
العراق ولبنان جسدان يسكنان قلبا واحدا
بقلم د بتول عرندس
في حضرة السفير اللبناني سعادة الأستاذ علي حبحاب لا تصافحك البروتوكولات بل يستقبلك قلب يتقن فن الانتماء لوطنين
لبنان في دمه والعراق في صوته كأنه ولد من رحم العاصمتين وتربى على ضفتين ضفة العاطفة وضفة الواجب
كان لقاؤنا اليوم أكثر من زيارة
كان انتماء يقال بصمت ويكتب بمحبة
تحدثنا عن الفزعة العراقية عن يد امتدت للبنان دون منة كمن يسقي شقيقه الماء وهو لا يحتمل عطشه
تلك الوقفة محفورة في ذاكرة السفارة كما تحفر القصائد على أبواب القلوب التي لا تنسى
ثم عدنا إلى التاريخ
إلى الورق الأصفر الذي لم يجف حبره بعد
إلى الحلة حيث وقفت مدارس جبل عامل في عز نهاراتها العلمية تصنع الجسور نحو النجف الأشرف
وهناك في الأعظمية تنحني مدرسة ابن حنيفة لتصافح دار الفتوى ويصعد الصوت من الجنوب العراقي حيث يقف الأحباش بأئمتهم الذين حفظوا النهج وورثوا الإيمان
في بغداد القديمة كانت الكنائس تتلو مزاميرها بالعربية وقد يرأسها لبنانيون تشبه أصواتهم أجراس بيروت
وفي كردستان العراق حيث الجبل شاهد لا يشيخ وقفت مدارس لبنانية تدرس الحب كما تدرس الحساب وتفتح النوافذ على المعرفة كما تفتح الأمهات نوافذ البيوت على الفجر
المكون الكردي أيضا في بعض امتداداته سافر إليه لبنان من حيث لا يدري كما تسافر الأشواق خفية فتصبح جزءا من الذاكرة دون أن تطلب الإذن
وما بين شركة لبنانية وضعت حجر أساس في قطاع هنا أو مؤسسة كتبت بداية سطر هناك تنامى الدور المعرفي حتى بات بعضه عراقي الملامح لبناني الصوت شرق أوسطي الحلم
العراق ولبنان لم يعودا دولتين بل شريحتين من القلب ذاته
واحدة تنبض بالأرز والثانية تنبت النخيل
وكلاهما يلتقيان في العاطفة والكرامة
الكلدان الآشوريون الجنوبيون البغداديون الكرد كلهم يعزفون على وتر واحد يهمس
شكرا للعراق لأنه احتضننا كما لو كنا جزءا منه
شكرا لأنه لم يسأل من أين أتينا بل سأل ماذا تحتاجون
هذا هو العراق لا يعطي فقط بل يحتضن حين يعطي
ولبنان كما عهدناه لا ينسى