دورُ المجتمعاتِ المحليةِ في تعزيزِ السياحةِ وتحسينِ خِدماتِها

يُعتبَرُ المجتمعُ المحليُّ المحرِّكَ الأوّلَ للنهوضِ بعمليةِ التنميةِ السياحيةِ، ويلعبُ السكانُ المحليون دوراً بارزاً في نجاحِ القطاعِ السياحيِّ، ومنَ الأهميةِ بمكان التأكّدُ من مستوى دعمِ أفرادِ المجتمعِ المحليِّ قبلَ الشروعِ بالتنميةِ السياحيةِ في أيِّ بلدٍ كان، لضمانِ بيئةٍ سياحيةٍ إيجابيةٍ، فيها مواطنون يتمتعون بطبيعةٍ مِضيافةٍ تتماشى مع ما يُحبُّهُ السائحون وما ينتظرونه منَ البلدِ المِضيافِ وشعبِهِ.
تخلقُ التنميةُ السياحيةُ فُرَصَ عملٍ متعددةٍ، سواءٌ في القطاعِ السياحيِّ أو القطاعاتِ الأخرى التي ترتبطُ بها، وهي تؤمّنُ مواردَ ماليةً إضافيةً للسكانِ عبرَ المشروعاتِ المتعددةِ وزيادةِ مصادرِ دخلِ المجتمعاتِ المحليةِ منَ الأنشطةِ السياحيةِ الصغيرةِ، ومنها الصناعاتُ اليدويةُ والمحالُّ الصغيرةُ.
ولأنّ السياحةَ يُمكنُ أن ترفعَ المستوى المعيشيَّ للمجتمعاتِ والشعوبِ، يرى الدكتور الصدّيق حفتر أنّها “تلعبُ دوراً مهماً في تعزيزِ الاقتصاداتِ المحليةِ وتوفيرِ فُرَصِ عملٍ للسكانِ المحليين، وهي تُعتَبَرُ صناعةً ديناميكيةً ومتنوعةً، إذ تشمَلُ السفرَ لأغراضِ الترفيهِ والاستجمامِ والتعليمِ والثقافةِ والصحةِ والرياضةِ”. ويتوقفُ الدكتور حفتر عند دورِها في تنشيطِ الاقتصادِ الليبيِّ، ويدعو إلى “تعزيزِ الاستثمارِ وتطويرِ البِنيةِ التحتيةِ، تنشيطِ القطاعاتِ المرتبطةِ، تعزيزِ التبادلِ الثقافيِّ، زيادةِ الإيراداتِ الضريبيةِ، ودعمِ الصناعاتِ المحليّةِ التي يُقبِلُ السُّياحُ عليها من خلالِ شراءِ الهدايا التَّذكاريةِ والمُنتَجاتِ الليبيةِ والحِرَفِ والصناعاتِ الغذائيةِ المحليّةِ”.
تمتلكُ ليبيا العديدَ من مناطقِ الجَذبِ السياحيِّ لتمتُّعِها بالمواردِ البشريةِ والطبيعيةِ، ومن هذهِ المواردِ، على سبيلِ المثالِ، نشأتْ على الساحلِ الشرقيِّ المدنُ الإغريقيةُ والرومانيةُ في قورينا (شحات)، وأبولونيا (سوسة) ويوسبيريديس (بنغازي)، وعلى الساحلِ الغربيِّ المدنُ الفينيقيةُ والرومانيةُ في لبدة وصبراتة وأويا (طرابلس). وتمتلكُ ليبيا أيضاً آثاراً تتمثلُ بالنقوشِ والرسومِ الصخريةِ، كما في جبالِ أكاكوس وأبار مجي والعوينات، إضافةً إلى الواحاتِ الصحراويةِ مثلِ واحةِ غدامس وغات ومرزوق، وكلُّ هذه المواردِ تمثلُ عواملَ جذبٍ للسُّياحِ، ما يتطلّبُ تحسينَ الخِدماتِ السياحيةِ فيها، وهنا يقولُ الدكتور الصدّيق حفتر: “يجبُ تعزيزُ الخِدماتِ السياحيةِ المتنوعةِ مثلِ المرافقِ السياحيةِ والمرافقِ الترفيهيةِ، وتوفيرُ الخِدماتِ والمنشآتِ التي يحتاجُها السُّياحُ، أي الفنادقِ والمُنتجعاتِ والمطاعمِ والمتاحفِ والمعالمِ السياحيةِ وإيلاؤها الاهتمامِ اللازمِ وتوفيرُ الرِّحلاتِ السياحيةِ والخِدماتِ الموازيةِ لها من وسائلِ نقلٍ وترجمةٍ وجولاتٍ سياحيةٍ مع مرشدين سياحيين، فضلاً عن تعزيزِ إنفاقِ الدولةِ على البِنيةِ التحتيةِ السياحيةِ والتسويقِ لها جيّداً، وإطلاقِ حمَلاتِ توعيةٍ لرفعِ الوعيِ السياحيِّ لدى المواطنين، ولا يتحققُ ذلك إلا من خلالِ تعاوُنٍ وثيقٍ مع وسائلِ الإعلامِ، نظراً لأهميَّتِها في خدمةِ السياحةِ، فضلاً عن الترويجِ الرقميِّ لها”.
إلى ذلك، يمكنُ أن يحقِّقَ التعاونُ بينَ الدولِ العربيةِ من خلالِ منظَّماتِها العربيةِ وتدريبِ الإعلاميين السياحيين وتأهيلِهِم من خلالِ برنامجِ التحوّلِ الرقميِّ، وإنشاءِ مِنصَّةٍ عربيةٍ مشتركةٍ لتلك الغايةِ، دعماً للسياحةِ في أيّ بلدٍ عربيٍّ تتوافرُ فيه مقوِّماتُ السياحةِ، وليبيا في طليعةِ ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *