بعد 13 عاما على الحرب هل تعود سيطرة الاسد على اقليم شرق سوريا ؟
هل تدعم واشنطن سيطرة الاسد على شرق سوريا ؟
بعد 13 عاما على الحرب هل تعود سيطرة الاسد على اقليم شرق سوريا ؟
دكتور فيصل الشيخ
باحث فى العلاقات الدولية
غيّرت13 عاما من الحرب واقع الأكراد في سوريا الذين تحولوا من أقلية عانت التهميش إلى قوة عسكرية تصدّت للجهاديين وبنت إدارة ذاتية في شمال وشمال شرق البلاد. لكن ماذا عن مستقبلهم في ظل استمرار النزاع وتغير موازين القوى على الأرض؟
كيف تغير واقع الأكراد مع النزاع السوري؟
على مر عقود قبل عام 2011، عانى الأكراد من سياسة تهميش اتبعتها الحكومات المتلاحقة، لكن نفوذهم تصاعد بعد انسحاب قوات النظام من مناطق تواجدهم بدءاً من 2012 مع اتساع رقعة النزاع. وتمكنوا من بناء مؤسسات وتأسيس الإدارة الذاتية الكردية.
وفيما تمكّنت قوات النظام منذ 2015، بدعم من حلفائها، من استعادة غالبية المناطق السورية، تبقى مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا خارج سلطتها.
وأُعلنت الإدارة الذاتية بداية في مناطق ذات غالبية كردية قرب الحدود مع تركيا، لكنها توسّعت تدريجياً لتشمل مناطق ذات غالبية عربية مع سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، وعمادها المقاتلون الأكراد، بدعم أمريكي، على مساحات شاسعة كانت تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية.
وكانت وحدات حماية الشعب الكردية من أوائل من واجه التنظيم وخاضت ضده في 2014 معركة الدفاع عن مدينة كوباني “عين العرب” الحدودية، وتلقت دعماً عسكرياً أمريكياً.
وأثار ذلك تدريجياً موجة انتقادات لواشنطن من جانب أنقرة التي تصنّف الوحدات كمنظمة “إرهابية” وتعدها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها.
في العام 2015، تأسست “قوات سوريا الديموقراطية” التي تضم وحدات كردية وعربية، وباتت بمثابة جيش الإدارة الذاتية وأبرز خصوم الجهاديين.
وتسيطر هذه القوات اليوم على أكبر حقول النفط السورية وأبرزها في دير الزور.
دعم واشنطن لقوات سوريا الديموقراطية صمام أمان لبقاءها
يعتبر دعم واشنطن لقوات سوريا الديموقراطية أشبه بصمام أمان كونها تشكل هدفاً دائماً لأنقرة. وإن كانت دمشق حتى الآن لم تعلن حربا مفتوحة عليها، لكنها ترفض بالتأكيد الاعتراف بالإدارة الذاتية.
وبفضل دعم واشنطن التي قادت تحالفاً دولياً ضد التنظيم، أعلنت قوات سوريا الديموقراطية في مارس 2019 القضاء على “الخلافة” بعد السيطرة على آخر معاقلها في قرية الباغوز، شرق.
لكن الثقة مع الشريك الأمريكي اهتزت بعد الهجوم التركي في أكتوبر 2019 الذي حصل بعد انسحاب القوات الأمريكية من مواقع حدودية وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قوات من سوريا.
وشنت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية في سوريا. فسيطرت في عام 2018 على عفرين، أحد أقاليم الإدارة الذاتية، وفي 2019 على منطقة حدودية بطول 120 كيلومتراً بين مدينتي رأس العين وتل أبيض.
ومن المؤكد ان الدعم الأمريكي أتاح لقوات سوريا الديموقراطية السيطرة على مناطق واسعة غنية بالموارد الطبيعية، وبالتالي فإن تداعيات هذا التوسع “المحلي والجيوسياسي بات مشكلة أمريكية“.
فمصير قوات سوريا الديموقراطية يقع “في صلب الحوار في واشنطن حول التواجد الأمريكي في الخارج”، في وقت ثمّة “خشية من البقاء في حروب لا تنتهي في الشرق الأوسط“.
ورغم أن معالم السياسة الأمريكية تجاه سوريا لم تتضح بعد، لكن الأكراد تفاءلوا قليلا مع تعيين الرئيس جو بايدن مبعوث التحالف الدولي السابق بريت ماكغورك منسقاً للشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وكان ماكغورك قد استقال من منصبه اعتراضاً على قرار ترامب الانسحاب من سوريا.
من جهة أخرى، تواجه قوات سوريا الديموقراطية تحديا من نوع آخر يتمثل في مصير عشرات آلاف الجهاديين وأفراد عائلاتهم من جنسيات مختلفة، المحتجزين في سجونها وفي مخيمات مكتظة تشهد حوادث أمنية.
وترفض الدول المعنية استعادة رعاياها الذين يشكلون عبئاً على إدارة ذات إمكانات محدودة.
هل تدعم واشنطن سيطرة الاسد على شرق سوريا ؟
على الرغم من ان الأكراد يفضلون مظلة النظام فى دمشق على تركيا والفصائل الموالية لها , الا ان الخوف الاكبر من انهيار الادارة المحلية .
فعودة دمشق للجامعة العربية واستعاة علاقاتها بالدول الرئيسية كمصر والسعودية سيشكل ضغد كبير على الادارة الامريكية لمراجعة سياساتها تجاه نظام الاسد وضرورة بسط سيطرة حكومته على الاراضى السورية .
وبالرغم من الثقة المتزعزعة، بين الاكراد وواشنطن فيستمر التواصل بين الطرفين باعتبار أن “معالجة القضية الكردية جزء من معالجة القضية السورية“.
وان كان يصعب حاليا توقّع ما ستؤول إليه الأمور في نزاع لطالما كان مليئاً بالمفاجآت، فقد يكون هناك مجال في المستقبل “أمام درجة من اللامركزية في شمال شرق سوريا“, وهذا احتمال موجود , وان كان السيناريو الاقرب هو زوال الادارة المحلية الكردية فى ضوء محاولات تغيير الجغرافية السياسية للمنطقة وفق المعطيات الجديدة خاصة ان هذه الادارة لم تثيت فعاليتها او وجودها فعليا .