غزة تنظر بازدراء إلى عالم متهاوي
د. أحلام عبد اللطيف بيضون
غزة تنظر بازدراء إلى عالم متهاوي
د. أحلام عبد اللطيف بيضون
غزة جالسة على تل مرتفع،
تنظر بشفقة إلى عالم مجرد من الأخلاق والإنسانية.
كم أجرمتم بأطفالي وشيوخي، بنسائي ورجالي،
كم سفكتم من دمائي
كم اتلفتم من تراثي وعبثتم بتاريخي،
وقتلتم كل مبعث للحياة على أرضي .
لم تميّز وحشيتكم بين أبنائي، ضعيفهم او قويهم، صغيرهم أو كبيرهم، صحيحهم أو عليلهم، مثقفهم أو عاملهم. خديجهم أو صبيهم،
من تحت أنقاض منازلهم كان أبنائي يمدون أيديهم إلى الله لينتشلهم، كانت عيونهم شاخصة إلى السماء، وأجسادهم معفرة بالرماد.
من نجا منهم احتضن فلذات أكباده في قلبه، لم تفرق معه إن كان يحتظنهم أحياء أو أمواتا، فهم أحياء عند ربهم يرزقون. وحين ينادي المنادي، كان يسير خاشعا إلى الله، غير ناظر في وجوه البشر يحمل أطفاله أو أعزاءه على كلتي يديه، وكأنه يعرضهم لمحكمة السماء.
كانت الرؤوس شامخة والنفوس أبية.
كم هو حقير هذا العالم، وكم هم أغبياء وسفلة ومجرمين حكامه. لقد تآمروا في ظلمة قلوبهم على ارتكاب جرائمهم، دافعهم الحسد والصوصية.
يريدون سرقتك يا غزة كما سرقوا كل مقدس في امتدادك الجغرافي الجميل، وكما يسرقون الأوطان،
ولكن رغم دماءك والنزيف، لا زلت تجلسين على التل،
تعتصمين بحبل الله،
وتمدين قدميك إلى أعماق الأرض،
وتفردين جناحيك طوقا للحرية.
كم أنت عزيزة يا غزة، كم أنت صلبة، وشامخة،
ستبقين رغم حقدهم سيدة التلال. ومنارة النضال.