التحوّلُ الرقميُّ ودَورُ الشبابِ الليبيِّ في المستقبلِ التكنولوجيِّ
لا يُمكنُ بناءُ أيِّ مجتمعٍ يواكبُ تطوّراتِ المعرفةِ من دونِ تفعيلِ دورِ الشبابِ في تحقيقِ التنميةِ الرقميّةِ وبناءِ مجتمعٍ رقميٍّ يواكبُ استراتيجيةَ الدولةِ في هذا التحوُّلِ التكنولوجيِّ، وفي المشاركةِ في تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ. ولا يمكنُ بناءُ مجتمعٍ رقميٍّ إلا من خلالِ تطويرِ القُدُراتِ الرقميةِ للكوادرِ البشريةِ في مراكزَ تمتلكُ البِنيةَ التكنولوجيةَ الجيّدةَ، وتأهيلِ الكوادرِ الإداريةِ والتدريبيةِ في المراكزِ الرقميةِ، لتتمكّنَ من تقديمِ الاستشاراتِ والتدريباتِ المختلفةِ.
لا يقتصرُ العملُ الشبابيُّ الرقميُّ على البيئةِ الافتراضيةِ، بل يجبُ أنْ يُوظَّفَ في المواقفِ التفاعليةِ على أرضِ الواقعِ وفي البيئتينِ، الافتراضيةِ والتفاعليةِ معاً.
ولتعزيزِ مفهومِ الخِدماتِ الرقميةِ، يجبُ ابتكارُ تطبيقاتٍ وخِدماتٍ جديدةٍ وضمانُ نجاحِها للوصولِ إلى الأهدافِ الآيلةِ إلى وضعِ سياساتٍ واستراتيجياتٍ متعلقةٍ بالتكنولوجيا الرقميةِ للأفرادِ والمؤسَّساتِ المختلفةِ، وإصدارُ مؤشَّراتٍ وطنيةٍ متخصّصةٍ لرصدِ الخِدماتِ الرقميةِ بالتعاونِ مع بيوتِ الخِبرةِ المحليّةِ ومراكزِ استطلاعِ الرأيِ. هنا يرى الدكتور الصدّيق حفتر أنّه “لا بدَّ من إطلاقِ خِدماتٍ حكوميةٍ رقميّةٍ متكاملةٍ، واعتمادِ منهجيةٍ محدَّدةٍ لاختيارِ الخِدماتِ ذاتِ الأولويةِ واستكمالِ بناءِ السجلاتِ الوطنيةِ والتحوُّلِ نحوَ معامَلاتٍ حكوميةٍ رقميّةٍ تشمَلُ مجموعةَ الأنظمةِ والخِدماتِ”.
يُعتبَرُ التحوُّلُ الرقميُّ إحدى الضروراتِ للمؤسَّساتِ الحكوميةِ والخاصةِ كافةً، التي تؤمِنُ بأهميةِ التطويرِ والتحسينِ المستمرِّ لوظائفِها الإداريةِ وخِدماتِها. هذا ما يؤكّدُهُ الدكتور حفتر، مشيراً إلى أنّ “التحوّلَ الرقميَّ يوفِّرُ التكلفةَ والجُهدَ بشكلٍ كبيرٍ، ويُحسِّنُ الكفاءةَ التشغيليةَ وينظِّمُها، ويعملُ على تحسينِ الجَودةِ ويُبسِّطُ إجراءاتِ الخِدماتِ المُقدَّمة إلى المواطنين”.
يُشدِّدُ خُبراءُ الاقتصادِ وتقنيّو المعلوماتِ على أهميةِ تعزيزِ المهاراتِ الرقميةِ لدى الشبابِ، والعملِ عليها في مراحلِ التعليمِ الأساسيِّ والجامعيِّ، وهذا أساسيٌّ في حلِّ مشكلةِ البطالةِ، وخصوصاً معَ الثورةِ الصناعيةِ الرابعةِ التي أدمجَتِ التقنيةَ في كُلِّ القطاعاتِ، ونظراً للمرونةِ التي توفِّرُها التقنيةُ في تمكينِ الشبابِ من فُرَصٍ كبيرةٍ للعملِ عن بُعدٍ. هنا يركِّزُ حفتر على ” دورِ الحكومةِ في مجالِ تعزيزِ المهاراتِ الرقميةِ للشبابِ وإدماجِها أو إدخالِها في مراحلِ التعليمِ المختلفةِ، حتى يكونَ الشبابُ على جهوزيةٍ تامّةٍ لمِهَنِ المُستقبَلِ، التي تعتمدُ على التقنياتِ الحديثةِ، أو العمل في القطاعات الاقتصادية كافة، التي بدأَ معظمُها بالتحوُّلِ الرقميِّ والاعتمادِ على التكنولوجيا، والعملِ على ردمِ الفجوةِ الرقميّةِ وتعزيزِ البِنيةِ التحتيةِ لها والبُعدِ عنِ التفرِقةِ بينَ المهاراتِ بينَ الجنسين”.
إنَّ وضعَ خُطةِ عملٍ مُشترَكةٍ في مجالاتِ تنميةِ الشبابِ، وبناءَ قُدُراتِهِم، ودعمَ مشاريعِهِم في مجالاتِ الاتصالاتِ وتقنيةِ المعلوماتِ، وتحفيزَهُم على التحوُّلِ الرقميِّ من أجلِ المُساهمةِ في بناءِ الوطنِ، أمرٌ أساسيٌّ من وُجهةِ نظرِ الدكتور حفتر. وبنهايةِ عامِ 2030 سيتمكنُ الجميعُ في دولةِ ليبيا، وَفقاً لرؤيةِ استراتيجيةِ التحوُّلِ الرقميِّ الموضوعةِ، منَ التمتُّعِ من أيِّ مكانٍ وفي أيِّ وقتٍ وبأيِّ وسيلةِ اتصالٍ مُتاحةٍ، بخِدماتٍ حكوميةٍ عالميةِ المُستوى بطريقةٍ سَلِسةٍ وسَهلةٍ وآمنةٍ”.