محور المقاومة واستراتيجيات الرد

سلام جاسم الطائي- الإستراتيجية هي الطريق الذي نسير فيه من المكان الذي نقف فيه إلى المكان الذي نصبو إليه، وهي تتضمن الخطط والأدوات والسياسات والتحالفات وأشكال العمل السياسي والمقاوم. لذا، لا يمكن أن تتحدد الإستراتيجية بدقة من دون تحديد الأهداف بوضوح، والمقصود ليس الأهداف البعيدة فقط، وإنما ما يشمل الأهداف القريبة والمتوسطة والبعيد وبما أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة الكبرى، والمقاومة فيها هي شرف هذه الأمة ورأس حربتها، وفخرها وعزها.

حيث تشكل الحرب اليوم عقدة استراتيجية كبيرة بالنسبة لأمريكا وإسرائيل والخوف الكبير يكمن في تداعيات هذا الرد الإيراني على استهداف الشهيد القائد إسماعيل هنية سواء كان الرد أحاديا أو مجتمعاً والمستوى الذي سيرتقي له محور المقاومة من بعدها، خاصة بعد وضوح تماسكه وقدراته العملياتية على إدارة ساحات المواجهة بالشكل المطلوب وما لمسة الكيان الغاصب مؤخرا من تهديد وجودي حقيقي حيث فرض محور المقاومة نفسه بقوة الأمر الواقع في منطقة الشرق الأوسط، فقد بات يمتلك القدرة على فرض معادلات جديدة في طبيعة الاشتباك مع الكيان الإسرائيلي ولولا محور المقاومة ووجوده وتأثيره، لتمكنت أمريكا من تصفية القضية الفلسطينية عبر “صفقة القرن”، وسط تخاذل الدول العربية التي قدمت المليارات لإسقاط المحور، لمصلحة بقائها والحفاظ على علاقاتها مع “إسرائيل”. لذلك فإن المقاومة ومحورها تسير وفق خطة استراتيجية واضحة وثابتة وشاملة تهدف لتحقيق التوازن والتماسك لإنجاز النصر المبين والذي يدخل ضمن سلسلة خطوات عملية تحافظ على وحدة الصف والهدف حتى أصبح الوصف الأدق للمحور الممتد من العراق، مرورا بسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية، وصولا إلى اليمن هو “محور الشراكة الاستراتيجية”.

فالواقع، الذي كرسته حركات المقاومة، أرسى إمكان إلحاق ضرر، ليس فقط في جيش الكيان، وإنما في جبهته الداخلية.

وفي خطابه الأخير، لم يخف سيد المقاومة الإسلامية في لبنان، السيد حسن نصر الله، تمسكه بهذه الاستراتيجية، بحيث إنه قدم دليلا واضحا على قدرة المقاومة على تفادي الانجرار إلى معركة يحدد شكلها وتوقيتها وساحاتها قادة الكيان الإسرائيلي.

وفي مقابل ذلك، استطاع سيد المقاومة في خطابه أن يغرق قادة الكيان في بحر من الحيرة وعدم القدرة على تقدير حقيقة موقفها الحقيقي وما تضمره.

لذلك فإن مستوى الرد وتوقيتاته تحدده استراتيجية المقاومة ومدياتها المرسومة مع الأخذ بنظر الاعتبار الرعب والحرب النفسية التي يعيشها الكيان الغاصب وتوقف الحياة الاقتصادية والشلل التام الذي شهدته مرافقه الحيوية هي ضربات موجعة تنم عن حكمة وإرادة ودراية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *