قناة بن جوريون ورأس الرجاء الصالح

قناة بن جوريون ورأس الرجاء الصالح
.. ….

الحديث عن المؤامرة على مصر واستهدافها ليس هراء وليس حكاوى للتسلية إنما هى خطط استعمارية إمبريالية مدبرة بإحكام. كما أن القول الراسخ لدينا كمصريين إن الأمن القومى المصرى يبدأ من فلسطين ليس «طق حنك» ولا «فنجرة بُق»، إنما هو واقع متجذر فى التاريخ، كل التهديد والغزو الذى تعرضت له مصر كان من الجانب الشمالى الشرقى، من فلسطين، ليست فلسطين ذاتها، لكن من تلك الناحية التى لطالما عبرتها سنابك خيل الغزاة ورماحهم التى غُرزت فى جسد أم الدنيا، لكنها كانت تتعافى وتنهض مرة أخرى.

كانت عملية طوفان الأقصى خطوة سرّعت فى كشف الغطاء عن المؤامرة التى يشارك فيها أطراف أمّنتهم مصر على ظهرها، لكنهم سعوا ويسعون لطعنها فى الشمال والجنوب ومن الغرب والشرق. من ليبيا وإثيوبيا.. ومن غزة.

كشفت «طوفان الأقصى» عن اتجاه المتآمرين للتعجيل بتنفيذ المؤامرة وحصار مصر عسكرياً واقتصادياً، المؤامرة المرتبطة بتهجير سكان غزة إلى الجنوب قسراً وقهراً حتى يمكن إخلاء ذلك الجانب للبدء فى حفر قناة بن جوريون التى ستكون البديل لقناة السويس التى صارت تحقق دخلاً سنوياً يقترب من 10 مليارات دولار تطمع فيها إسرائيل، بجانب نقل الثقل الاستراتيجى للكيان الصهيونى بدلاً من مصر التى سددت ثمن قناتها دماً وأرواحاً وأرضاً.

لذلك فإن بقاء الفلسطينيين فى أماكنهم ووطنهم شمالاً وجنوباً ضمان لإفشال مخططات المتآمرين.

ودعم الفلسطينيين للاستمرار فى المقاومة حتى يصرخ الإسرائيليون طالبين الخروج من مستنقع الحرب أمر واجب حتى ينتهى حلمهم بقناة بن جوريون التى لن تنفذ طالما بقى الفلسطينيون فى وطنهم.

حفر قناة بن جوريون يشبه عملية اكتشاف رأس الرجاء الصالح فى القرن الخامس عشر.

كانت مصر تحت حكم المماليك دولة مزدهرة تجارياً، وظلت لسنوات طويلة قوية عسكرياً واقتصادياً، وكان مرور قوافل التجارة الأوروبية بها إلى الهند والعكس أحد أهم عوامل قوة اقتصادها بجانب الثقل الاستراتيجى الذى كانت تحتله مصر كدولة تشغل مكاناً مركزياً جغرافياً وملاحياً.

بعدما اكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح ضعفت مصر اقتصادياً وبالتالى عسكرياً ودخلت فى مرحلة وهن تسبب فى طمع الدولة العثمانية فيها وفى مكانتها وثرواتها وموقعها.

انتهز العثمانيون ذلك الوهن وقاموا باحتلال مصر، ذلك الاحتلال الذى دام لأربعة قرون ولم ينتهِ إلا فى القرن العشرين.

تم خلال الوجود التركى فى مصر تهميش الدولة القوية التى كانت تسيطر على مقاليد الأمور فى المنطقة وكانت لها بحرية قوية تجوب البحرين المتوسط والأحمر، أى أن ضعفها الاقتصادى تسبّب فى الاحتلال التركى، والاحتلال التركى تسبّب فى فقدها مكانتها التى استمرت فى ظل دولة المماليك.

ربما لم يكن البرتغاليون أو الأوروبيون وقتها قادرين على احتلال مصر لوجود دولة الخلافة ودول إسلامية قوية، لكن بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح راكم الأوروبيون الثروات التى جنوها بسبب التجارة وبسبب استعمارهم دولاً فى آسيا وأفريقيا واكتشاف الأمريكتين.

كان الاقتصاد وما زال الاقتصاد.. المحرك للحروب والاستعمار والقضاء على الدول والشعوب. ومصر تدرك وتتعامل على هذا الأساس وعلى أن أمننا القومى له مجالات متعددة.. أولها فلسطين.

رفعت رشاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *