رفعت رشاد يكتب
تحيا فلسطين
حققت أغنية «تحيا فلسطين» ما يفوق أى تأثير لعشرات البرامج والضيوف فى التليفزيونات للحديث عن قضية فلسطين والإرهاب الصهيونى فى قطاع غزة. انتشرت الأغنية الفلسطينية السويدية كما النار فى الهشيم وصارت المادة المتداولة فى المظاهرات التى باتت تنتشر فى أنحاء العالم ضد ممارسات الكيان الصهيونى ضد المدنيين العزل وقتلهم الأطفال وتدميرهم البيوت بعدما عجزوا عن مواجهة الفدائيين.
تعيدنا الأغنية وانتشارها الكبير إلى مسألة الاستفادة من الإعلام لنشر الحقائق فى كل أرجاء الأرض والتعريف بمعاناة الفلسطينيين. صار الإعلام سطوة تعيد صياغة وصناعة الرأى العام وتبدل القناعات حسبما يريد المتحكم فى الآلة الإعلامية ومحتواها.
صار الإعلام أهم الأسلحة فى ساحات الحرب قبل الصواريخ والطائرات، وقد ذكرت من قبل أن الجنرال جياب القائد الفيتنامى العتيد هزم أمريكا بأفلام صُنعت فى فيتنام ووجدت طريقها إلى شاشات التليفزيون فى أمريكا فتحول الرأى العام وانقلب على إدارة البلاد ورحلت أمريكا عن فيتنام غير مأسوف عليها وعلى ما فقدته من بشر وعتاد، لأنها ذهبت لتدمير دولة أخرى بشعبها فى إطار لعبة السياسة وألاعيب الجيواستراتيجية.
لقد صرنا نرى الحروب على الشاشات بتفاصيلها أولاً بأول، وتقوم وسائل الإعلام وكتائب التسويق الإلكترونى بمداهمة عقولنا وغسل أمخاخنا بما هو حقيقى وغير حقيقى، ولم يعد أى شخص بإمكانه معرفة الحقيقة من غير الحقيقة فقد اختلط الحابل بالنابل إلا قليلاً.
إن الحقيقة فى نظر المتابعين هى ما حدث وليس ما نأمل أن يحدث، وقد زرعت وسائل الإعلام الغربية فى أذهان الناس فى العالم ما أرادت أن يعرفوه ويتبنوه، وعلينا أيضاً أن نعطى الصورة المغايرة التى تشرح حقيقة ما نراه على أرض الواقع والحق الفلسطينى والدماء التى تسيل أنهاراً والدمار الذى جعل غزة أرضاً لا تنسب إلى هذا الكوكب.
إن الإعلام الغربى بكل آلياته المغرضة يهدف إلى تشويه صورة الفلسطينيين والفدائيين والمقاومة المشروعة، وفى نفس الوقت يفرق العرب إلى فريقين، من يسميهم الدول المعتدلة ومن يسميهم محور الشر والإرهاب، وللأسف فإن كلمة العرب ليست واحدة وتتعرض مصر لمؤامرة من الجميع، يضغط عليها الجميع، ويتربص بها الجميع، الكل يريد الخلاص من قضية فلسطين ويريد أن تتلقفها مصر وتكون مشكلتها وأزمتها هى بدون أى مسئولية على أحد، لكن مصر على وعى بما يحاك ضدها، وبالتالى لن تنساق إلى شَرَك يضر بأرضها وبأمنها القومى ولن تستطيع دولة أو جهة ما إجبارها، فليست دولة صغيرة والشعب المصرى كله يقف مسانداً للموقف الرسمى للنظام وللرئيس فى هذه القضية.
يعد الإعلام الصهيونى ذراع الاحتلال المهيمنة على كيانات الإعلام الدولية، والذى تستخدمه إسرائيل لتمرير مصالحها الاستراتيجية، لذلك من المحتم أن يكون لإعلامنا دور مؤثر عالمياً فى توجيه العقول والتعريف بقضايانا. وقد حان الوقت لذلك، ويمكن للجامعة العربية أن تكون المنسق فى هذا الشأن.
إن أغنية واحدة لا تكفى، وإن مظاهرة واحدة لا تكفى، وإن الشجب غير مرغوب فيه فقد حان وقت العمل.