تعزيزُ الكتابِ بينَ القراءةِ التقليديةِ والرَّقميةِ
على مدى العقودِ الماضيةِ، كانتِ القراءةُ التقليديةُ هيَ الوسيلةَ الأساسيةَ والأمثلَ للوُصولِ إلى المعلوماتِ والترفيهِ. لكنْ مع ظُهورِ القراءةِ الرقميةِ، توسَّعَتِ الخِياراتُ، وتنوَّعَتْ أشكالُ المُحتوى الذي يُمكِنُ الوصولُ إليهِ. لا يُمكِنُ أن نُنكِرَ أنّ للقراءةِ التقليديةِ مكانتَها وقيمتَها الخاصةَ، فالإمساكُ بالكتابِ يُشعِرُ قارئَهُ بالعُمقِ، ويُساعِدُهُ على الاسترخاءِ والانغماسِ في النصِّ، ما يُشجِّعُ على التركيزِ والتفكيرِ بشكلٍ كبيرٍ، وهيَ تُشجِّعُ على المُشارَكةِ الحسيّةِ من خلالِ النظرِ إلى الكتابِ ولمسِهِ وفَتحِ الصَّفَحاتِ وشَمِّ رائحةِ الوَرقِ.
وفي أيامِنا هذهِ، تشهدُ القراءةُ الرَّقمِيةُ عصرَها الذَّهبيَّ، وتُعَدُّ القراءةُ الرَّقميةُ من أكبرِ التغيُّراتِ التي طرأتْ على عالَمِ القراءةِ في عصرِ التكنولوجيا. فقد أدى تطورُ التكنولوجيا وانتشارُ الأجهزةِ الإلكترونيةِ مثلِ الهواتفِ الذكيةِ والأجهزةِ اللوحيّةِ إلى سُهولةِ الوصولِ إلى الكتبِ الإلكترونيةِ والمجلاتِ الرَّقميةِ والمقالاتِ على الإنترنت. وفي هذا الإطارِ، يعتقدُ المثقَّفون والمتلهِّفون للولوجِ إلى هذا العالَمِ، أنَّ بناءَ عاداتِ القراءةِ لدى الشبابِ يحتاجُ إلى التدرُّبِ منذُ سِنِّ مُبكرةٍ، والحفاظِ عليها طوالَ فترةِ وجودِهِم في المدرسةِ، حتى تُصبِحَ حاجةً لا يُمكِنُ الاستغناءُ عنها. ويرى الدكتور الصدّيق حفتر أنَّ على “قِطاعاتِ الثقافةِ والإعلامِ والتعليمِ أن تسعى جاهدةً لتحويلِ أنشطةِ ترويجِ القراءةِ إلى جوهرٍ ومحتوى عملٍ يُنفَّذُ بانتظامٍ، وعلى الدولةِ مواصلةُ تحسينِ السياساتِ الكليةِ لتشجيعِ القراءةِ، بحيثُ تُصبحُ ثقافةُ القراءةِ مِعياراً مجتمعيّاً”.
لا يُمكِنُ أن نتجاهلَ أنهُ في عصرِ التطورِ التكنولوجيِّ، أصبحَ بإمكانِ القُرّاءِ تصفُّحُ الكتبِ بسهولةٍ عبرَ شاشاتٍ صغيرةٍ يحمِلونَها مَعَهُمْ في أيِّ مكانٍ، فالقراءةُ الإلكترونيةُ أتاحَتْ فوائدَ متعددةً، منها تكلِفةٌ مُنخفِضةٌ، وسهولةُ النقلِ والوصولِ إلى الكُتُبِ بأيِّ لغةٍ في أيِّ مكانٍ منَ العالَمِ، فضلاً عن سهولةِ البحثِ والتنقيبِ في الكُتُبِ الرَّقميةِ، وما أكثرَها عدداً وتنوُّعاً!
ويُمكنُ القراءةَ الرَّقميةَ والتقليديةَ أن تتعايشَ وتتكاملَ بِطُرُقٍ تُعزِّزُ تجرِبةَ القراءةِ. هيَ تُتيحُ للأفرادِ الاستمتاعَ بالمزايا المُختلفةِ لكلِّ نوعٍ من أنواعِها، والاستفادةَ منها وفقاً لاحتياجاتِهِم وتفضيلاتِهِمِ الشخصيةِ، إلا أنهُ لا يُمكِنُ تجاهلُ ميزاتِ القراءةِ الرَّقميةِ لناحيةِ التحميلِ المجانيِّ أو السِّعرِ الرخيصِ للكُتُبِ الأجنبيةِ والعربيةِ، وتوفيرِ عدةِ أنواعٍ منَ الكُتُبِ في آنٍ واحدٍ بين يدَيِ القارئِ، وسُهولةِ الوُصولِ إلى كلِّ ما يريدُهُ من معلوماتٍ وميزةِ تصنيفِ الكُتُبِ داخلَ الهاتفِ المحمولِ أو “الأيباد”، وحلِّ مشكلةِ الإعارةِ الأبديةِ والتخوُّفِ من عدمِ إعادةِ الكتابِ، فضلاً عن سهولةِ الترجمةِ والقراءةِ، حتى في الظلامِ.
وأيّاً كانَ نوعُ القراءةِ، فلا بدَّ من جعلِها جُزءاً منَ الروتينِ اليوميِّ في حياتِنا، سواءٌ أكانَتْ قراءةً في الكُتُبِ الورقيةِ أوِ الإلكترونيةِ، ولا بُدَّ منَ الاستفادةِ منَ الإنترنت والتكنولوجيا للوصولِ إلى الكُتُبِ بِسهولةٍ، ويُمكنُ أيضاً التمتعُ بنوادي القراءةِ عبرَ الإنترنت، وعدمُ استبعادِ هذه الفرصةِ الذَّهبيةِ، والمشاركةُ في ندواتٍ ونقاشاتٍ حولَ الكُتُبِ لزيادةِ الحماسةِ والتحفيزِ على القراءةِ، وتنويعِ الكُتُبِ لتجنُّبِ المللِ والاستفادةِ منَ التنوّعِ المعلوماتيِّ