نحوَ الاستثمارِ في الطاقاتِ المتجدِّدةِ لتعزيزِ التنميةِ المستدامةِ
تتعرّضُ الثرواتُ البيئيةُ في العالمِ لتدهورٍ واضحٍ بسببِ عواملَ عدةٍ، منها نوعيةُ الأنشطةِ الاقتصاديةِ، وزيادةُ عددِ السكانِ، وارتفاعُ عددِ السياراتِ، وبالتالي زيادةُ الطلبِ على الطاقةِ، وكلُّ ذلكَ انعكسَ على جَودةِ الهواءِ، فباتَتِ الدولُ تسنُّ قوانينَ للمحافظةِ على نوعيةِ الهواءِ، وتعتمدُ على تقنياتِ الطاقةِ المتجدّدةِ لتقلِّلَ من الآثارِ البيئيةِ للنموِّ.
وليست ليبيا بعيدةً عن تلكَ المخاطرِ كمثيلاتِها من باقي الدولِ، والمسؤولون فيها يعون جيداً أنّ استثمارَ ليبيا في الطاقاتِ المتجددةِ يمثِّلُ فرصةً جيدةً لتعزيزِ التنميةِ المستدامةِ وتحقيقِ الأهدافِ البيئيةِ والاقتصاديةِ. فليبيا قادرةٌ على الاستفادةِ من مواردِها الطبيعيةِ الغنيةِ وما توفّرُهُ من فرصِ عملٍ جديدةٍ وتحقيقِ استقلاليةٍ ملحوظةٍ في مجالِ الطاقةِ.
تُعتبَرُ الصناعةُ والزراعةُ من المسبِّباتِ الرئيسيةِ لتلوّثِ الهواءِ، بسببِ تصريفِ النُّفاياتِ السائلةِ غيرِ المعالَجةِ. أما الموادُّ الكيميائيةُ الزراعيةُ، فهي تلوِّثُ المياهَ السطحيةَ والجوفيةَ، فيما رداءةُ الصَّرفِ الصحيِّ تُعَدُّ أحدَ أبرزِ مصادرِ التلوّثِ، لذلكَ تُحَضِّرُ البلدياتُ في ليبيا خطةً فعّالةً من أجلِ بناءِ بِنيَةٍ تحتيةٍ لشبكاتِ الصرفِ الصحيِّ ومعالجةِ مياهِ الصرفِ الصناعيةِ.
ولأنّ الطاقاتِ المتجددةَ تلعبُ دوراً مهماً في الحفاظِ على البيئةِ والنهوضِ بأبعادِ التنميةِ المستدامةِ، وهي تُعتَبَرُ بديلاً مستداماً للطاقةِ الأحفوريةِ، يرى الدكتور الصدّيق حفتر “أنّ ليبيا تتمتعُ بمواردَ طبيعيةٍ غنيةٍ للطاقاتِ المتجدِّدةِ، كالطاقةِ الشمسيةِ والرياحِ التي توفرُ فرصاً جيدّةً لتوليدِ الكهرُباءِ بطرقٍ مستدامةٍ ونظيفةٍ، ما يحقِّقُ استقلاليةً أكبرَ في مجالِ الطاقةِ. لذلك، لا بدَّ من الاستثمارِ في الطاقاتِ المتجددةِ في المناطقِ كافةً، وليس فقط في المناطقِ النائيةِ أو الصحراويةِ”، داعياً “إلى زيادةِ الوعيِ لارتفاعِ معدَّلاتِ إنتاجِ الطاقةِ واستهلاكِها في ليبيا وما ينتجُ منه من زيادةٍ في الانبعاثاتِ السامةِ للاحتباسِ الحراريِّ وملوِّثاتِ الجوِّ التي تتأتى عنِ المصانعِ، وبالتالي تُحدِثُ تغيراتٍ في المناخِ المحليِّ وأيضاً العالميَِ”.
وهنا لحظَ الدكتور حفتر “ضرورةً ملحّةً للعملِ لوضعِ خطةٍ وطنيةٍ لرصدِ الانبعاثاتِ الضارةِ في الهواءِ ومراقبةِ جودتِهِ والتحكمِ بالانبعاثاتِ الملوِّثةِ له، وإعدادِ تقاريرَ بذلك، وصولاً إلى تقليلِ الانبعاثاتِ الناجمةِ عن حرقِ النِّفطِ والغازِ باستخدامِ تقنياتٍ حديثةٍ لفصلِ الانبعاثاتِ الكربونيةِ عن الهواءِ”.
يُعَدُّ إنتاجُ النفطِ وتصنيعُهُ المصدرَ الرئيسيَّ لتلوثِ الهواءِ، لذلك لا بدّ من تحديثِ تقنياتِ التحكُّمِ في التلوّثِ في المصانعِ، وتطبيقِ الحدِّ الأدنى من مكافحةِ التلوّثِ على جميعِ المشاريعِ الصناعيةِ، قديمةً كانت أو جديدةً. ولأنّ الانبعاثاتِ منَ السياراتِ والشاحناتِ وغيرِها تسبِّبُ تلوّثاً في الهواءِ وتزيدُ من نسبةِ الأمراضِ، شدّدَ الدكتور حفتر “على تطبيقِ معاييرِ كفاءةِ الوقودِ، ما سيخفّضُ كلفتَهُ على أصحابِ الآلياتِ والسياراتِ، وسيحافظُ على احتياطاتِ النفطِ الليبيةِ”، داعياً إلى وضعِ خطةٍ لتطويرِ نظامِ النقلِ والمواصلاتِ في المدنِ والقرى، ودعمِ استخدامِ الحافلاتِ، وتحديدِ طرقاتٍ ومساراتٍ وأماكنِ توقفٍ لها.
ولأنّ ليبيا، كغيرِها من الدولِ العربيةِ ودولِ العالمِ، تشهدُ معدَّلاتٍ عاليةً في نَدرةِ المياهِ وتراجعِ جَودةِ الهواءِ، فلا بدَّ من وُجهةِ نظرِهِ “من إطلاقِ حمَلاتِ توعيةٍ وطنيةٍ لتعريفِ المواطنين بتلك المخاطرِ، وحثِّهم على المحافظةِ على ثرواتِهِمِ المائيةِ وترشيدِ استخدامِها وإدارةِ النُّفاياتِ وحمايةِ التنوعِ البيولوجيِّ، ودمجِ التعليمِ البيئيِّ في المناهجِ الدراسيةِ”.
حمايةُ ثرواتِ ليبيا البيئيةِ الطبيعيةِ تأتي من ضمنِ الأولوياتِ، ولا بدّ من تطبيقِ ذلك بشكلٍ مسؤولٍ ومستدامٍ.