باشرْنا بمضاعفةِ الجهودِ في تطويرِ القطاعِ الطبيِّ الذي يحملُ رايةَ حمايةِ حياةِ الإنسانِ وصحتِهِ
بقَلَم الدكتور الصدّيق حَفتَر:
يُعتبَرُ “علمُ الطبِّ” من أبرزِ العلومِ النافعةِ التي لا تستغني عنها البشريةُ في أيِّ عصرٍ من العصورِ؛ لأنه يمكِّنُ الأطباءَ من تشخيصِ الأمراضِ التي تصيبُ الإنسانَ، وتحديدِ الأدويةِ المناسبةِ لكلِّ مرضٍ، والبحثِ عن كلِّ الوسائلِ التي تحفظُ صحتَهُ وسلامتَهُ. ولمّا كان “علمُ الطبِّ” یحظى بهذه الأهميةِ، باشرَتِ الدولةُ منذُ سنواتٍ بالاهتمامِ وتشجيعِ كلِّ المساهماتِ والمبادراتِ الإنسانيةِ والنزيهةِ التي طرحَها أبناءُ بلدِنا الحبيبِ لتطويرِ هذا القطاعِ ورُقيِّهِ.
ولا أُخفي عنكم سراً أننا باشرْنا مع كلٍّ من وزارةِ الصحةِ وكلِّ الوزاراتِ التي تتكاملُ خدماتُها معها بتوفیرِ الظروفِ المناسبةِ لازدهارِ هذا القطاعِ، لما له من أهميةٍ في الحفاظِ على حياةِ المواطنِ وصحتِهِ، وهذا في طليعةِ واجبِنا تُجاهَ مواطنينا الأعزاءِ، وخصوصاً في ظلِّ ما نشهدُهُ من تطوراتٍ هائلةٍ في علمِ الطبِّ، وتشعباتِ اختصاصاتِهِ ومجالاتِهِ، وزادَ معها استخدامُ الأجهزةِ والتقنياتِ المتطورةِ المساعدةِ على تشخيصِ العديدِ منَ الأمراضِ مجهولةِ الأسبابِ، وإيجادِ العلاجِ المناسبِ لها، وصاحَبَها انخفاضٌ دراماتيكيٌّ في عددِ المصابين بالأمراضِ المزمنةِ في العديدِ من الدولِ العربيةِ الشقيقةِ بفعلِ درجةِ الاهتمامِ العاليةِ التي أوْلَتْها لهذا القطاعِ.
وممارسةُ الطبِّ من أبرزِ الأنشطةِ التي اهتمَّ بها كلُّ من تولّى مناصبَ عليا في ليبيا، نظراً لأهميةِ الطبِّ في حياةِ الفردِ والمجتمعِ، فرأينا تشييدَ المشافي في المدنِ الليبيةِ، وتخصُّصَ الكثيرِ من أبناءِ بلدِنا في هذه المهنةِ الشريفةِ والإنسانيةِ في الخارجِ. كذلك فتحَتْ مستشفياتُنا أبوابَها لعشراتِ الأطباءِ العربِ والأجانبِ خلال الخمسين سنةً الماضية، وكانوا يحظَون باهتمامِ الحكامِ وتقديرِهم، كما اهتمامُ السكانِ، نظراً للخبراتِ التي أفادوا بها الكوادرَ الطبيةَ لدينا في مواجهتِهم الأمراضَ المزمنةَ والأوبئةَ التي حصدَتِ الكثيرَ من الأرواحِ في عددٍ من المراحلِ الصعبةِ التي مرَّ بها بلدُنا.
في الواقعِ، لا يمكنُنا أن نتجاهلَ ما حملَهُ التراثُ الإسلاميُّ والعربيُّ إلى روّادِ الطبِّ الحديثِ ومؤسِّسيه، الذي يتغنّى به الغربُ والعربُ معاً. فقد برعَ “ابن ُسينا” حتى لُقِّبَ بشيخِ الأطباءِ، ولا يخفى على الكثيرِ منَ الباحثين في الفلسفةِ أنَّ موسوعيةَ “ابنِ سينا” في الفلسفةِ هي التي جعلَتْ منهُ طبيباً عظيماً، وهو القائلُ: “إن حفظَ الصحةِ أجَلُّ من معالجةِ المرضِ، لأنّ الصحةَ في الأصحاءِ موجودةٌ وفي المرضى معدومةٌ، وحمايةُ الشيءِ الموجودِ أجَلُّ من طلبِ الشيءِ المفقود”.
وبعيداً عن ذكرِ الأسماءِ، لقد اشتهرَ في مجالِ الطبِّ في ليبيا أطباءُ كُثُرٌ، وكان لهؤلاءِ على اختلافِ انتماءاتِهم وثقافاتِهم ودياناتِهم ومعتقداتِهم دورٌ وإسهامٌ كبيران في دفعِ عجلةِ الطبِّ نحوَ التطورِ والازدهارِ عندنا، وهذا الدورُ دفعَنا منذ أشهرٍ إلى إصدارِ التعليماتِ لوضعِ القطاعِ الطبيِّ في سُلَّمِ أولوياتِ نهضةِ إعمارِ ليبيا بهدفِ تأمينِ كلِّ ما يحتاجُهُ من تقنياتٍ وتجهيزاتٍ طبيةٍ حديثةٍ، ومن أدويةٍ يحتاجُ إليها المرضى من أبناءِ بلدِنا، وذلك كلُّهُ في سبيلِ حملِ رايةِ هذا القطاعِ عالياً، الذي يعُدُّ حياةَ الإنسانِ وصحتَهُ هدفَهُ الأولَ والأخيرَ.