نراهنُ على دورِ المُجتمَعِ المحليِّ في التنميةِ المحليَّةِ لبناءِ مستقبلٍ مزدهرٍ
يُعتبَرُ المُجتمَعُ المحليُّ الحلقةَ الأساسَ بينَ المواطنِ وحكومتهِ المركزيةِ، حيثُ يساهمُ من خلال المُهماتِ التي يقومُ بها، والصلاحياتِ المُعطاةِ له، في تحقيقِ التنميةِ المحليةِ المُستدامةِ. وليبيا الحبيبةُ، كغيرِها منَ الدُّوَلِ، يجبُ عليها مواكَبةُ التطوراتِ الاقتصاديةِ، حتى تكونَ في مستوى التحدياتِ التي تفرضُها استراتيجيةُ التنميةِ المستدامةِ، التي تبدأُ منَ القاعدةِ، وصولاً إلى قمةِ الهرمِ، وباعتبارِ أنَّ المجتمعَ المحليَّ هو القاعدةُ في بناءِ الدولةِ، وجبَ تفعيلُ دورِها كدَعامةٍ أساسيةٍ في تحقيقِ التنميةِ المحليةِ المُستدامةِ.
وللمجتمعِ المحليِّ صلاحياتٌ متشعبةٌ، وهو يختصُّ بكلِّ قطاعاتِ النشاطِ، منها قطاعُ الشبابِ والرياضةِ، والزراعةُ والصِّحةُ والسياحةُ والنقلُ والتكوينُ المهنيُّ، والتربيةُ، والصناعةُ والطاقةُ والمياه، والتخطيطُ والتنميةُ العمرانيةُ، والحمايةُ والترقيةُ الاجتماعيةُ لبعضِ فئاتِ المواطنين، والثقافةُ، والتجارةُ، والبريدُ والمُواصَلاتُ والمنشآتُ الأساسيةُ، والشؤونُ الدينيةُ والأوقافُ، والسَّكنُ، الغاباتُ وإصلاحُ الأراضي واستثمارُها.
وتشكلُ التنميةُ المحليةُ المستدامةُ تحدياً كبيراً للمُجتمَعِ المحليِّ، وخصوصاً المناطقَ الفقيرةَ والنائيةَ، كذلك فإنها تُعَدّ عمليةً ديناميكيةً تفاعليةً بينَ أجهزةِ الدولةِ ومختلِفِ مكوِّنات المُجتمَعِ. ويُعتبَرُ المجتمعُ المحليُّ أحدَ أهمِّ أساليبِ تنظيمِ الدولةِ. ولا أُخفي عنكم أنَّ حكومتَنا تسعى جاهدةً لدعمِ هذا المجتمعِ، بهدفِ توفيرِ الرفاهيةِ والعيشِ الكريمِ للمواطنِ.
فالتنميةُ المحليةُ المستدامةُ كانت ولا تزالُ في مقدّمةِ أهدافِ الحكوماتِ المتعاقبةِ، والركيزةُ الأساسيةُ لتحقيقِ ذلك، دعمُ الاستثمارِ المحليِّ، وذلكَ من خلالِ خلقِ مؤسَّساتٍ إنتاجيةٍ صغيرةٍ ومتوسطةٍ في عدةِ مجالاتٍ صناعيةٍ وحِرَفيةٍ وزراعيةٍ ومقاولاتيةٍ، وحتى سياحيةٍ، تستوعبُ الشبابَ، وتخلقُ الثروةَ والتنوُّعَ في المُنتَجاتِ.
ونحنُ نرى أنَّ الجهودَ الذاتيةَ، والمشاركةَ الشعبيةَ لا تقلّان أهميةً عنِ الجهودِ الحكوميةِ في تحقيقِ التنميةِ عبرَ مساهمةِ السُّكانِ في وضعِ مشروعاتِ التنميةِ وتنفيذِها، ما يستوجبُ تضافرَ الجهودِ المحليةِ الذاتيةِ والجهودِ الحكوميةِ لتحسينِ نوعيةِ الحياةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ والحضاريةِ للمجتمعاتِ المحليةِ، وإدماجِها في التنميةِ المحليةِ، وذلك بالاعتمادِ على الابتكارِ في المبادراتِ الذاتيةِ. بالإضافةِ إلى توفيرِ مختلِفِ الخِدماتِ ومشروعاتِ التنميةِ المحليةِ، بأسلوبٍ يشجعُ الاعتمادَ على النفسِ والمشارَكةِ.
ومن هنا تبرزُ العَلاقةُ الوطيدةُ التي أصدرْنا توجيهاتِنا إلى جميعِ الوِزاراتِ المعنيَّةِ بالتزامِها وتطويرِها، انطلاقاً من أنّ التنميةَ المحليةَ المستدامةَ، هي تلكَ العمليةُ التي يشتركُ فيها كلُّ المواطنين في المُدُنِ والبلدياتِ الليبيةِ، الذين يأتون من كلِّ القطاعاتِ، ويعملون معاً لتحفيزِ النشاطِ الاقتصاديِّ المحليِّ.
هذه الجهودُ المجتمَعيةُ ينتجُ منها اقتصادٌ يتَّسمُ بالمرونةِ والاستدامةِ، وهي عمليةٌ تهدفُ إلى تكوينِ الوظائفِ الجديدةِ وتحسينِ نوعيةِ الفردِ والمُجتمَعِ، بمن فيها الفقراءُ والمهمَّشون، معَ الحِفاظِ على البيئةِ.
وفي الختامِ، يجبُ ألّا يغيب عن القيِّمين في بلدِنا أنَّ مُنطلَقَ التنميةِ المحليةِ هو تبنّي “مبدأ البناء” منَ الأسفلِ، بأن نجعلَ من تنميةِ المُجتمعِ المحليِّ نقطةَ الانطلاقِ الأساسيةَ لتنميةِ المجتمَعِ ككل، حيثُ تكونُ الفائدةُ منَ المجتمَعِ وعلى المجتمَعِ.