الدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون و مرام الكلام
الدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون و مرام الكلام
بقلم: حسين أحمد سليم الحاج يونس
رئيس تحرير القسم الثّقافي للجريدة الأوروبّيّة العربيّة الدّوليّة
باحث كاتب ومهندس فنّان تشكيلي عربي من لبنان
أبدعت الدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون ميزة حكميّة في كتابها “مرام الكلام”، الذي يضمّ الكمّ المميّز من الكلام الهادف، و الذي يرمي في مضامينه إلى إسداء النّصيحة و الإرشاد في مواقف كثيرة تواجهنا جميعا في مسارات حياتنا اليوميّة الخاصّة و العامّة و الإنسانيّة و الإجتماعيّة و غيرها…
جميع الأقوال و الآراء و الحكم الواردة في هذه المفكّرة “مرام الكلام” وضعتها إبتكاريّا الدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون، بحيث تفتّق عنها وجدانها، بما تناهى لفكرها من إيحاءات البعد الآخر، و بحيث ولدت مميّزة بفرادتها من حيث الإختصار و السّرد، و أتت نتيجة تأمّلات معمّقة لحالات حياتيّة تتعلّق بحياة الإنسان، و رؤى منبثقة من علاقته بالكون من حوله و المجتمع الإنساني الحضاري…
و اللافت في متابعة و قراءة ما تمخّض الفكر لديها، أنّ الدّكتورة أحلام عبد اللطيق بيضون لم تستعن لإستخلاص أقوالها و أفكارها و أرائها لا بمراجع في هذا المجال، و لا بأمثال شعبيّة معروفة، و لا بأصحاب الأمثال السّائرة. و ما يزيد في القيمة المعنويّة لمحتويات كتابها “مرام الكلام”: إنّها إدراك و إجتهاد شخصي لجوهر المعنى، مبني على تفكير ذاتي عميق، أو مستخلص من وحي تجارب شخصيّة، أو غير شخصيّة…
و من منطلق تحليلي و تقييمي مبني على الحياد الكلّي لما ورد في المجموعة، أرى أنّه، إذا وجد تقارب أو تطابق بين بعض الأقوال و الآراء و الأفكار و ما كتب أو عرف سابقا، أو ما أتى عى لسان ابعض الآخر، يكون محضّ ترادف أفكار ليس إلاّ، و هو يؤكّد ما قيل.
لدى وياراتي و لقاءاتي و مقابلاتي و حوراتي المتكرّرة مع الدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون، و لدى متابعاتي لكتاباتها و التي ساهمت في تصنيفها و بلورة إخراجها الفنّي، لمست أنّها تمّت صياغة جملها و نصوصها، بشكل عفوي كما يحصل في حالات الشّعر عند الشّعراء، و حتّى لو أنّها لم تسجّل فورا، لكانت فقدت قيمتها و غابت معنى و صياغة…
ما يميّز هذا العمل الأدبي الحكمي، للدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون، أنّه عمل إستمراري النّماء، خاضع للزّيادة في كلّ لحظة، وفق مجريات الحياة، و لا يمكن أن نجتهد تكهّنا و رجما في الغيب، و نقول عنه أنّه انتهى، قياسا كأيّ عمل مكتوب آخر، ففي أيّ لحظة حياتيّة، حيث الإحتكاك الدّائم و المباشر مع الآخرين، من الممكن أن يظهر قول جديد و تولد حكمة مستحدثة، بإثارة في مناسبة جديدة أو شعور معيّن و إحساس ما يفضي لإبتكار قول جديد…
الأقول و النّصوص التي يتضمّنها هذا الكتاب هي أوّل عمل يصل الدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون بعالم الأدب من جديد. بحيث أنّها متخصّصة في القانون و آتية من خلفيّة قانونيّة سياسيّة، وجدت نفسها بداية متردّدة في نشر أعمال أدبيّة أو شعريّة، تَظْهرُ مختلفة من حيث الأسلوب و المضمون و الأهمّيّة مع النّصّ القانوني. لكن ميلها الفطري للأدب و الفنّ يغلب عليها، و يجتذبها صاغرة لتدخل عالم الأدباء و الشّعراء و الفنّانيين التّشكيلييّن كرسّامة.
دائما يراود الدّكتورة أحلام عبد الطيف بيضون حركة فعل التّساؤل كيف ستكون كتاباتها، بعد أن غيّبها الأسلوب القانوني زمنا طويلا عن المجال الأدبي، رغم ذلك لا مناص لها من أن تغوص حتّى الثّمالة في عالم لا زال يؤرّقها عدم إعطائه حقّه، و كأنّها قد أخلّت بواجبها نحوه.
لا زلت الدّكتورة أحلام عبد اللطيف بيضون تشعر بضيم كونه لم يتسنّ لها التخصّص في مجال الهندسة أو الفيزياء، و ابتعدت رغما عنها، و أخذها القانون و السّياسة بعيدا، و لم يترك لها نافذة تتسرّب منها إلى عالم تحبّه، فقد تزاحمت الأحداث التي تشغل القانون الدّولي من حولها و في العالم، فانفصلت انفصالا شبه كلّيّ، طيلة مدّة تخصّصها، و ممارستها المهنيّة، و لم تزر دفاتر الأدب، أو لوحات الرّسم إلاّ نادرا.
رغم ذلك بقيت تحمل اشتياقا لا يفارقها لذلك العالم الرّومنسي، و تعلّل النّفس أن ستلاقيه يوما، و ستكون لها معه جلسات طويلة إذا قدّر لها ذلك. و ها هي اليوم تعطيه أوّل عناق على بساط من أمثلة و حكم.
مجموعة “مرام الكلام” في كتاب وسطيّ، مقسّم من حيث الشّكل إلى أبواب حسب موضوع الكلام، و هي: في القيم أو الفضائل، في المرأة، في البراءة و السعادة و الأحلام، في الحب و المحبة و الصّداقة، في العادات و الطبائع البشرية، في التربية و الأخلاق، في الإجتهاد و النجاح، في العلم و الفكر و المعرفة،في الجمال و الإبداع، في الخيال و البصر و البصيرة، في العقل و الإدراك، في الإيمان و الكمال، في القدر و الإرادة، في الروح و الجسد و النّفس ، في الزمان و المكان، في الإجتماع و السلطة و العدالة، في الحكمة. و كلّ باب مستهلّ بلوحة تجسّد قولا من الكتاب بريشة الكاتب الفنّان التّشكيلي و الخطوطي اللبناني المبدع الدّكتور حسين أحمد سليم، راجية أن تنال إعجاب القارئ الرّاقي، و يكون لما قدّمت فائدة عامّة.