“هلمّوا بنا إلى بيت لحم” عنوان المغارة الميلادية الأكبر في كيببك ومقرّها الكنيسة الاكاثوليكية في مونتريال

افتتح راعي ابرشية كندا للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميلاد الجاويش المغارة الميلادية الأكبر في كيبيك يعاونه الارشمندريت ربيع ابو زغيب وكهنة الرعية وبحضور حشد كبير من المؤمنين.

المغارة الميلادية الاكبر في كيبيك هي نتيجة جهود متحدة وأياد متكاتفة عرفت من البداية ان شغفها بالتميّز والتفرّد توازيًا مع اظهار محبتها للمعلم يسوع على طريقتها، من خلال عيش روح الميلاد بكل التفاصيل وعلى تعددها.
وتمثل هذه المغارة، وفقاً للمفهوم المسيحي، مدينة بيت لحم التي ولد فيها السيد المسيح، وما يرافقها من مدلولات حسية على طبيعة حياة التواضع والبساطة التي ارادنا السيد المسيح ان نتغنّى بها ونعيشها بالفعل لا بالقول.
“الكلمة نيوز” كانت هناك والتقت سيادة المطران ميلاد الجاويش الذي قال عن المغارة والجهود المبذولة لانجاحها “هي مبادرة قام بها شبابنا، باركناها وأردناها مساحة فرح وحبّ، وأيضًا واحة صلاة. فقد أصرّ الشباب على أن تكون زيارة المغارة مناسبة للزّوار أن يتأمّلوا محبّة الربّ يسوع ويتلوا الصلوات التي ترافق كلّ محطّة. هذه المغارة عملٌ مُتقن صُنع بكثير من المحبّة والاحترافيّة، وقد صنعها الشباب على طريقتنا الشرقيّة: غطّوها كلّها بالورق البُنّي “المطعوج”. وفي داخلها أيضًا مجسّمات لبيوت صغيرة صنعها بمحبّة أطفال الكاتدرائيّة في حركة ميداد، وضعوها في آخر المغارة كي تُشكّل قرية بيت لحم. واخترنا للمغارة عنوان استلهمناه من كلام الرعاة: “هلمّوا بنا إلى بيت لحم”، رمزًا للسلام في بلادنا التي حتّى الآن لم تعرف زمن افتقادها. مع أطفالنا نصّلي إلى طفل المغارة كي يعمّ السلام بلادنا المعذّبة، لأنّنا ولو كنّا في بلاد غربة، غير أنّ قلوبنا عند أهلنا في الشرق”.
بدأنا العمل على بناء المغارة منذ ثلاثة اسابيع تقريباً، وعن التحضيرات قال الارشمندريت ربيع ابو زغيب الذي واكب عملية البناء لحطة بلحظة “هي فكرة اراد شباب الكاتدرائية تحويلها الى واقع ملموس، ولما كانت جديدة عليّ بكل تفاصيلها رحبت بها ضمناً وعرضتها على سيادة المطران الجاويش الذي باركها بدوره وأعطى الضوء الاخضر للانطلاق، وهكذا بدأت نواة المشروع المبارك الذي تضافرت جهود ما يقارب العشرين شخصا من ابناء الرعية لانجاحه، غير عابئين بتعب او بنوم او براحة، المهم تحويل الحلم الى حقيقة وقد تحقق. وتابع قائلا: “أعاجيب ونعم كثيرة حصلنا عليها في هذه الفترة، تصوري ان القاعات التي تحولت الى مغارة ميلادية هي بالاصل لتدريب ما يقارب المئة وخمسين طفلا سواء على القربانة الاولى او ميداد او الكشافة ولكن التعاون الذي بُذل لانجاح المشروع بات فوق الوصف”.
وعن المواد المستخدمة في بناء المغارة قال جورج احد الشبيبة المساهمين في العمل: “استعملنا ما يقارب الـ 6500 pied ما يوازي 2000 متر من الرولو من اوراق المغارة المعادة للتدوير اما الاغراض المعروضة كمثل عدة النجار، الصاج، النول وغيرها من المعروضات فكانت بغالبيتها مقدمة بشكل مجاني من الناس على اختلاف مناطق سكنها الا قلة منها اشتريناها باسعار زهيدة جدا”. وهنا كانت مداخلة لابي زغيب تحدث فيها عن عناية الشبيبة بهذا الشق بطريقة حاسمة، فأموال الكنيسة للكنيسة وما من ممولين اطلاقا لذا كان الحرص على اقتناء المعروضات بطريقة مقبولة لا اجهاد فيها لكنيستهم”.
يعي الداخل الى المغارة وقبل استكشاف اي من مكوناتها ان الحياة تقتضي وقفة صلاة وتأمل بعيدا عن ملذات الحياة ومشاكلها، فها هنا نعيش فرح الميلاد بجميع مراحله، نبدأ من باب الكون والى جانبه شجرة معرفة الخير والشر التي يقابلها لوحي الوصايا، هذا كله في ممرات ضيقة قبل ان نصعد الجسر الذي صمم بعناية للدلالة على عبور البشرية من العهد القديم الى العهد الجديد مع ولادة ملك الملوك يسوع المسيح، وها هنا يطالعنا شلال الماء الهادر لتذكيرنا بضرورة تنقية الذات لنستطيع فهم الحياة ومعانيها بشكل واضح.
فرصة التعرف الى حياة التواضع وانسانية الانسان مشرّعة على مصراعيها في ذاك القسم المخصص لحضارة لما يزل اجدادنا يتوارثوها جيلا عن جيل حتى بتنا نخاف من اندثارها، ففي السوق العام تطالعك الخضار والفاكهة الموسمية قبل ان تلقي التحية على ادوات النجارة لزوم النجار يوسف الحبيب وفي مقابلها معدات النول المهنة التي كانت تتقنها والدة الاله السيدة العذراء دون ان ننسى التوقف امام لوحة لبيت لحم للشابة المهندسة اديبة نصار وفي مقابلها المغارة بشخوصها وتمثل ولادة السيد المسيح المتواضعة، والى جانبه الخراف والنعاج من صنع اليد تدفئ سيد الكون بلهاثها عليه.
محطات ووقفات وصلت الى الثلاثة عشرة محطة تتيح للزائر التعرف اكثر على معاني المغارة العملاقة، لكل محطة عنوان ولكل عنوان قصة او مشهدية بدءًا من الباب المقدس وتراث عدن وشلال نقاء الذات مرورا بسوق بيت لحم ومذبح البشارة وصولا الى الغطاس الذي افرد له المشيدون جناحا خاصا اسموه نهر الاردن والذي يرمز لمعمودية يسوع تحيطه مزروعات القمح التي حرص اطفال الكنيسة على زرعها ليلة عيد البربارة.
يلفتك هذا العمل الجبار في بلاد الاغتراب والذي ان دلّ على شيء فعلى روح المسيح الحي في اعماقنا كبارا كنا ام صغار، اما الاكثر دهشة وتحببا فهو تلك البيوت الصغيرة المعروضة والمصنوعة من خشب تحمل اسماء الاطفال الذين قاموا بانشائها واحضارها الى المغارة لمباركتها من سيد الاكوان ومباركة اهلها ومحبيها دون اي شكوك بالنوايا الصادقة التي يحملها هؤلاء البراعم لخالقهم الابدي الازلي يسوع المسيح الحق.
                                       

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *