تطويرُ الخِدماتِ الصِّحيةِ والوقايةُ منَ الأمراضِ
يعاني القطاعُ الصِّحيِّ في ليبيا، منذ عقودٍ، من ضَعفٍ كبيرٍ ونقصٍ حادٍّ في المَعَدّاتِ والأجهزةِ، ومن غيابِ الدعمِ اللازمِ له، وقد زادَتِ الأحداثُ الأمنيةُ والتدهورُ الاقتصاديُّ من تأزُّمِ الوضعِ الصِّحيٍّ، بسببِ هجرةِ الأطباءِ وقلّةِ المُستلزَماتِ الطبيةِ، ما أدى إلى تراجعِ ثقةِ المواطنِ بالطبابةِ داخلَ بلدِهِ، واللجوءِ إلى دولٍ مجاورةٍ لتلقّي العلاجِ اللازمِ.
تُنفقُ ليبيا على القطاعِ الصِّحيِّ ما يقاربُ 5 ملياراتِ دينـارٍ سـنوياً، فـي حينٍ تصـلُ تكلفةُ العلاجِ فـي الخـارجِ، وخصوصـاً فـي دولِ الجوارِ، إلى نحوِ 6 ملياراتِ دينارٍ سـنوّياً. ويسبِّبُ النقصُ في الأدويةِ المدعومةِ زيادةً في أنشطةِ الصيدلياتِ التجاريةِ الخاصةِ، ما يكبِّدُ المواطنين تكاليفَ باهظةً عند شرائِها منها.
لعلّ أهمَّ التحدياتِ التي تواجهُ قطاعَ الصِّحةِ في ليبيا، تهالُكُ البنيةِ التحتيةِ، وتراجعُ التمويلِ الماليِّ، وغيابُ الرؤيةِ الآيلةِ إلى النهوضِ بهذا القطاعِ. لقد ترهّلَ القطاعُ الصِّحيُّ وكبُر حجمُهُ من ناحيةِ أعدادِ العاملينَ فيه، فهو أكبرُ القطاعاتِ الخِدماتيةِ من ناحيةِ الطاقةِ التشغيليةِ بعد قطاعِ التعليمِ.
يفتقرُ القطاعُ الصِّحيُّ إلى غيابِ التنسيقِ بينَ وَحَداتِ القطاعِ العامِّ والخاصِّ، ويعاني منَ انعدامِ ثقةِ المواطنِ الليبيِّ بالخِدماتِ الطبيةِ التي يقدِّمُها، ويشكو ضَعفَ الرَّقابةِ على حركةِ الدواءِ، كذلك تفتقرُ المستشفياتُ الحكوميةُ إلى المُستَلزَماتِ الأساسيةِ اللازمةِ لتقديمِ الخِدمةِ الطبيةِ الضروريةِ وأدويةِ الأورامِ ومُستلزَماتِ إجراءِ جراحاتِ القلبِ. من هنا، يسعى الدكتور الصدّيق حفتر لتحسينِ مستوى الخِدماتِ الصِّحيةِ، بما يعودُ بالفائدةِ على كلِّ المواطنينَ الليبيينَ، من خلالِ رفع أداءِ المنظومةِ الصِّحيَّةِ في ليبيا بصورةٍ دوريةٍ، وهو يعملُ على مواجهةِ التحدياتِ والمخاطرِ عبرَ وضعِ استراتيجيةٍ شاملةٍ للسياسةِ الدوائيةِ وإعطاءِ صحةِ الأسرةِ الرعايةَ الأوليّةَ، باعتبارِها الأساسَ في الحصولِ على الخِدماتِ الصِّحيةِ. ويعِدُ الدكتور حفتر بـ “إعادةِ إعمارِ ما دُمِّرَ خلالَ الحربِ من مستشفياتٍ ومراكزَ صِحيَّةٍ”، ويرى ضرورةَ “وضعِ تشريعاتٍ ولوائحَ منظمةٍ تراعي جميعَ مراحلِ التعاملِ مع الدواءِ وتوفيرِ المواردِ الماليةِ اللازمةِ لوزارةِ الصِّحة لتغطيةِ العجزِ في الأدويةِ والمُستلزَماتِ الطِّبيةِ”، مؤكّداً العملَ على “تطويرِ الكوادرِ الطِّبيَّةِ بشكلٍ يضمنُ تحسينَ أدائها وتعميم الضمانِ الصِّحيِّ التكافليِّ من أجلِ تطويرِ العنايةِ بصِّحةِ المواطنِ وتعزيزِها”.
الصِّحةُ العامةُ الجيدةُ تمنحُ المواطنَ حياةً أكثرَ سعادةً، من هنا تكمُنُ أهميةُ وضعِ خططٍ لمجابهةِ ومعالجةِ الأمراضِ المزمنةِ ومُسبِّباتِها وبذلِ الجهودِ المجتمعيةِ في هذا الاتجاهِ. كذلك يجبُ تغييرُ أسلوبِ عملِ نظامِ الرعايةِ الصِّحيةِ منَ العلاجِ إلى الوقايةِ والتشخيصِ المبكرِ، من أجلِ تمكينِ المواطنين منَ اتِّباعِ نظامٍ غذائيٍّ سليمٍ والحفاظِ على صِحَّتِهم بأنفسِهِم، وإطلاقِ حمَلاتِ توعيةٍ لمساعدتِهِم في تجنُّبِ مسبِّباتِ الأمراضِ من أجلِ تحسينِ الصِّحةِ العامةِ وبناءِ مجتمعٍ صِحيٍّ أفضلَ.