ليلى شمس الدين تقرأ “لبنان صورًا ..” لعبّاس سلمان
عندما تلتقط كتاب “لبنان صورًا” تجده يسحبك طواعية من عالم عادي إلى سحر عالم عباس سلمان الذي يستبطن خبايا وأسرار من كل حدب وصوب. فتعيش في واقعك المعيوش ما لا يمكنك ضبطه أو حدّه، وتغوص فيما وجّه عدسته لتنطق الصورة الجامدة والمتحوّلة في الوقت ذاته إلى حيوات تنبض بقصص تنبض بالحاضر وتستحضر التاريخ.
هذا باختصار ما انطوى بين يدي، متسلّلاً إلى دفتي أفكاري وأنا أتصفح كتاب سلمان المسكون بـ 146 صورة، هي أكثر من مجرد صور تستبطن أوجاع الناس وأفراحهم على مدى 35 عامًا، بل لاختزانها محطّات مفصلية، ترصد وتوثّق مفاصل محورية في تاريخ الوطن.
أمّا دقّته في الملاحظة فلا توازيها دقّة، وبديهيته في سرعة التقاطه للمشهد الذي يرصده، وخفّته التي لا يستطيع أيا كان التمثّل بها، تطبع في قلبك وعقلك صورًا لا تُمحى، فتنثر في مخيلتك ما لا يمكنك إدراكه لو رأيت المشهد من تلقاء نفسك.
وتبقى الأناقة سيّدة الموقف المسيطر من الغلاف إلى الغلاف الذي يروي قصصًا وعبر تستعيد ماضٍ، وتعيش الحاضر، وتستشرف المستقبل. وإذا هممت بالغوص في أبعاد هذه الموسوعة منطلقًا من غلافها، يُطالعك اسم عبّاس سلمان باللون البرتقالي ليس عن عبث، وإنّما لسطوع شخصه، ولحيويته اللافتة النابضة بالمحبة، والمختزنة للمغامرة والقوّة والجاذبة للانتباه.
لذلك كلّه وأكثر، تدرك لماذا اسم عباس سلمان ليس كسائر الاسماء في ميدانه، ليس فقط لأنّه “يمشي وراء عينيه” كما وصفه صديقه الراحل ناشر صحيفة السفير طلال سلمان في مقدّمة كتابه، وإنمّا لخصوصية امتلاكه قدرة تمكّنه من خلال عدسته ترجمة لحظات تاريخية معقّدة إلى قصصٍ مرئية سلسة تترك صداها عميقًا في أنفاس متصفّحيها.
تمثّلت قدرة عبّاس، المصوّر الذي التقط التاريخ، لإحاطته بجوهر كل لحظة رواها، ناثرًا العواطف، ومبيّنًا الصراعات كما الانتصارات التي توثّق لحقبات اختصرها بفيض وفاؤه ومحبته الدفّاقة التي تنحت شخصيته بصوره الأخّاذة التي تنقلك “في خاتمة البحث … عن أجمل صورة” لتغلق عينيك على جميل ما جمع وقدّم في عمله المذهل المنطوي على سرد القصص في صوره الفوتوغرافية الآسرة.