الفراغ النفسي… حين تصمت الروح

بقلم: وهيب نجيب شاهين

هناك لحظات لا يعلو فيها صوت الحياة، ولا تُنقذنا صخب المدن ولا ضحكات المقاهي… لحظات يخيّم فيها صمتٌ غريب، كأن الزمن توقف ليتركنا وجهًا لوجه أمام ذواتنا العارية من كل شيء.

ذلك هو الفراغ النفسي، الضيف الثقيل الذي يأتي بلا موعد، ليسرق من أرواحنا ضوءها ويتركنا نتلمّس الطريق في عتمةٍ هادئة.

 

هو ليس فراغًا من الناس، بل من المعنى.

حين تغدو الأيام متشابهة، والمشاعر باهتة، والأحلام مؤجلة، نشعر بأن شيئًا ما انكسر في الداخل.

لا نحزن تمامًا، ولا نفرح تمامًا، فقط نعيش بين “لا شيء” و”كل شيء”، ننتظر سببًا صغيرًا يجعلنا نبتسم من القلب.

 

لكنّ في هذا الفراغ سرًّا لا يدركه إلا من أنصت إليه بصدق.

إنه نداء الروح كي نعود إليها بعد طول غياب، كي نعيد ترتيب دواخلنا، ونكتشف أن السكون أحيانًا لا يعني النهاية، بل بداية جديدة تتكوّن في صمتٍ عميق.

 

فربما أراد الله بهذا الفراغ أن يعلّمنا أن لا شيء يملأ القلب مثل القرب منه،

وأن أجمل ما في الحياة أن نجد معنى بسيطًا نعيشه بصدق، ولو كان ذلك المعنى لوحة نرسمها، أو كلمة نكتبها، أو لحظة نمنح فيها حبًّا صادقًا لإنسانٍ واحد.

 

الفراغ النفسي ليس عدوًّا كما نظن، بل مرآة تعكس لنا ما أهملناه في أنفسنا.

وحين نتأملها، نرى ملامحنا الحقيقية التي نسيناها وسط الزحام.

 

فامنح نفسك وقتًا لتسمع صمتها…

ففي ذلك الصمت، تولد الحكايات من جديد،

وتزهر الروح، بعد طول سبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *