مروان الحريري كاتب لبناني،وباحث في مجال علم النفس
مروان الحريري
هل السعادة المطلقة حقيقة ..؟ كيف نحصل عليها .. ؟
يعتقد كثير من الناس انه يستطيع الحصول على السعادة من خلال امتلاك الأشياء؛ كشراء سيارة فارهة،امتلاك بيت مع حديقة ومسبح، وظيفة براتب جيد، أو بالزواج…..
بينما كل هذه الأشياء هي رغبات آنية وظرفية غير دائمة حيث في غالب الاحيان يتم الخلط بين المتعةواللذة من جهة والسعادة من جهة أخرى.
وللوقوف على الحقيقة، يجب علينا التمييز بين المتعة واللذة وعن حالة السعادة التي يتمتع بها البعض.
المتعة هي شعور ظرفي آني يحصل عليه الإنسان نتيجة رغبات دفينة وهي قصيرة المدى وحسية (كتناول وجبة طعام لذيذة غنية، ممارسة الجنس، حضور حفلة صاخبة، معاقرة الخمرة، تعاطي المخدرات او امتلاك الأشياء الثمينة). ولكن سرعان ما تزول هذه المتعة وتتلاشى بعد الحصول عليها.
بينماالإفراط بطلب المتعة وتكرارها قد يؤدي لدى البعض إلى حالة من التبعية والأدمان كون الحصول على المتعة يحفز الدماغ بفرز هرمون(Dopamine) الدوبامين الذي يشعر المرء بالفرح والارتياح.
ولكن هذه الرغبات الجامحة(المتعة) تسبب للإنسان عند غيابها حالة من الألم.
وقد نظر سيغموند فرويد إلى أن اللذة والمتعة هما هدفان وغاية للإنسان إضافة إلى السعادة، وعرف غيابهم عنه بالالم.
في حين ان الكثير من الفلاسفة اعتبر ان السعادة هي من صنع الإنسان وهي اصلاً غير موجودة.
فلا سعادة مطلقة في هذا الوجود.
بيد ان غوتاما بوذا قال: الحياة تساوي الألم. الحياة=الألم. بمعنى آخر انه لا وجود للسعادة المطلقة.
واعتبر الفيلسوف الألماني نيتشه ان المعاناة والسعادة مقترنان على نحو يصعب الفصل بينهما.
ومن هنا نعتبر ان السعادة المطلقة غير موجودة.
ويقول البعض :ان السعادة هي ليست غياب المشاكل، وإنما القدرة على التعامل مع هذه المشاكل.
نستنتج مما سبق أن اغلب اللحظات التي يعتبرها الإنسان حالة من السعادة، ما هي إلا لذة ومتعة وقتية عابرة، غير دائمة، هذا هو الفارق بين هاتين الحالتين اللتين يغفل عنهما معظم الناس ويخلطون بينهما.
ولقد حاول الكثيرون الحصول على الراحة النفسية، من خلال تلبية رغباتهم الجسدية او النفسية والبحث عن المتعة (ظناً انها تجلب هذه الراحة) حتى أصبحوا اتعس مما قبل.
هناك حالة روحية طويلة المدى تتسم بالصفاء والعطاء والمحبة ومساعدة الآخرين والتسامح وهي عبارة عن حالة انسجام يعيشها المرء مع محيطة ومع الناس،؛ وكلما كان معطاءً اقترب اكثر من الشعور بالسلام الداخلي وتقبل الحياة بحلوها ومرها
ساعتئذٍ تصبح روحه مغمورة بالرضا والفرح وتجعل منه كياناً فرحاً منساباً مع الوجود؛ وهذه الحالة الروحية تحفز الدماغ فيفرز هرمون (sérotonine) السيروتونين الذي يبعث على الفرح َالتفاؤل والاقبال على الحياة .