حملة مقاطعة الشركات والسلع الداعمة لإسرائيل في لبنان

ابراهيم حيدر

التطور لسياق حملة مقاطعة إسرائيل وداعميها


بدأت حملات مقاطعة البضائع والسلع والشركات الداعمة لاسرائيل في فترات مختلفة وكانت مرتبطة بالأحداث السياسية والاجتماعية. على سبيل المثال، في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، بدأت بعض الحملات.

ومع تطور الأحداث في المنطقة، زادت هذه الحملات بشكل ملحوظ، خلال النزاعات العربية الاسرائيلية، حيث قامت بعض الدول العربية بفرض عقوبات اقتصادية ومقاطعة الشركات الداعمة لاسرائيل في العام 1973، وفي حرب تموز 2006 في لبنان قامت بعض الدوال والجماعات بالدعوة الى مقاطعة الشركات التي تعتبر داعمة لاسرائيل، كما شهدت الحروب الاسرائيلية على غزة في الأعوام 2008 2009 و2014 فترات متقطعة من حملات المقاطعة، ومؤخرا وفي سياق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبرمن العام 2023، شهدنا حملة لمقاطعة الشركات الداعمة لاسرائيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المؤثرين والناشطين دعماً لغزة والمدنيين.

 

اشكال المقاطعة المختلفة: هنا لابد من التذكير انه على صعيد لبنان هناك أنواع مختلفة للمقاطعة مع اسرائيل، فيمنع التعامل مع أي شخص اسرائيلي ان كان على الصعيد الشخصي أو في العمل، ومقاطعة التعاون الثقافي والعلمي الذي ترتبط بشركات داعمة لإسرائيل، ومقاطعة المنتجات التي تنتجها الشركات المرتبطة بإسرائيل أو التي يعتبر دعمها مباشراً لإسرائيل، مقاطعة الفعاليات التي تدعم إسرائيل ومقاطعة الأنشطة الرياضية… 

 

حملة المقاطعة عربيا ودوليا:             

“هل قتلت اليوم فلسطينيا؟”

مؤخّراً، انطلقت حملة “هل قتلت اليوم فلسطينياًً؟” في الكويت، ثم انتشرت في مختلف أنحاء العالم وعلى وسائل التواصل الاجتماعي نتيجة الحرب الاسرائيلية على غزة، لمقاطعة الشركات العالمية والسلع التي تدعم إسرائيل تحت شعار:“هل قتلت اليوم فلسطينيا؟” في اشارة الى ان عائدات منتجات وسلع الشركات الداعمة لإسرائيل يخصص قسم منها للدعم العسكري.

 صورة اعلانية في الكويت

وكان لافتاً ان دعوات المقاطعة باتت أكثر انتشاراً حتى بين الشعوب الغربية المتعاطفة مع أهالي غزة والقضية الفلسطينية بما فيها الشعوب الأوروبية.

ولم تقتصر فقط على الناس بل ضمت معها فنانين وممثلين وشخصيات عامة عالمية الذين اعلنوا تأيدهم لوقف الإعتدئات على غزة و ناصرو القضبة الفلسطينية، كـ “بيلا حديد” و “مادونا” و”غال غادوت”، و”نينا دوبريف”، و”صوفيا ريتشي”، و”آشلي تيسدال” و غيرهم … 

وفي المقابل قامت اسرائيل و داعيمها بنشر لائحة تضم مشاهير من  العالم على مواقع إلكتروني يتهمهم بمعادة  للسامية  وايضًا تم إصدار رسالة تدعو مجتمع صناعة السينما والتليفزيون بشكل عام إلى التحدث بقوة، ودعم إسرائيل، والامتناع عن تبادل المعلومات المضللة حول الحرب، والقيام بكل ما في وسعهم لحث لإعادة الرهائن إلى عائلاتهم.

 ومن أبرز المشاهير وقادة هوليوود الذين وضعوا على لائحة معاداة السامية : “جال جادوت”، “جيمي لي كيرتس”، “كريس باين”، “جيري سينفيلد”، “ديبرا ميسينج”،” بيلا ثورن”، “أنطوان فوكوا”، وغيرهم من النجوم العالميين.

ابرز عناصر الحملة:

تهدف حملة المقاطعة لمساندة فلسطين ورفع الدعم المالي غير المباشر للعدو الإسرائيلي عبر شراء سلع تطبّق سياسة الدعم المالي له

تساهمت حملة المقاطعة إلى الإضاءة على الشركات والسلع التي تدعم إسرائيل مقابل نشر السلع البديلة عنها ودعمها.

ترتكز هذه الحملة على تسليط الضوء على السلع الداعمة للكيان الاسرائيلي وعلى وجود سلع مرادفة أو بديلة، ولتحديد أولويات المستهلك بطرح سؤال لنفسه “هل أنا بحاجة لهذه السلعة وهل يمكن استبدالها ؟! “

يعتبر داعمو أو مطلقو هذه الحملة ان “سلاح” مقاطعة السلع والمنتجات الداعمة لاسرائيل لها أهمية كبيرة بالنسبة للخسائر التي تلحق بها، وهي طريقة فاعلة لدعم أهالي غزة والقضية الفلسطينية. 

تعتبر هذه الحملة من أنواع الحملات التوعوية والسياسية والاقتصادية، التي تتوجّه إلى جمهور مناصر للقضية الفلسطينية، وتحارب احتكار السلع من قبل الشركات العالمية وتعطي البدائل محلية الصنع. وعبر هكذا حملات نستطيع دعم اليد العاملة المحلية بالإضافة إلى السلع والمنتجات اللبنانية.

هناك فئة من الجمهور الداعم للحملة، ذهبت إلى أبعد من المقاطعة، فهناك مواقع الكترونية وصفحات وتطبيقات “No Thanks”  تهدف إلى تصنيف المنتجات وتدعو للتجمعات وإقامة الندوات التي تتمحور حول المقاطعة.

بحيث عمدت إلى نشر فيديوهات للسلع البديلة وقامت بالترويج لها في المتاجر وألصقت مناشير تشير للمنتجات الداعمة…

 

بالعودة إلى لبنان 

في لبنان ان حملة المقاطعة عبر الإعلانات على الطرقات هي خجولة بعض الشيء والسبب يعود للتمويل و الأوضاع الإقتصادية التي يعاني منها البلد. 

ورصدت ملصقات في مخيمات للفلسطينيين في لبنان وبعض المناطق اللبنانية.

ملصق من مخيم برج البراجنة

 

سنتناول في هذا التحليل حملات المقاطعة في لبنان في كافة جوانبها، وكيف تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى كيفية تطرّق وسائل الإعلام إليها، وما نتج عنها من إيجابيات وسلبيات.

ويسعى هذا  التحليل إلى الإضاءة على هذه الحملات خصوصاً في الفترة الممتدة من 7 تشرين الأول 2023 أي بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حتى نشر هذا التقرير، كذلك شرح الأضرار الاقتصادية التي لحقت بهذه الشركات، وتراجع المبيعات والصادرات وما ترتّب عليها من آثار.

يتناول الرصد حملة المقاطعة في لبنان على منصات  “اكس X”، “تيكتوك”، “فيسبوك”، و”انستاغرام”، وما يتم تناوله عبر هذه المنصات بشكل علني وواضح ومتاح، بالاضافة الى وسائل الاعلام. كما يتناول هذا الرصد الحملات المنظمة والمنسقة مع تحليل الظواهر والسلوكيات الناتجة عن حملة المقاطعة.

 

رسم بياني  بين سلبي وإيجابي للحملة #قاطع 

 

   نشاط و تفاعل الحملة و الهاشتاغ على منصة إكس

 

    نشاط و تفاعل الحملة و الهاشتاغ على منصات التواصل

 

 

أظهرت البيانات المدرجة أعلاه الملخصة من موقعي “Brand24” و “TweetBinder” خلال تحليل وسوم (#قاطع، #مقاطعون) ان هناك تفاوت في التفاعل والوصول، فاذاً أثر المشاركة كبير وفعّال ويحمل الطابع السلبي كونه يعكس غضب الناس حول القضية الفلسطينية.

لم يكتف المؤثرين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في استعمال هاشتاغ واحد #قاطع، وعلى سبيل المثال هناك 26 ألف منشور #مقاطعة على “انستغرام”.

كما استخدموا عدة وسوم منها #مقاطعون #قاطع_البضائع_الداعمة_لإسرائيل وغيرها…

أيضًا خلال الرصد للحملة حصلنا على نمط و تأثير التفاعل بين سلبي وإيجابي من حيث وتيرة التغريد و التعليقات:

 

 

التعليقات السلبية من الناشطين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي التعليقات الإيجابية من الناشطين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي
لاصحاب التفكير المحدود و بسال شو فائدة الانترنت والسوشال ميديا والمقاطعة .. تفضل .. الناس عم بتوقف و تضغط عاللي فوقها حتى لو لسا ما شفنا التأثير بس في. #GazaHolocaust #غزة_تزحف_الى_القدس #فلسطين_تنتصر #IsraelisaGenocidalState #Gaza #غزه_تقاوم_وستنتصر #قاطع #GazaCeasefire بعد أقل من شهر من المقاطعة خسائر ب ٢٩ مليار دولار كملوا مقاطعة نحن أقوى #مقاطعون #مقاطعة_بيبسي #مقاطعة_ماكدونالز #مقاطعة_كارفور #مقاطعة_المنتجات_الداعمة_لإسرائيل 
بدكم #قاطع كل شيء كرمال ارضيكم، مش قضيتي #فلسطين_ليست_قضيتي  #قاطع كل الشركات التي تدعم الإحتلال #الصهيوني، يقومون بمنعنا من الجهاد، جاهد بطريقتك، قاطع فهذه الشركات لها شركاء و أسهم و إن تراجعت مبيعاتها خسرت سعرها السوقي في الأسهم، و بذلك لن تستطيع بعد ذلك دعم الكيان الغاشم، #قاطع من أجل أهلنا في #فلسطين و #غزة #ولعت
مش رح #قاطع و ما بهمني، مش رح غير اسلوب حياتي كرمال حدا  #قاطع #Boytcott قاطع ولا تكن اداة لقتل اهل غزة

 

 

فماذا عن حملة المقاطعة في لبنان على وسائل التواصل الاجتماعي؟

تبين من خلال البحث والتدقيق عبر استخدام advanced search X ان هناك حملات مقاطعة في لبنان على وسائل التواصل الاجتماعي تعود لتاريخ سابق لأحداث غزة ومنها #حملة_مقاطعة_داعمي_اسرائيل . وتبين ان هذا الهاشتاغ لم يستخدم في الحملة الراهنة وقد استخدم في حملات سابقة 

وهذا الهاشتاغ مستخدم من قبل صفحة “حملة مقاطعة داعمي اسرائيل -لبنان”،  @BoycottCampaign

https://twitter.com/boycottcampaign?lang=ar

وخلال أحداث غزة استخدمت هذه الصفحة هاشتاغ #قاطع ، #لا_للتطبيع ولكن دون ان يطلقوا حملة خاصة بالموضوع.

 

حملة #لبنان_يقاطع

منذ أحداث غزة استخدم شعار حملة #لبنان_يقاطع من قبل ناشطين نظموا وقفات داعمة لمقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.

تحرك 16 تشرين الثاني

قام النشطون على حملة المقاطعة في لبنان بوقفة احتجاجية امام “برغر كينغ” في فرن الشباك يوم 16 نوفمبر 2023، خلال ذالك تعرض بعض الرافضين للحملة للشبان و الشبات و اتهموا صاحب المطعم ” الوكيل” بالوقوف وراء كل هذا و اتهموا بالشبيح و نشرت احد النشطات “نور الخطيب” فيديو بشرح ذالك :

تحرك 18 تشرين الثاني

خلال وقفة إحتجاجية توعوية أجراها بعض الناشطون ضد “ماكدونالذ” في 18 نوفمبر من العام 2023 و شارك عدد من السيدات والشبان بحمل صور ضحايا غزة و معها عبارة تحث على المقاطعة، وايضًا قام بعضهم بتصوير الناس الذين كانوا ينون بزيارة المطاعم قبل دخولهم وأقنعوا بعضهم في المقاطعة

رصد وتحليل حملة #لبنان_يقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي:

هل استطاع المنظمون حشد التأييد لحملتهم #لبنان_يقاطع، على وسائل التواصل الاجتماعي؟

نظمت حملة #لبنان_يقاطع تحركا في 5 كانون الأول 2023 ضد كارفور ، كما نظمت تحركا آخر بتاريخ 10 كانون الاول .

 

تم تحليل الحملة لوسم #لبنان_يقاطع  عن الفترة الممتدة من 5 ك1 حتى 10 ك1 

ويظهر الرسم البياني عن الفترة  بين 5 و10 كانون الاول تحليل استخدام وسم #لبنان_يقاطع والتفاعلات المختلفة على منصة X

 

 

و كان التفاعل قليل كما أظهر لنا موقع TweetBinder 

 

تفاعل الجمهور مع حملات المقاطعة

اما الجمهور الرافض نوعان:

النوع الاول رافض لفكرة المقاطعة كونها سلع اساسية ولا يمكنه إستبدلها لأنه اعتاد عليها وأنها تقدم في بلده عبر الوكيل الحصري وتسوق و تباع عبر يد عاملة محلية، وعلى مواقع التواصل استخدم وسم #لن_أقاطع هنا يجب التنبيه إلى ان هكذا حملات تتسبّب بإلحاق الضرر بالعمال اللبنانيين الذي يشغلون مناصب في هذه الشركات العالمية، والنتيجة تكون خسارتهم لعملهم.

اما النوع الثاني لا يهتم للقضية ولا يراها أولوية، فحسب قوله  “#فلسطين_ليست _قضيتي #لن_أقاطع ” وقام بإطلاق حملات مضادة لهذه المقاطعة والتي تسببت بجدل وخلافات كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فوصلت منها الى حد الشتم و التخوين الى حدًا كبير.

 

الآثار الناتجة عن حملة المقاطعة عالميا:

  • اعمال عنف

كما قام بعض الشبان بأفعال هجومية على بعض المقاهي والمطاعم كـ “ماكدونلدز” حيث قاموا في تكسير ممتلاكات المطعم، مما استدعى إدارة “ماكدونلدز” الى نشر بيان تدعم فيه القضية الفلسطينية 

نشير بالذكر أنه هنالك تاريخ من التعرض لماكدونلدز في عام 2003 تعرض لإنفجارعبواة ناسفة في شمال لبنان  

أفعال الشغب لم تقف هنا فقد سجلت هجمات ضد “ستارباكس” و الجامعة الاميركية في بيروت والسفارة الفرنسية في بيروت، أيضا سفارة الولايات المتحدة الامريكية في عوكر تبعها حرق و تكسير في الممتلاكات المحيطة بها 

  • خسائر اقتصادية

في التحليل الإقتصادي بعد رصد للشركات العالمية المتضررة من المقاطعة فقد خسرت من 12 اكتوبر الى  5 ديسمبرمن العام 2023 أكثر من 35%  ويقدر أن ترتفع هذه الارقام مع حلول عام 2024 

حيث سجل سهم “ماكدونالز” خسارة 0.80% و “ستارباكس”خسارة  2.33%، “أبل” خسارة 0.95%، “ميكروسوفت” خسارة 1.43%، “نتفليكس” خسارة 2.54% و “امازون” خسارة 1.49% حسب موقع غوغل الاقتصادي (Google Finance) 

انطلاقاً من عرضنا لحملات المقاطعة على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات والوسائل الإعلامية، ورصد الجمهور الذي بدأ بهذه الحملة وكيف كان هناك جمهور يعتبر ان هذه الحملة لا تعنيه.

يتّضح ان حملة المقاطة أعيد إطلاقها من جديد منذ الحرب الإسرائيلية على غزة، وما زالت مستمرّة إلى يومنا هذا. حملة المقاطعة هدفها كان تسليط الضوء على السلع البديلة المحلية والترويج لها بدل الترويج للمنتجات والسلع والشركات التي تدعم إسرائيل، لكن في المقابل أدت هذه المقاطعة إلى خسائر اقتصادية وخسارة العمال اللبنانيين لوظائفهم كون معظم العمال هم من اليد العاملة المحلية كذلك أثرت بطريقة سلبية على مصالح اللبنانية، فكان هناك جمهور رافض لهذه الحملة، بالإضافة إلى اعتباره ان هذه الحملة لا تعنيه بل يعنيه ما يحصل في بلده من أزمة اقتصادية واجتماعية.

ولهذا فإن كثيرا من التساؤلات بدأت تطرح حول إذا ما كانت هذه الشركات العالمية ستواجه قرارات المقاطعة الشعبية لها، أم أنها ستعلن وقوفها على الحياد لاحقا في حال تعاظم خسائرها المالية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *