“كوكو ماك ماك” في كندا بعرض استثنائي بسيط خاطب المشاعر الانسانية
“كوكو ماك ماك” في كندا بعرض استثنائي بسيط خاطب المشاعر الانسانية بضحكات حتى البكاء أضحكتنا كوكو ماك ماك تلك الشابة اللبنانية القادمة من فرنسا والمحمّلة بعبق ذكريات بلدها وتقاليد العائلة اللبنانية الاصيلة، أضحكتنا بعباراتها الشعبية التي وعلى تنوعها لم تخدش حياءنا او تحرك خجلنا طوال عرضها المونولوجي على مسرح أندريه ماثيو في لافال والذي حضره أكثر من 850 باحث عن ضحكة مجانية وهي ظاهرة لم يسبق لها مثيل في مونتريال حتى اليوم.
أطلت كوكو على المسرح برداء النوم الرمادي المنقط المشهور، وعلى وقع الموسيقى تمايلت قبل ان توجه “اللطشات” البريئة للحاضرين من المدعويين الجالسين في الصفوف الامامية و”التحية” لاؤلئك الذين دفعوا ثمن بطاقاتهم، تحدثت بانسيابية وكثير من الجرأة ما أضحك الجمهور الذي تفاعل معها بالـ ouf قبل ان تبدأ عرضها بالحديث عن طفولتها رفقة امها التي كانت تفكر بصوت مرتفع لاسيما في المدرسة حيث كانت تناديها باسمها امام رفاقها، والتي كانت سعيدة ب “التانت روز” وهي العادة الشهرية التي اخافت الصغيرة كوكو التي لم تفهم زلغوطة والدتها وغيرها من القصص التي تحفّز المشاهد على الاستمتاع بكل مشهد وكلمة وادق التفاصيل.
في عرضها الترفيهي المبسّط عرفت كوكو ماك ماك كيف تسرق الضحكة منا وحتى البكاء، عرفت وبذكاء كيف تعرض واقعنا العائلي اللبناني دون تجريح او ابتذال، فتناولت موضوع المثلية الذي لم تتقبله العائلة، التمييز ما بين الصبي والبنت في البيوتات اللبنانية المحافظة والتي تحلل للابن المدلل عند امه ما لا يحلّ لغيره هو المعروف بالـ divin enfant، استطاعت ان تنقل لنا بعضا من عاداتنا الموروثة كمثل رائحة النفتالين والمفاتيح التي تفهم من الوانها لاي خزانة او باب تنتمي، عن صالون البريستيج وعلب الكلينكس المنتشرة في كل ارجاء البيت وعن صور اطفال نسى اصحابها لمن تعود له وعن وعن تحدثت لتكون خلاصة الموضوع انه “مرض ال jnounisme “الذي اكتشفته كما غيره من الاختصاصات التي ابدعت باعطائنا فكرة عنها بطريقة فيها من الضحك بقدر ما فيها من الذكاء والحكمة في معالجة الموضوع.
جسّدت كارين مكاري او كوكو ماك ماك كما يعرفها الناس بشخصيتها التي ابتكرتها على حسابها على انستغرام، في المونودراما التي اجادت لعبها باللغة الفرنسية المطعّمة بالعربية ، شخصيات ثلاث اساسية، شخصية كوكو ماك ماك الشابة الفرنسية التي تفهم الرجال وتعرف كيف تتعاطى معهم كل وفق ما يقدمه كمثل الجار سمير وناجي الذي لا يحبذ السياسة مع ان والده صديق للرئيس الراحل الحريري، وكم كانت استثنائية وقفتها التحليلية لاصناف الرجال وانواع العلاقات الجنسية والتي بحنكتها الفكاهية شغلت عقول وعيون الحاضرين دون ان تتخطى الخطوط الحمر المرسومة للمسارح خصوصا العائلية منها، وشخصية الشابة الاربعينية ريا المثيرة التي تبحث عن الشريك الغني التي ان لم تتزوج فلها الحق في الحياة والسعادة والحرية في ان تختار حياتها كما يحلو لها، وشخصية ام ماك ماك ماك التي تحب اولادها دون اي تفرقة فيما بينهم وان كان أمير الصبي افضلهم الحساس والرقيق الذي يخاف النوم وحده فينام الى جانب صديقه طلال.
قدمت كوكو بشخصياتها الثلاث رسائل مختلفة، الاولى للفتيات تطالبهن وبعفوية الابتعاد عن الأمور المعقّدة في الحياة، والثانية تنتقد فيها الغرور وحب المال، أما الثالثة فانتقدت فيها المشاكل الاجتماعية المختلفة، هي التي وصفت وببراعة الإختلاف الثقافي بين لبنان وفرنسا.
ومن المواضيع التي اثارتها على مسرحها، موضوع الاغتراب سواء في فرنسا او كندا والذي اعطى المغترب فرصة رائعة للحياة كما موضوع ترشحها للانتخابات بمشروع عنونته AF11 والقائم على: تشجيع لا بل عدم ترك الفتيات دون زواج ما بعد سن الثلاثين، عدم رمي النفايات من النوافذ، الغاء الدين عن الهوية، اعطاء جنسية الام لاولادها وتسهيل الزواج المدني للجميع بمن فيهم المثليين.
أدخلت كوكو ماك ماك الفرح الى قلوب مهاجرين لما تزل رائحة الماضي وذكرياته تفوح في قلوبهم، ومعها استعادوا ذكريات كانت بعيدة قريبة من وجدانهم، فهذه الشابة الاستثنائية بموهبتها صحيح انها لم تدرس المسرح الا انها عرفت بعفويتها وصدق ما تنقله بلكنتها الفرنسية وعربيتها المفرنسة ان تقدم لنا مادة قد لا ينجح اصحاب الشهادات المسرحية بتقديمها هي التي زرعت البسمة، لا بل الضحكات في المسرح ولمدة تخطت الساعة ونصف الساعة.
كارين مكاري، ممثلة موهوبة ابدعت بعفويتها وخفة ظلها على المسرح، وحضورها اللطيف والاستثنائي لم يكن ليتحقق لولا جهود الشركتين كندا للفعاليات (CANEV) لمؤسسيها كميل نصار وايف قيومجي وشركة ’’نيو دايمنشن أوف ذو يونيفرس‘‘ (New Dimension Of The Univers) لمؤسستها هاي لاف حدشيتي اللتان تعملان على دعم الفنانين اللبنانيين واظهار الوجه المفعم بالحياة لوطن نهشت روحه الازمات المتلاحقة.