الصديق حفتر ودور السلطة القضائية في ليبيا
يُعد القضاء المستقل الضامن الأهم لتحقيق سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، والحاضن القانوني والأساسي لآليات تحقيق العدالة ، وليبيا هي إحدى الدول الموقعة على مجموعة من المواثيق والإتفاقات الدولية، منها الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان، والإجراءات الخاصة للأمم المتحدة بشأن إلتزام الدول بضمان إستقلال القضاء أوحياده في القانون، لكنها على الأرجح لا تزال تحتاج إلى إصلاحات لتعزيز حماية استقلالية القضاء، بسبب تدخل السلطة التنفيذية وظاهرة الفساد، والنقص في التدريب والتعليم،ما يستدعي بناء القدرات وتطورها.
في الواقع ، لقد باشرت ليبيا بسلسلة من الإصلاحات التي استهدفت النظام القضائي منذ العام ،2005 من خلال إلغاء محكمة الشعب، إضافة إلى خطوات أخرى،وإستمرت جهود الإصلاح القضائي بعد عام 2011 خلال المرحلة الإنتقالية الأولى، حيث أكدت المادة 32 من الإعلان الدستوري لسنة 2011 على استقلالية السلطة القضائية، إضافة إلى إصلاح المجلس الأعلى للقضاء عبر إنتخاب أعضائه من قبل القضاة في المحاكم العليا، كما ألغي إختصاص المحاكم العسكرية للنظر في قضايا المدنيين.
كذلك أجرت الدولة تعديلات عام 2013 على قانون العقوبات وإستمرت بعد عام 2014 مبادرات إصلاح القضاء، ولعل من أبرزالتحديات التي تواجه المنظومة القضائية، تردي الأوضاع الأمنية، إضافة إلى ذلك، واجهت المرأة في ليبيا منذ العام 2011 تحدي تقليص دورها في المنظومة القضائية.
وكانت القوانين قبل ذلك تتيح مشاركة المرأة في القضاء، منها القانون رقم 8 لسنة 1989 وعلى رغم كل التحديات التي واجهت المرأة في السلك القضائي، إلا أنها كانت حاضرة في كل الهيئات، ووصلت نسبة المرشحات لعضوية المجلس الأعلى للقضاء وبعض محاكم الإستئناف والهيئات القضائية الأخرى إلى 50 في المائة، وفي إدارة القضايا 4 نساء من إجمالي 8 مرشحين، وفي إدارة المحاماة العامة ترشحت 5 نساء من إجمالي 9 مرشحين.
وفازت إحدى المرشحات بعضوية المجلس الأعلى للقضاء، وهي القاضية وداد الهمالي، لتكون أول إمرأة قاضية، وكان إنتخابها ردًا على الأصوات التي قدمت الطعون في عدم دستورية تولي المرأة وظائف في السلك القضائي.
إلا أن الإصلاح القضائي يتطلب وضع معايير واضحة تخضع لقواعد سلوك القضاة والإجراءات التأديبية بحقهم، منها محاسبة القضاة المتورطين في إنتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد، بهدف إعادة الثقة في المؤسسات القضائية، علماً أن الجسم القضائي في ليبيا لا يزال موحدا، وهذا من الأمور الإيجابية مقارنة ببقية المؤسسات التشريعية والتنفيذية والسيادية التي طالها الإنقسام.
لقد برز هذا التماسك القضائي من خلال إنتخابات المجلس الأعلى للقضاء،حين شارك في العملية الإنتخابية جميع أعضاء الهيئات القضائية بمختلف مناطقهم ومدنهم رغم الإنقسام على الدورالسياسي والمؤسسي.
ويعتبر الحريصون على ليبيا ومستقبلها وفي مقدمهم الدكتورالصديق خليفة حفتر أن القضاء يُمكنه أن يُساهم في تعزيز وحدة البلاد، من خلال دوره المستقل، إضافة إلى مجموعة من المقترحات والأولويات لتعزيزهذا الدور والحفاظ على تماسكه ومنها: وضع خطة لتفعيل السلطة القضائية بشكل كامل،تأسيس محكمة دستورية جديدة، التنسيق مع إدارة التفتيش على الهيئات القضائية لحض القضاة على سرعة الفصل في القضايا المعروضة أمامهم وتفعيل مبدأ المحاكمة في مدة معقولة، إشراف الجسم القضائي على تنفيذ إصلاحات مطروحة، بما يضمن وجود قضاء نزيه ومستقل، إعادة تفعيل الشرطة القضائية، وبسط سيطرتها على كل السجون لتتمكن من أداء وظائفها كجزء من نظام العدالة، ضرورة أن تشمل تركيبة المجلس الأعلى للقضاء عضوية متعددة وتمثيلية، مع مراعاة تمثيل النوع الإجتماعي، إستشارة السلطات الليبية ممثلة بالبرلمان والحكومة،للمجلس الأعلى للقضاء والأخذ برأيه في مختلف القضايا المتعلقة بالسلطة القضائية، بما فيها الإصلاحات القضائية، ضمان تنفيذ التدابير والإجراءات لتأمين تمثيل أكبر للمرأة في القضاء، إرساء إجراءات عادلة وشفافة لإختيارالقضاة والمتدربين مع حظرالتمييز،التأكيد على المعاييرالموضوعية في التعيينات كافة، والتي تشمل التدريب، المؤهلات، الخبرة، الكفاءة والنزاهة وضمان إخضاع المحققين وأعضاء النيابة العامة والقضاة لتدريب خاص على معالجة قضايا الإنتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان ومكافحة الإفلات من العقاب.