جنى العمر نهب.. لبنانيون يقاضون مصارف محلية في الخارج
ثأرا لمدخراتهم التي جمدت.. مغتربون يقاضون مصارف لبنانية
منذ أن أقامت المصارف في لبنان ستاراً حديدياً حول حسابات المودعين بدءاً من خريف العام 2019، وطوقت سحب الودائع بالدولار، بدأت الدعاوى القضائية بحق البنوك اللبنانية تتوالى في عدد من المحاكم المحلية والدولية لأسباب مرتبطة بـ”سوء الأمانة” والتخلّف عن تسليم الأموال المودعة لأصحاب الحسابات.
فبالتوازي مع الاحتجاجات التي تُنظّم أمام مصرف لبنان وجمعية المصارف بسبب الإجراءات المُجحفة التي تتّخذها بحق المودعين، وسط عجز الدولة والقضاء عن اتّخاذ خطوات توقف هذه السياسة، يستعد عدد من المودعين لرفع دعاوى ضد مصارف لبنانية أمام القضاء الخارجي من أجل تحصيل حقوقهم المهدورة بعدما فقدوا الثقة بالقضاء اللبناني وقدرته على إيقاف النزف في قيمة ودائعهم.
من بريطانيا إلى سويسرا وأميركا
وبحسب المحامي فؤاد دبس، عضو رابطة المودعين، فإن الدعاوى القضائية المرفوعة في الخارج، تحديداً في قبرص، بريطانيا، سويسرا وقريباً في الولايات المتحدة ضد مصارف لبنانية تسلك طريقها نحو الهدف المرسوم بعدما فقدنا الثقة بقدرة القضاء اللبناني على محاكمة المصارف وأصحابها في لبنان”.
كما أنهم أنشأوا شبكة تواصل مع مجموعة محامين لبنانيين في أكثر من دولة خارجية من أجل ترتيب الشكاوى المرفوعة أمام المحاكم العادية والجزائية ضد المصارف اللبنانية”.
بدوره، أكد المحامي ابراهيم أبو زيد من باريس لـ”العربية.نت” “أن هناك عدداً من الدعاوى الفردية المُقدّمة من مودعين في الخارج ضد مصارف لبنانية من ضمنها دعوى “إعلان إفلاس” رفعها أحد المودعين الفرنسيين من أصل لبناني ضد أحد المصارف الكبرى في لبنان يتوقّع أن تُصدر المحكمة الفرنسية حكمها فيه غداً الأربعاء”.
دعاوى جماعية
ولفت الى “أن قرار المحكمة الفرنسية قد يتضمّن الحجز الاحتياطي على موجودات البنك وحساباته في الخارج مع تعيين حارس قضائي Administration judiciaire من أجل مراسلة المصارف الأجنبية والطلب منها تجميد موجودات المصرف المعني بالقضية”.
إلى ذلك، قال “على المودعين المتضررين أن يرفعوا دعاوى جماعية ضد المصارف اللبنانية بسبب حجزها ودائعهم، لأن مفعولها يكون أكبر من الدعاوى الشخصية”.
وكما في فرنسا كذلك في بريطانيا، حيث تستعد دانة ترومتر، اللبنانية التي تحمل الجنسيتين الفرنسية والبريطانية إلى جانب زوجها لرفع دعوى لدى مكتب محاماة في بريطانيا (تحفّظت عن ذكر اسمه) ضد بنك BankMed بالتوازي مع الدعوى التي سبق ورفعتها مع زوجها أمام القضاء اللبناني.
ولفتت الى “أنها وزوجها فتحت حساباً لدى البنك المذكور في العام 2003، وبعد أن حصلت الأزمة في القطاع المصرفي بدءاً من خريف العام 2019 لم نعد نستطيع الوصول إليه، في وقت كنّا بحاجة إلى المال، وهو ما دفعنا إلى التحرّك قضائياً والتواصل مع رابطة المودعين في لبنان لتحصيل حقوقنا”.
فقدنا الثقة
إلى ذلك، قالت “أردنا استثمار جنى عمرنا في مصارف لبنان من أجل تقوية اقتصاد بلدنا، لكن تبيّن أننا كنّا مخطئين. لقد فقدنا الثقة بالمصارف اللبنانية لأنهم ليسوا أهلاً لها”.
من هنا، حثّت دانة المغتربين المتضررين من الأزمة المصرفية في لبنان إلى رفع دعاوى ضد المصارف بسبب “سوء الأمانة” تجاه ودائعهم”.
“رابطة المودعين”
يشار إلى أن مجموعة من أصحاب الودائع عمدت إلى تنظيم تحرّكات ضد المصارف عبر تشكيل رابطة تُمثّلهم أمام القضاء باسم “رابطة المودعين” بالإضافة الى تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة التعاميم التي يُصدرها مصرف لبنان، بالتوازي مع تشكيل “لوبي” مع الجالية اللبنانية في دول الانتشار التي يعاني عدد من أفرادها من صعوبة الولوج إلى ودائعهم بالعملات الأجنبية.
فشل المفاوضات
وفي بداية الأزمة المالية في لبنان، وتحديداً منذ انطلاق الحراك الشعبي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، عمد تجمّع المودعين إلى التفاوض مع جمعية المصارف من أجل تحصيل ما يُمكن تحصيله من ودائعهم المحجوزة، غير أنهم وبعد أربعة اجتماعات متواصلة فشلوا بالتوصل إلى حلّ، بحسب ما قال حسن مغنية، رئيس جمعية المودعين.
كما أوضح “أننا اضطرننا إلى التوجّه الى القضاء المحلي والخارجي من أجل تحصيل حقوقنا، ولن نكن لا في الشارع ولا عبر القضاء حتى استرجاع ودائعنا”.
تصرّفات غير أخلاقية
إلى ذلك، أشار الى “أن أصحاب البنوك يتصرّفون بطريقة لا أخلاقية مع المودعين. مثلاً يرفضون استقبال الشيكات المصرفية بالليرة أو الدولار حتى لو كانت عبارة عن راتب شهري، كما أنهم يلجأون إلى اتّخاذ إجراءات تعسّفية من أجل “خداع” المودعين وإجبارهم على التوقيع على عقود ومستندات جديدة تتنافى تماماً مع العقود القديمة تتضمّن “ممنوعات” عديدة منها عدم التحويل إلى الخارج أو سحب الودائع إلا بالليرة اللبنانية”.
وأكد بزّي أن “جمعية المودعين” في صدد تقديم طعن أمام مجلس شورى الدولة ضد التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان الذي يُجيز للمودعين سحب ودائعهم بالدولار وفق سعر صرف الليرة 3900، أي 30% من القيمة الفعلية لسعر صرف الدولار في السوق الذي وصل إلى عتبة 12 ألف”.
شكوى صد حاكم مصرف لبنان
تأتي هذه الخطوات القانونية من المودعين أصحاب الحقوق ضد المصارف اللبنانية بعد أن طلب المدعي العام الفدرالي السويسري منذ شهرين مساعدة النيابة العامة التمييزية في لبنان، في الاستماع لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشقيقه بشبهة الاختلاس وتبييض الأموال.
واستمع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات إلى سلامة الذي أبلغه أنه سيمثل أمام النائب العام السويسري. لكن لم يُعرف حتى الآن إذا ما كان عويدات قد استجوب شقيقه، ومساعدته
وفي الإطار، أعلن المحامي دبس “أنه في صدد التحضير لرفع دعوى ضد حاكم البنك المركزي والمصارف اللبنانية أمام القضاء السويسري، بسبب الطريقة التي تعاملوا بها مع حقوق الناس وأموالهم”.
إعادة هيكلة المصارف
يذكر أن لبنان يتّجه إلى إعادة هيكلة قطاعه المصرفي. وأصدر المصرف المركزي في وقت سابق تعميماً حمل الرقم 154 وفرض على المصارف تعزيز الرساميل بنسبة 20 في المائة وتكوين سيولة في حسابات خارجية لدى المصارف المراسلة بنسبة 3 في المائة من الودائع بالعملات الأجنبية.
كما حدد نهاية شهر فبراير الماضي لتنفيذ بنود هذا التعميم، لكن رغم انتهاء المهلة المحددة لم تتضح صورة الهيكلة الجديدة للمصارف لأن لجنة الرقابة على المصارف منكبة حالياً على دراسة الملفات المصرفية الشائكة من أجل رفعها إلى الهيئة العليا للبنك المركزي لاتّخاذ القرار النهائي.
يذكر أنه مع الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي لم يشهد لها البلاد مثيلا منذ عقود، وانخفاض السيولة المصرفية للبنوك، وتجميد أموال العملاء، يفقد لبنان خدماته المصرفية التي كانت إحدى السمات الرئيسية التي جعلته يبرز في المنطقة.
نشر في: 06 أبريل ,2021: 09:00 ص GST