دروس من معتركات الحياة

حسين أحمد سليم الحاجّ يونس / رئيس تحرير القسم الثقافي

علّمتني تجاربي الحياتيّة:
ألاّ أتعامل مع قبيح الأخلاق، وسيّء المناقب، وفاعل المُنكرات، ومن يتّسم بالرّذائل وترك الفضائل، لخلل في تربيته وبيئته، وممارسته الظّلم والشّهوة والجهل والطّيش…
الأحبّ إليّ الأحسن أخلاقًا، والأبغض إليّ الأسوء أخلاقًا، المُتشدّق المُتفيهق، الثّرثار…
ألاّ أثق بمن لا يثق بي، وألاّ أثق بالآخرين، إلاّ بعد تجارب عديدة ومديدة، فمعاشر النّاس تحكمهم المُتغيّرات النّفسيّة، والإضطّرابات الشّخصيّة، كلٌّ على هواه…
أن أتجاهل من يتجاهلني، وألاّ أعير إهتمامي لمن لا يُعيرني اهتمامه، وأن لا أصادق ولا أتعاون ولا أكترث بمن هم: أنويّوّن وصوليّون إنتهازيّوّن إستغلاليّون، يُمارسون جشع الأخذ ولا يُعطون…
ألاّ أركن لصاحب الأخلاق الإستكباريّة الهابطة، ولخائن الأمانة، ولمن يكنث بوعوده ويحنث بعهوده، ولا يؤتمن جانبه…
أن أحترز وأقطع علاقاتي، مع من يتطاول على كرامتي الفكريّة والمُعتقديّة والإنسانيّة، ويقرأ كتاباتي على هواه ومزاجيّته، ويتلبّس ما ليس له، ويُهيننيّ، ويُشوّه سُمعتي، لغاية شيطانيّة في نفسه الإرتيابيّة…
ألاّ أدافع عن نفسي بإستماتة، مهما كانت الأسباب. وأن أشرح موقفي لمرّة واحدة، وأوضّحه بإيجاز واختصار، ثمّ أدعه لمن يفهم ما يُريد وكيفما يُريد، فمحاججة الجهلة تُغلّبني وتتعبني…
ألاّ أنشر إبداعاتي بين من لا يرغب بها، في بعض المنصّات الرّقميّة الإلكترونيّة، وصفحات التّواصل الإجتماعي، وأن لا ألقي بها للخنازير لتلقفها وتنقلب عليّ لإضطّراب في شخوصها…
الخروج من جميع المنصّات الرّقميّة التي لا تحترم وجودي بها وتتعامل معي هامشيّا، فأنا لست أتسوّل وجودي على أبوابها… فأنا ما فخرت بها أنّما هم من يفخروا بي…
ما حكّ جلدي مثل ظفري، مُتولّيًا جمبع أموري، مُجتنبًا مصاحبة الكذّاب، ومن يقول بي ما ليس بي، ومن يرى عيوب غيره ويعمى عن عيوبه، ومن أساء سمعًا فأساء إجابةً، والكذوب، الحسود، المنافق، الخاذل، واللئيم، والغضوب، والماكر، والنّاعق، والفاجر، والكافر، والجهول، ومن لا أدب له…
أن أُكرِم نفسي لأُكْرّم، وأتّقي الشّتم حتّى لا أُشتم، ومن فيه يُذمّ الزّمان، ومن يأكلون تمري ويرمونني بالنّوى، ومن يسرقون الكحل من الأعين، ومن يصضطادون في الماء العكر، ومن يعملون من الحبّة قبّة، ومن يقتلون القتيل ويسيرون بجنازته…
ألاّ أتوقّع الكثير من معشر النّاس، حتّى في أشدّ أوقات المِحن، فالأنويّات النّرجسيّة تحكم العلاقات…
الحذر من صاحب الخلق السّيّء، والخلق الفاسد، المُتّصف بالشّرور، فهو فعل مُنكر وغير صالح، ناتج عن مرضٍ في القلب…
من منطلق مصداقيّة إيماني بجوهر ووحدة الأديات… الله فقط من يسمعني بإنصات، ويراني بوضوح، ويشعر بي بقوّة، ويساعدني رحمة ومودّة وعدالةً وإخلاصًا، وفق استحقاقات أعمالي…
لم ولن ولا أحزن إن رأيت من عزيزٍ، أو صديقٍ، أو زميلٍ، أو صاحبٍ، أو رفيقٍ، نظرة ظالمة بما تحمله من شكوك إرتيابيّة، أو عدم تصديق، واتّهامات ما أنزل الله بها من سلطان، وتهيّؤات وهميّة، إفتراضيّة، تشويهيّة بهتانًا وزورًا…
لم ولن ولا أطلب شيئًا قليلاً أو كثيرًا، إلاّ في أضيق الحدود، وضغط الظّروف… وإن كان لابدّ، فأختار بعناية من أطلب منه، ولم ولن ولا أثقل عليه، وأجزل له بالشّكر والإمتنان، وأكرمه بما تيسّر لي، واحفظ له الجميل ..
أهلي وأسرتي هم أقرب النّاس إليّ، وأكثرهم حُبّاً لي، وحرصاً عليّ… مهما إدّعى البعض أنّهم الأقرب والأصدق والأوفى… ويظلّ أهلي هم أهلي، وأسرتي هم أسرتي…
ليس في معشر البشر من ملاك ولا شيطان… فالكلّ يصيب ويخطيء ويظلم ويعدل، يفهم في بعض الأحيان، ويجهل في الكثير منّها…
لم ولن ولا أرفع أحداً فوق قدره، ولا أحطّ من أحدٍ دون قدره…
الإبتعاد عن الجاهل، لأنّه يرى الحسن في صورة القبح، والقبح في صورة الحسن. والكمال نقصًا، والنّقص كمالاً. ويحمله الظّلم على وضع الشّيء في غير موضعه، فيغضب في موضع الرّضى، ويرضى في موقع الغضب. ويجهل في موضع الأناة، ويبخل في موضع البذل، ويبذل في موضع البخل. ويُحجم في موضع الإقدام، ويُقدم في موضع الإحجام. ويلين في موضع الشّدّة، ويشتدّ في موضع اللين. ويتواضع في موضع العزّة، ويتكبّر في موضع التّواضع…
الأبتعاد عن صاحب الشّهوة، التي تحمل صاحبها على الحرص، والشّحّ، والبخل، وعدم العفّة، والنّهمة، والجشع، والذّلّ، والدّناءات، والسّفالات، والنّجاسات…
الإبتعاد عن صاحب الغضب، لأنّه يحمل صاحبه على الكبر، والحقد، والحسد، والعدوان، والسّفه…
الإبتعاد عن صاحب الأخلاق المذمومة، وإفراطه لنفسه في الضّعف والقوّة، وما يتولّد عنها من المهانة، والبخل، والخسّة، واللؤم، والذّلّ، والحرص، والشّحّ، وسفساف الأمور والأخلاق… والظّلم، والغضب، والحدّة، والفحش، والطّيش…
الإبتعاد عن أولاد الغيّة، أصحاب الأخلاق السّيّئة، من يتجبّر على النّاس إذا اقتدر، والأذلّ إذا قُهِر، ظالمٌ عنوفٌ جبّار، إذا قٌهِرَ ضعُف، جبانًا عن القويّ، جريئًا على الضّعيف…
لم ولن ولا أعتزّ بغير الله حتّى لا أذلّ، ولن أستعين بغيره حتّى لا أخاب، ولن أتوكّل على غيره حتّى لا أفتقر، ولن آنس بسواه، وإن كنتُ في عيشة موحشة، حتّى ولو غمرتني الأضواء، وحفتني المواكب…
أحبّ حبيبي هوناً ما، عسى أن يكون بغيضي يوماً ما… وابغض بغيضي هوناً ما، عسى أن يكون حبيبي يوماً ما…
كُنت وأبقى وسأبقى وسأكون عكس ما يسيئني من النّاس، مُحترِمًا لشخصيّتي، مُحافظًا على مكانتي الفكريّة والفنّيّة، والأخلاقيّة، والعقائديّة، والإنسانيّة… وأكون منصفًا في مواقفي وأحكامي، فما أفعله يُفعلُ بي، فكُلّنا مخلوقات بشريّة، وخير النّاس أنفعهم للنّاس، وكلّ وعاءٍ ينضح بما فيه…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *