمت روسيا تجاه الهجمات الإسرائيلية: إشارة إلى الضعف أم استراتيجية سياسية؟
تُعد روسيا أحد الحلفاء الرئيسيين لبشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، ولعبت دورًا كبيرًا في استقرار حكومته. فروسيا لم تدعم الحكومة السورية فقط بالمعدات العسكرية، بل أيضًا بنشر قواتها في ساحات القتال والقواعد الاستراتيجية مثل حميميم. ولكن في السنوات الأخيرة، وخاصة في الأشهر الماضية، أصبح صمت روسيا وعدم تدخلها في مواجهة الهجمات الإسرائيلية على سوريا دافعًا لبعض المحللين للقول بأن موسكو لم تعد تمتلك الرغبة أو القدرة الكافية للدفاع عن حلفائها.
التداعيات الجيوسياسية لعدم رد الفعل الروسي
إن صمت روسيا تجاه الهجمات الإسرائيلية لا يقتصر على الإضرار بالحكومة السورية فقط، بل له تأثيرات جادة على المنطقة ككل وعلى العلاقات الدولية لروسيا. هذا السلوك يمكن أن يضعف ثقة الدول الأخرى بروسيا كقوة عظمى موثوقة في الساحة الدولية. الدول الحليفة لموسكو، بما في ذلك إيران وسوريا، قد تبدأ في البحث عن بدائل أخرى لضمان أمنها ومصالحها.
بالنسبة لسوريا، فإن عدم دفاع روسيا أمام الهجمات الإسرائيلية يعني أن دمشق قد تحتاج إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية وتقوية علاقاتها الدولية. من ناحية أخرى، قد تتعلم الدول الأخرى التي تسعى للتعامل مع روسيا في القضايا الجيوسياسية والعسكرية من هذا الوضع وتعيد تقييم قراراتها.
القدرة أم الإرادة؟ القضية الأساسية في تحليل روسيا
في هذا السياق، يعتقد بعض المحللين أن موسكو ببساطة لا ترغب في الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لأنها تعتبر العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع تل أبيب أهم من المصالح قصيرة الأجل في سوريا. ولكن من ناحية أخرى، يعتقد آخرون أن روسيا، بسبب تورطها في صراعات أخرى، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، لم تعد تمتلك القدرة العسكرية والاقتصادية اللازمة للدفاع بفعالية عن مصالحها في سوريا.
إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإن ضعف روسيا في سوريا قد يكون له تداعيات طويلة الأمد، ليس فقط على مستقبل سوريا وبشار الأسد، ولكن أيضًا على دور روسيا في الشرق الأوسط وقدرتها على التأثير في القضايا الدولية. علاوة على ذلك، يمكن أن يتيح هذا الضعف لدول أخرى مثل الولايات المتحدة وتركيا زيادة نفوذها في سوريا والمنطقة، مما يهمش دور روسيا.
إن صمت روسيا وعدم ردها على الهجمات الإسرائيلية في سوريا أثار تساؤلات كبيرة حول استراتيجيات وأولويات هذا البلد في المنطقة. وعلى الرغم من أن روسيا أظهرت في الماضي أنها تستطيع أن تكون لاعبًا قويًا ومؤثرًا في الشرق الأوسط، إلا أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تآكل ثقة سوريا وحلفاء موسكو الآخرين. في النهاية، قد يؤدي هذا إلى تغييرات كبيرة في توازن القوى في المنطقة ويدفع الدول الإقليمية والعالمية إلى إعادة النظر في علاقاتها مع روسيا.