“المحكمة الدولية إن حكت فلسطينيًا” الجامعة اللبنانية تشارك في مؤتمر الحقوقيين الدوليين من خلال معهد العلوم الاجتماعية ومركز أبحاث المعهد
شاركت الجامعة اللبنانية من خلال معهد العلوم الاجتماعية ومركز أبحاث المعهد في مؤتمر الحقوقيين الدوليين الذي انعقد في جنيف ايام الخميس والجمعة والسبت في 6 و7 و8 حزيران \ يونيو الجاري من خلال ورقة بحثية شارك في كتابتها تسعة باحثين من الجامعة اللبنانية، وتناولت “الإبادة الجماعية على المستوى المفاهيمي بهدف الكشف عن الاختلافات بين التعريفات والمقاربات المختلفة المتعّلقة بمفهوم الإبادة الجماعية، خاصة فيما يتعلق بفلسطين”.
ضمّت فعاليات المؤتمر 55 دولة، وتحدّث خلال جلساته 226 باحث وباحثة من العالم، وتضمّنت مشاركة الجامعات في منطقة الشرق الأوسط من خلال جامعتين هما الجامعة اللبنانية، وجامعة النجاح من فلسطين.
البروفسور حسين أبو رضا
كان لرئيس مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر جاء فيها ” يشكّل ضعف القانون الدولي، وصمته، فرصةً لاستمرار الكيان الاسرائيليّ في فرض سيطرته على الإنسان وهيمنته على الأرض في فلسطين وعلى جنوب لبنان، وفي فرض سياساته التدميرية. وهو يستخدم القوّتين الناعمة والصلبة، لتحقيق أهدافه الديموغرافيّة والتربويّة والثقافيّة والاقتصاديّة، لذلك لا بدّ من مقاربة مختلف الأبعاد من منظور علميّ السياسة والاجتماع معطوفاً على القانون، فالقوانين وضعت لخير البشرية وسعادتها”. وأضاف “أنّ ما يحدث في غزة حاليًّا من وجهة نظرنا العلمية والعملية والمعرفية، هي إبادة جماعيّة في أبعاد متعدّدة بكلّ المقاييس الإنسانيّة والقانونيّة. والتمادي في القتل والتهجير والتدمير ليس وليد اليوم، بل هو عمل مخطّط له وضمن سياق زمنيّ محدّد مسبقًا.”
وتطرّق البروفسور أبو رضا في كلمته إلى الواقع الذي يعانيه لبنان بسبب الاحتلال الإسرائيلي كما الاعتداءات والحروب الإسرائيلية المفروضة علينا، فقال “نعلم حق اليقين ماذا تعني الحروب وويلاتها على مستقبل أولادنا ومجتمعاتنا وحياتنا وما هي تداعياتها التي تستمر عقود وعقود”، وتطرّق إلى مشاركة الجامعة اللبنانية في هذا المؤتمر من خلال نخبة من أساتذة الجامعة من حقوقين، وعلماء اجتماع وسياسة، وانثربولوجيين وديموغرافيين بورقة بحثية قدّمت إلى المحكمة الدولية الخاصّة في جنيف، معربًا عن استعداد الجامعة اللبنانية الكامب للمساعدة والمشاركة في إقرار التوصيات والعمل على تنفيذها.
البروفسور ة لور أبي خليل
امّا منسّقة مختبر علم الاجتماع السياسي في مركز أبحاث معهد العلوم الاجتماعية، ومنسّقة الورقة البحثية المقدّمة إلى المؤتمر فبدأت مداخلتها بتوجيه الشكر إلى منظّمي هذه المبادرة في جنيف “التي تعتبر فرصة لترجمة التضحيات التي قدّمتها غزة والفلسطينيون إلى مجال القانون الدولي”. معتبرة أنّه “بغض النظر عن أولئك الذين يتألّفون منها، فلا بدّ وأن تُعاد محكمة العدل الدولية إلى دورها الكامل من أجل إعادة ميثاق الأمم المتّحدة إلى مكانته الأساسية في الأداء العملي للمنظمة الدولية”، مشيرة إلى أنّه “سيتم دعم دور هذه المبادرات كشبكة أمان للمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية”.
وأكّدت البروفسورة أبي خليل على موقف جنوب أفريقيا وجميع الدول التي انضمت إليها في الشكوى المقدّمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة إلى أنّ محاكم الرأي اليوم توفّر دعمًا إضافيًا، “وهي أداة دائمة لليقظة وأحد أشكال عمل وتدخل الأشخاص في الديناميات المؤسسّية للأمم المتّحدة والهيئات القانونية”. وبذلك اعتبرت أهمية هذه الفعالية بشكل خاص تأتي لتعطي لهذه المبادرة دورها، معلنة أن هذا المؤتمر يجب أن يؤدّي إلى إنشاء محكمة رأي ترافق جنوب أفريقيا وتدعمها، واقترحت تسميتها “محكمة راسل – مانديلا 2024 لفلسطين”.
وفصّلت مضمون الورقة البحثية المعنونة “قراءة في المعاني المفاهيمية المختلفة ومظاهر الإبادة الجماعية في فلسطين-غزة. 2023-2024، والتي ركّزت على سبعة جوانب” هي “تطوّر الأحداث التاريخية في فلسطين: 82 عاماً من الأسرلة والتهويد، وقانون الجنسية الذي يقدّس اليهودية ويلغي الهوية الفلسطينية، والنهج الديموغرافي بالإطلالة على استخدام الحركة الصهيونية التركيبة السكانية كأداة أساسية لتحقيق هدفها النهائي، والتعريف المفاهيمي للإبادة الجماعية، والإطار المعياري لجريمة الإبادة الجماعية، والمنهج النظري لفهم مفهوم الإبادة الجماعية، والإبادة الجماعية من وجهة نظر اجتماعية”.
البروفسور ة لبنى طربيه
تلت منسّقة مختبر الأنثروبولوجيا في مركز أبحاث معهد العلوم الاجتماعية توصيات الورقة البحثية، فقالت “إذا كان المجتمع الدولي والمنظمات الدوليّة يهدفون إلى تأسيس المستقبل الأفضل للبشرية جمعاء، والذي يعمّه السلام، فلا بد من الاعتراف بالفظائع وتسجيلها”. مضيفة أنّ “قول الحقيقة أمرًا ضروريًا والاعتراف بالجرائم إلزاميًا”. ولبلوغ هذه الغاية أوصت باتخاذ إجراءات تتناول “دعم وتأسيس بحث علمي متعدّد التخصّصات يركّز على الحفاظ على الذاكرة ويستهدف جميع العناصر المتعلقة بالواقع المُختبر والمعاش للفظائع التي ارتكبت خلال الحرب – الإبادة الجماعية والمجازر والقتل الجماعي؛ والحفاظ على الهوية الثقافية التي كانت ولا تزال مهدّدة بالنسيان ممّا يتطلّب التركيز على الإبادة الثقافية – الثقافة في جوانبها المادية وغير المادية”. مشيرة إلى أهمية “العمل على إنشاء أرشيف لجميع الفظائع المرتكبة ضد الأشخاص من رجال ونساء وأطفال، بما في ذلك الصحفيين والمراسلين والعاملين في مجال الرعاية الصحية والأكاديميين والمهنيين والفنانين والمثقفين”، إضافة إلى “الأثر الديموغرافي لأرقام القتلى والأماكن (بما في ذلك المستشفيات والمدارس والجامعات والمكتبات العامة والنصب التذكارية والعناصر الثقافية المتعلقة بالتراث التاريخي والمساجد والكنائس وغيرها) التي تمّ استهدافها وتدميرها”. مع أهمية “إنشاءأرشيف لقصص التجارب والحياة اليومية للناس… والتي من شأنها أن تصبح جزءًا من الخطاب حول فلسطين في جميع المجالات القانونية والسياسية والاجتماعية وغيرها، الآن وفي المستقبل”، مع ضرورة العمل على “التوثيق الأرشيفي بالصور والروايات لجميع أنواع انتهاكات حقوق الإنسان وأعمال العنف المرتكبة، مع التركيز على تأثير ذلك على الذاكرة الجماعية للأجيال القادمة للفلسطينيين والشعوب في البلدان المحيطة والعالم أجمع”، و “التركيز على الدراسات الأنثروبولوجية التي تضفي الطابع الإنساني على الأحداث وأن تحافظ على كرامة الإنسان من خلال الذاكرة”. وتضمّنت التوصيات “أجراء دراسة نقدية لـ “المخيال الاجتماعي” الذي تمّ إنتاجه من خلال تسليط الضوء على كيفية تفسير الأحداث من خلال خلق كوكبة من المعاني التي تخدم المعتدي”.
الجدير بالذكر، أنّ الورقة البحثية التي قدّمت من الجامعة اللبنانية قد اعتمدت بالكامل من قِبل أعضاء المحكمة الدولية الخاصّة، وقد شارك في كتابتها كل من د. حسين أبو رضا، د. لور أبي خليل، د. شوقي عطيه، د. لبنى طربيه، د. سحر حمود، د. علي شكر، د. رنا شكر، د. علي إبراهيم مطر، د. رضا الشاب، ود. علي فضل الله.
شارك في حضور فعاليات المؤتمر من بعد، على مدى الأيام الثلاثة، أساتذة وباحثين من معهد العلوم الاجتماعية ومن كلّيات ومعاهد الجامعة اللبنانية، كما شارك طالبات وطلاّب الدراسات العليا من معهد العلوم الاجتماعية ومن كلّية الحقوق في الجامعة اللبنانية.
واختتمت أعمال المؤتمر بإطلاق اللجان البحثية، فانضوت الجامعة اللبنانية كعضو في اللجنة المتعلّقة بالدراسات البينمناهجية المولجة بتقديم أبحاث من خلال باحثين متعدّدي التخصّصات وفق كلّيات ومعاهد الجامعة.