ماري جليل في اصدارها الثاني “الموت يدخّن أيضًا” تحول الموت الى بطل اسطوري
“الموت يدخن أيضاَ” كتاب جديد الشاعرة والكاتبة اللبنانيّة الكندية ماري جليل صادر عن دار الآن ناشرون وموزعون -الاردن.
يقع الكتاب في 122 صفحة باللونين الابيض والاسود، يتضمن أكثر من سبعين قصيدة، بين الطويلة والمتوسطة والقصيرة، محورها الموت، ذاك الضبف الثقيل الظل، المتعِب والذي تحول الى بطل اسطوري، صديق حميم يغني، يدخن ويقوم بزيارات مجانية خفية لأناس لطالما سرقهم بخفة من بين احبائهم.
“الموت يدخن أيضًا” هو محاولة لأنسنة الموت واخراجه من سطوته التي صنعها تاريخ الوجود، حرصت جليل ان تقدمه كصديق يدخِّن ويغنِّي ويزور أناسًا حان دورهم بخفَّة وكأنَّه صديق حميم، حتى إنها تتخيَّل زيارته لها في صمت، يدخل افكارها، يعيش معها اللحظة كأني به ظلّ لا مفرّ منه وان كان الخوف منه احيانا أكثر ما يدهش القارئ ويؤنسه.
165 قصيدة تنازع فيها الموت بسكرات الحياة وعلى مفترق مخزون جليل الصوري اللطيف يجد القارئ نفسه متيماً بالقاء تحية فلسفية تبحر به من مشهد لآخر مشهد اقرب الى الخيال منه من الواقع، فلا الموت يجد لنفسه رهبة ولا الحياة تخاف من عابر كان في الماضي ثقيل، وما بين الماضي والحاضر نعي اهمية ما قامت به الشاعرة في وضعها زمنا للزمن الذي نعيشه في كتابها، زمن ما يعرف بالموت الروحي أكثر من أي موت آخر.
“الموت يدخن أيضًا” هو ثاني ابداعات الكاتبة اللبنانية الاصل ماري جليل الشعرية بعد كتابها “ملاك على هيئة رصاصة” الصادر عام 2019 عن دار النهضة العربية في بيروت، ذات الابعاد الفلسفية الجمالية العميقة كاللعب على المقدس وتحرير الملاك من صفته الإلهية وإنزاله من عليائه على الأرض وأنسنته، وما بين الكتاب الاول والثاني قوة لا حول ولا قوة للقارئ من الوقوع في شرك لطف عباراتها فتراه يتعلق بكل حرف مستمتع بما يدور من حوله حتى وان كان العنوان العريض لقصائده الموت او الرصاصة، العنصران المقلقان في حياة كل بشري حيّ.
“الموتُ نفسُهُ الذي رأيتُهُ البارحةَ
يَقطَعُ الطّريقَ على المارّةِ
رأيتُ وجهَهُ اليومَ في
المرآةِ
كان صامِتاً
وكُنتُ أبكي
كان الدّمعُ في عيني
يتساقَطُ في عَينَيهِ
ودُموعُ الموتى ترتجفُ
ولا
تنهمِرُ..
كُنّا نسقُطُ بالموتِ معاً
كما تسقُطُ الأحلامُ عن وُجوهها
جُثتي تَبتَسِمُ
وهو ينتَشي”