الرأي العام والتحدي الأكبر !!!  

سمير السعد ، تعد مسألة الرأي العام من أكثر المواضيع تعقيدًا وتأثيرًا في المجتمعات، حيث تشكل قناعات الناس ومواقفهم تجاه القضايا المختلفة القوة الدافعة لتغيير الواقع أو المحافظة عليه. ولكن هل يعكس الرأي العام حقًا تطلعات الجماهير أم أنه متأثر بأجندات معينة تفرض نفسها على الساحة؟

في عصر المعلومات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح تشكيل الرأي العام أكثر تعقيدًا وتداخلًا. لم يعد الرأي العام نتاجًا طبيعيًا لتفاعل الأفراد مع الأحداث، بل أصبح إلى حد كبير مرهونًا بمصادر المعلومات التي يعتمد عليها الأفراد، والتي قد تكون مشوهة أو موجَّهة.

لابد ان نشير إلى أن التطور التكنولوجي ساعد في تسريع انتقال المعلومات وتداولها، مما جعل الجمهور عرضة لتأثير وسائل الإعلام التقليدية والجديدة على حد سواء. ومع ذلك، تظهر مشكلة رئيسية وهي أن وسائل الإعلام نفسها قد تكون مرتبطة بأجندات سياسية أو اقتصادية تسعى لتوجيه الرأي العام نحو أهداف معينة،

لابد ان نعرف الطموح المثالي للرأي العام هو أن يكون تعبيرًا صادقًا وشفافًا عن آراء وتطلعات الجماهير، دون تأثيرات خارجية. لتحقيق ذلك، يحتاج المجتمع إلى مصادر معلومات مستقلة وموثوقة، بالإضافة إلى وعي نقدي لدى الأفراد يمكنهم من تحليل المعلومات وتقييمها بشكل موضوعي.

كما يُفترض أن يكون الرأي العام وسيلة لتحفيز الحكومات وصناع القرار على تلبية احتياجات المجتمع وتحقيق طموحاته. لكن هذه الصورة المثالية تصطدم أحيانًا بالواقع الذي تفرضه تأثيرات الأجندات المختلفة.

لكن الأجندات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تسعى باستمرار لتوجيه الرأي العام بطرق تتماشى مع مصالحها. تُستخدم في ذلك وسائل متعددة، منها الإعلام والإعلانات المدفوعة وحتى منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت ساحة رئيسية للتلاعب بالآراء.

في هذا السياق، يُطرح تساؤل حول مدى استقلالية الرأي العام وقدرته على التعبير بحرية. إن تغلغل الأجندات في وسائل الإعلام وتحكمها في نوعية ومضمون المعلومات المتاحة للجمهور يجعل من الصعب الوصول إلى رأي عام نزيه.

في النهاية، يمكن القول إن الرأي العام هو نتاج تفاعل معقد بين الواقع والطموح، وبين المعلومة والتوجيه. إن كان الطموح هو الوصول إلى رأي عام نزيه وحر، فإن الواقع يفرض علينا دائمًا التعامل بحذر مع تأثير الأجندات التي تسعى لتوجيه هذا الرأي وفق مصالحها.

لهذا، يبقى التحدي الأكبر هو تعزيز الوعي المجتمعي وتعزيز المصادر المستقلة للمعلومات لضمان أن يكون الرأي العام انعكاسًا حقيقيًا لآمال الناس وتطلعاتهم، وليس أداة بيد من يملك القدرة على التحكم في مساراته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *