ليبيا قادرة على تطوير مؤسساتها وتحديثها

لا يمكن بناء أي دولة في أيّ قطر من أقطار الأرض إلا من خلال بناء الإنسان، إنسانٌ يؤمن بمفهوم الدولة وبأهميته كفرد وكمجتمع في تطويرها. غالباً ما يكمن ضعف الدولة في ضعف حكمها وإداراتها ومؤسساتها، أما قوّتها فتكمن في قوّة قدراتها المؤسساتية والإدارية على تصميم السياسات وسنّ الأنظمة والقوانين والعمل على تطبيقها وفقاً لمبدأ الكفاءة والمحاسبة.

يجزم الخبراء بأنّ بناء الدولة القوية يقوم على ثلاث مرتكزات رئيسية وهي الأمن والسياسة والاقتصاد. ويعتبر السلام أحد أبرز أهداف التنمية المستدامة، لا بل هو الأساس في تحقيقها وفي وصول المجتمعات إلى الخدمات العامة الفعالة، من خلال الوظائف الأساسية مثل الأمن والعدالة، الإدارة المالية، الخدمة المدنية، التوظيف الحكومي والحكم المحلي.

لكن كيف يمكن تطوير مؤسسات الدولة وتعزيز وظائفها؟ سؤال تحتمّ الإجابة الفوريّة عليه إيجاد الحل السياسي الشامل، وهذا ما يؤكّد عليه الدكتور الصديق حفتر مشدّداً على “اتخاذ مجموعة إجراءات تأتي في طليعتها مسألة دعم المؤسسات الرسمية دون استثناء وتعزيز استقلاليتها بمشاركة وزارة التخطيط ومجلس التخطيط الوطني، كذلك دعم المؤسسات المعنية بتوفير الطاقة لاسيما المؤسسة الوطنية للنفط والكهرباء والمياه، وتوحيد مجالس إدارة المؤسسات العامة لاسيما الطيران المدني والمطارات والموانئ وغيرها”.

وركّز الدكتور حفتر على” أهمية إعادة الثقة في الدولة ومؤسساتها من خلال تثبيت مفهوم الهوية الوطنية وإيجاد آليّة فاعلة للرصد والمراقبة داخل المؤسسات ورفع كفاءتها خاصة في السجل العقاري والتجاري، الأملاك العامة والتخطيط العمراني والضرائب، ولا يكون ذلك إلا من خلال تطوير أجهزة الرقابة وتوظيف تكنولوجيا المعلومات للتحوّل نحو المؤسسات الالكترونية والنظام الرقمي”.

وإذا كانت ليبيا كغيرها من الدول العربية التي تشهد صراعات ونزاعات أمنية وسياسية، تتعثر أحياناً في ترسيخ مقومة الدولة الحديثة وتطوير مؤسساتها، إلا أنها ومن منظار الدكتور حفتر قادرة اليوم قبل الغد، على التعافي واللّحاق بتحديث وتكوير منظومة الدولة من خلال الاستجابة لبيئة الحياة المثالية التي تحاكي تطلعات الشعوب في كل الأوقات، وتخفيز دورهم الإيجابي في بناء وطنهم وترسيخ دولة القانون والمؤسسات كممارسة فعلية وربطها بتحقيق الرفاه والحريات والعدالة والتنمية لكل المواطنين دون تمييز، فضلاً عن تحسين مناخ ممارسة الحقوق وتعزيز الانفتاح ورفع وعي المجتمع من خلال سياسات تطوير التعليم والابتكار والابداع وتمكين الشباب”.

صحيح أنّ قيام دولة معاصرة يعني تحديث مؤسساتها وهياكلها، لكنّ ذلك لا يعني بالضرورة الانفصال عن هيكل الدولة القائمة في المجتمع، ولا يعني أبداً البحث عن دولة جديدة بالكامل. فالدولة المعاصرة يمكنها تعزيز قدراتها الحالية وتحسين عجزها الناجم عن الأزمات المتكررة بعد إيجاد الحلّ الجذري لها. كلّ ذلك يستتبع وضع سياسات متعددة الأبعاد لتكون مؤسسات الدولة فعالة وقادرة على تحقيق الغايات المرجوّة منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *