رثاء الشاعر الأمير صالح علي الحرفوش رئيس ومؤسٌس( دوحة البقاع الثقافيٌة )
المؤرخ الأستاذ علي محمد يونس
من كلمتي في رثاء الشاعر الأمير صالح علي الحرفوش رئيس ومؤسٌس( دوحة البقاع الثقافيٌة )
وممٌا جاء فيها :
من أرض الآباء ، وموطن الخصب والعطاء ، حملَ الشاعر الأمير صالح الحرفوش قلمه السيٌال ، ومشعل الحرٌية الوضٌاء ، لينافح القهر والإستغلال والإحتلال ، ويكافح الظلم والغباء والإهمال ، فلم يُلقِ سلاحه في ساح الوغى ، ومقارعة الخصوم والأعداء الأنذال ، حتى ترجٌل عن جواده في سوح النِزال !
ولا عجب ، فإنٌ آباءه الكُماة الأحرار لم يكن يصطلى لهم بنار : يذودون عن الحِياض والأرباض والذِمار ، ويردٌون كيد الطغاة الفجٌار ، فلم يدَعوا للغاصب فرصةً للإحتلال ، بل كانوا السدٌ المنيع في وجه الأشرار ، وكانوا الدرع الواقي والزوبعة والإعصار كلٌما ألَمٌ بالأمٌة خطبُُ ، وناوأها معتدٍ غاصب على مدى القرون والأجيال ، أو طمع غازٍ بها وبهذا السهل المغوار !
فكانوا لظىً يتفجٌر شظىً يتأجٌج بالأُوار ، وكانوا جحيماً شديد الإستعار ، يطأ الأكبال والأغلال ، ويجدٌد المَسار كلٌما اعتلَت سماء هذه البلاد غيمة تريد لِوَهج حَرٌها وحريٌتها الإنحسار ، فيطلع شعاعهم من قلب العتمة نقيٌاً كالفجر ، ساطعاً كشمس النهار !
واليوم ، من أرومة المجد والعزٌ والإزدهار ، ومنبع الأصالة والسؤدد والفَخار ، ومَعين الأنَفة والشهامة والشمَم ، ورسالة الحقٌ والعدالة والقِيَم ، يطلع صوت الشاعر الأمير صالح الحرفوش فيعتلي قبٌة المجد ومنبر الشِعر والقِمَم ، وصهوة الجود والكرامة والكرَم ، ليؤسٌس دوحة البقاع الثقافيٌة منذ ثلاثين عاماً ، ويرسل على ضفافها روائع الحرف والكَلِم على مدى عقودٍ من الزمان …
اليوم يترجٌل صاحب الكلمة الطيٌبة والذوق الرفيع ، ومعدن العِلم والأدب البديع ، وقد امتدْت صداقاته على مساحة الوطن ، لِما في لسانه من طلاوة ، ونفسه من نقاوة ، على معشرٍ طيٌب وحديثٍ عذب ، فكان لا يماري ولا يُرائي ، بل كان محمود السيرة والسريرة ، متوقٌد الذهن ، خالص الوفاء للمسيرة . ينبض قلبه بالحبٌ والرجاء ، ويعمر صدره بالمحبٌة والإخاء على مدى هذا العمر الذي قضاه عربيٌَ الهوى والإنتماء ، يحمل هموم الأمٌة وقضاياها ، ويرفع لها اللواء …
فكان لا يَهِن ولا يلين في نصرة الحقٌ المبين ، تعمر أيٌامه بالفكر والنشاط والثقافة والفنٌ حتى آخِر رمقٍ من حياته ، وفي كلٌ حين ، وإلى أن يُلقي جانباً قلمه الأمين ، فيتوقٌف قلبه عن الخفقان وهو يستسلم ، ويسلٌم الأمانة لربٌ العالَمين …