الحرب ليست الخيار الوحيد: نقد مقاربة القوة في التعامل بين الولايات المتحدة وإيران

نورة بدوي – تتصاعد توترات العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بين رسائل دبلوماسية توحي بضرورة التوصل لاتفاق نووي يؤدي إلى السلام في المنطقة مقرون بضغوط اقتصادية وسياسية أميركية، وتلويح باستخدام الخيار العسكري في حال عدم الاستجابة، مقابل تعاطٍ إيراني متوازن مع الإدارة الأمريكية ورسائلها يعكس من جهة لغة دبلوماسية إيرانية منفتحة رافضة لأي نهج تفاوضي تحت الضغط، وإظهار لقدرات إيران العسكرية الكبيرة القادرة على الدفاع عن سيادتها وأمنها القومي ومصالحها في ظل امتلاكها العديد من الخيارات والأوراق التي تشكّل مناورة سياسية وعسكرية محفوفة بالمخاطر.

تثار الشكوك والاحتمالات حول قدرة الضغط العسكري و الحرب في حال اتخاذها من قبل الإدارة الأميركية على تحقيق الأهداف ضد إيران في حال استبعاد الخيار الدبلوماسي التفاوضي بما تمثله الولايات المتحدة من قوة عسكرية عظمى ومتطورة، في حين امتلاك إيران لخيارات من شأنها إعادة حسابات واشنطن تتمثل في :

1- استهداف المصالح الأميركية والقواعد العسكرية في المنطقة العربية ضمن خطط مسبقة.

2- التحكم بأمن المضائق وخاصة مضيق هرمو الذي تمر عبره التدفقات الأساسية لأسواق النفط العالمية.

3- قدرة إيران الصاروخية وامتلاكها ترسانة أسلحة متطورة قادرة على إحداث فروقات على صعيد الإقليم.

على الرغم من السيناريوهات المتعلقة بعواقب الموجهة العسكرية المباشرة بين الطرفين، إلّا أن حسابات الفعل ورد الفعل تبقى الضابطة لما يمكن تهيله من أهداف، محكومة بمراقبة شاملة لما يمكن أن يترتب على هذه المواجهة من اتساع رقعتها لتشمل حرباً إقليمية.

هنا تبرز أيضاً الرسالة الأخيرة التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إيران مخاطباً المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي الخامنئي بسعي واشنطن إلى حل مسألة الملف النووي عبر المفاوضات، المقرونة بنوع من الضغوط والرد الإيراني المفصّل الذي سلّمه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى عبر سلطنة عمان بانفتاح إيران على أن تكون المفاوضات مبنية على اتفاق عام 2015 والاحترام المتبادل، وبيان طهران لشبكة تحالفاتها المبنية على الاتفاقات الثنائية ورفض أية ضغوط بأي مستوى كان، من شأنها استحصال أهداف تسعى وانطن لتحقيقها.

يتبين أنه تحكم فرص العلاقة بين واشنطن وطهران مقاربة موضوعية مبنية على الهواجس و درجة اعتمادية الثقة وما يمكن أن يتم تقديمه كضمانات خاصة من قبل الولايات المتحدة تحترم فيها السيادة والمصالح الإيرانية، أو التصعيد العسكري الذي سيؤدي إلى مواجهة شاملة ستكون تكاليفها ونتائجها أكبر بأضعاف مقارنة بالمكاسب التي من الممكن التوصل إليها.

 

 

غزت الولايات المتحدة الأمريكية في شهر آذار عام 2003 العراق بمساعدة حلفائها وخارج موافقة مجلس الأمن بهدف نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان حسب زعمهم إلا أن ما رآه العراقيون من دمار وخراب وعدد هائل من الشهداء والجرحى إضافة لاستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ومارسخوه من نظام سياسي طائفي وفق دستور بريمر وما أحدثه الغزو من تراجع وتخلف وفساد في كافة المجالات دفعه للانتفاضة والمقاومة رغم كل القوة والجبروت الأمريكي إذ تبين للعراقيين أن حجة الأمريكيين في غزوهم للعراق لمكافحة الإرهاب هي باطلة بل في عهدهم انتشر الإرهاب كما انكشف للعالم كذب حجة أسلحة الدمار الشامل.

صحيح أنهم أسقطوا صدام حسين ونظامه إلا أنها لم تستطع تأمين الأمن والسلام إذ إن القرارات التي تم اتخاذها من حل للجيش والأجهزة الأمنية واستبعاد عدد من الكفاءات التي كانت موجودة سواء في المجال العسكري أو المدني أسهم في نشر العنف والتطرف والفقر والفوضى والنهب مما اضطر الولايات المتحدة لنشر جنود إضافية في العراق لضبط الأمن وقد أصيب الشعب الأمريكي بخيبة أمل من الحرب ومن سياسة دولته الخارجية حيث قامت عدة مظاهرات ترفض الحرب على العراق إضافة إلى الخسائر الفادحة في صفوف الجيش الأمريكي والتكلفة المالية العالية التي تقتطع من أموال دافعي الضرائب.

وفي تصريح لصحيفة نيويورك بوست الأمريكية قال ترامب إن إطلاق الرئيس الأسبق جورج بوش الابن حملة غزو للعراق عام 2003 كان أسوأ قرار تم اتخاذه في تاريخ الولايات المتحدة.

أما في اليمن فقد شنت الولايات المتحدة مجدداً هي وحلفائها في المنطقة حربها على اليمن منذ سنة 2015 وفشلو في إخضاع اليمن شعباً وقيادة رغم ما تم حشده من موارد وقوات وتدمير للمعلومات الاستخباراتية ، فاليمن صمد وقاوم وقام بعمليات بطولية داخل أراضي العدو.

وكما في العراق كذلك في اليمن قامت أمريكا مع حلفائها بجرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان من خلال استخدم الأسلحة المحرمة دولياً و اتباع سياسة الحصار والتجويع.

 

وأكبر دليل على فشل الحرب على اليمن هو فشل الحرب في تحقيق أهدافها ودخول اليمن في معركة الإسناد نصرة لفلسطين واستهداف السفن الذاهبة لموانئ الكيان التي ألحقت خسائر اقتصادية فادحة به وذهب اليمن إلى أبعد من ذلك حيث قام باستهداف عدة مواقع للكيان داخل أراضي فلسطين المحتلة ورداً على هذا كله قامت الولايات المتحدة هي وحلفائها بتأسيس تحالف حارس الازدهار لإيقاف اليمن وفشل هذا التحالف حيث قام اليمنيون مجدداً باستهداف البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية

واليوم عادت وتجددت الحرب الأمريكية على اليمن باستهداف عدة مواقع داخل أرضيه.

والكل يعلم أن هذه الاستهدافات الجوية تكون ذات تأثير محدود إن لم ترافقها عملية برية وهذا التدخل البري إن حدث يدل على جهل بالتاريخ وعدم الاستفادة من التجارب السابقة ويكون صاحب هذا القرار غير مطلع على تاريخ اليمن ولا يعرف جغرافيته الجبلية الصعبة ولا طبيعة الشعب اليمني المقاوم المقاتل فاليمن عصي على الاحتلال. ومن ناحية أخرى سيكون هذا التدخل هدية للشعب اليمني حيث سيلحق خسائر وهزيمة بالجيش الأمريكي لم يشهدها تاريخه.

فتأمين حرية الملاحة التي تطالب بها أمريكا لا تكون بشن حرب على اليمن بل في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وإيقاف المجازر اليومية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في فلسطين.

وسيخرج اليمن وشعبه أقوى فقد اكتسب خبرة وتمرس في القتال واستطاع خلال الحصار اتباع أسلوب الاكتفاء الذاتي حتى في المجال العسكري حيث تمكن من صناعة الصواريخ الفرط صوتية والطائرات بدون طيار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *