الثقةُ وتقديرُ الذاتِ لدى خريجي الجامعاتِ من أسرارِ إشراكِهم في ورشةِ إعادةِ الإعمارِ
يعتمدُ أيُّ مجتمعٍ في الحفاظِ على استمرارِ *تقدُّمه*وازدهارِ مستقبلهِ على العنصرِ البشريِّ، وخصوصاً على الخريجينَ والخريجاتِ منَ الاختصاصاتِ كافةً، حيثُ باتتْ هذه الشريحةُ إحدى أهمِّ الشرائحِ المجتمعيةِ التي نراهنُ عليها في نهضةِ إعادةِ إعمارِ الوطنِ، نظراً للمؤهَّلاتِ التي تتمتعُ بها، ولا سيّما العلميةِ والفنيةِ والثقافيةِ والمهاراتيةِ والمعرفيةِ، مؤهَّلاتٌ منطلَقُها الأساسيُّ الثقةُ بالنفسِ وتقديرُ الذاتِ والتواضعُ والعطاءُ والمحبةُ والتفاني، سماتٌ اكتسبوها في مرحلةِ التعليمِ الجامعيِّ وصولاً إلى التخرّجِ، حتى باتتْ كوادرَ مؤهَّلةً تساهمُ في تطورِ المجتمعِ.
في الواقعِ، لقد أُصدِرَت كلُّ التوجيهاتِ والإرشاداتِ بالتنسيقِ مع لجنةِ التنميةِ البشريةِ ولجانِ متابعةِ مساراتِ تطورِ هذه الشريحةِ المجتمعيةِ التي نعقدُ عليها آمالاً كبيرةً في بناءِ مستقبلِ ليبيا الواعدِ، فهذه الشريحةُ اهتدتْ بالحبِّ إلى اللهِ، وتؤمنُ بأنَّ الحبَّ فضيلةٌ إيجابيةٌ، لأنه في جوهرِهِ إثباتٌ وإِحياءٌ وبِناءٌ، وهو في الاصلِ ميلٌ إيجابيٌّ ونزوعٌ عمليٌّ يتجلى في تحوُّلِ الاهتمامِ من الأنا إلى الأنت، وبالتالي الحبُّ أولاً نيّةٌ واتجاهٌ وسلوكٌ، في حينِ أنّ الكراهيةَ في جوهرِها إنكارٌ وإفناءٌ وهدمٌ.
وانطلاقاً من هذه المقاربةِ التي تركزُ على الاهتمامِ بالآخرين، تبرزُ قيمةُ الثقةِ بالنفسِ أولاً، وثقةِ الآخرين بهذهِ الشريحةِ ثانياً، ما يعزِّزُ تقديرَهم لذواتِهم ولمهاراتِهم وخبراتِهم ومعارفِهم، ومساهمةَ هذه العواملِ مجتمعةً في إنجاحِ نهضةِ الإعمارِ.
ويعتمدُ تطويرُ الذاتِ على مرونةِ الفردِ وقدرتِهِ على التكيُّفِ مع البيئاتِ المختلفةِ التي سيخوضُ فيها تجاربَهُ وخبراتِهِ، كلٌّ في مجالِهِ، حيثُ يتمتعُ الشخصُ السويُّ بقدرتِهِ على التكيُّفِ والتوافقِ، فظروفُ الحياةِ دائمةُ التغييرِ، لذلك يُضطَرُّ الإنسانُ إلى أن يُعدِّلَ استجابتَهُ أو يُغيِّرَ نشاطَهُ، كلما تغيرَتْ ظروفُ البيئةِ التي يعيشُ فيها.
ومن هذا المنطلقِ بدأنا بكلِّ الإجراءاتِ الكفيلةِ بجعلِ البيئةِ التي يتفاعلُ فيها الخريجون الليبيون بيئةً داعمةً لهم ولأفكارِهِم الإبداعيةِ، ولإيمانِ كلٍّ منهم بذاته، وذلك ضماناً لانعكاساتٍ وردودِ فعلٍ إيجابيةٍ من المجتمعِ على أدائهم خلالَ قيامِهم بالأدوارِ والوظائفِ الموكَلةِ إلى كلٍّ منهم، وكلٌّ في اختصاصِهِ.
وتأتي هذه الخطوةُ ضمنَ استراتيجيتِنا الخاصةِ بتنميةِ جيلِ الشبابِ الجامعيِّ، ولا سيما الخريجين منهم، كإحدى أدواتِ مواجهةِ الخوفِ من المستقبلِ الذي يشعرُ به الخريجُ، والذي يتعلقُ بالجانبِ المهنيِّ وإمكانيةِ الحصولِ على فرصةِ عملٍ مناسبةٍ بعدَ التخرجِ من الجامعةِ ضمنَ معادلةِ “وضعُ الشخصِ المناسبِ في المكانِ المناسبِ”، وذلك لأنّ الحصولَ على المؤهَّلِ العلميِّ، الذي يُعتبَرُ أساسَ الحصولِ على عملٍ أو وظيفةٍ، هو غايةُ الطالبِ وغايتُنا، لا بل أكثر، هو واجبُنا الوطنيُّ والمجتمعيُّ.
واعتماداً على كلِّ ما سبق، فإنَّ الثقةَ بالنفسِ وتقديرَ الذاتِ لدى هذه الشريحةِ البنّاءةِ في وطنِها، تؤثرُ بطريقةٍ فعالةٍ في مواجهةِ القلقِ من المستقبلِ، ومن إيجادِ فرصِ عملٍ، ما يجعلُ تقديرَهم لذواتهم إيجابياً، وهذا راجعٌ إلى الجهودِ التي يبذلونها في تنميةِ قدراتِهم العقليةِ والفكريةِ والمهاراتيةِ، دون أن ننسى التنشئةَ ودورَ الوالدين في حثِّ أبنائهم على العملِ وحبِّ الاجتهادِ في سبيلِ نيلِ مناصبَ مهمةٍ، تضمنُ لهمُ الراحةَ والاستقرارَ في حياتِهم، وذلك منذُ دخولِهم إلى مقاعدِ الدراسةِ في العامِ الجامعيِّ الأولِ من مسيرتِهم الأكاديميةِ.