أخر الأخبار

الذهب الاسود

النفط والموت

الذهب الاسود (النفط والموت).

المهندس بسام غازي حرب

مذ اكتشاف الذهب الاسود وقدراته العالية في الطاقة والصناعة والنقل والعالم كله بدء في مرحلة جديدة من السباق نحو التوسع والنفوذ والسيطرة، والمقصود بالعالم هنا هي الدول التي حظيت بشرف الحصول على هذه المادة ان كانت على الصعيد الداخلي لديها او من مصادر خارجية،وهنا لا بد من ذكر بعض هذه الدول وعلى رأس القائمة الولايات المتحدة الاميركية التي كان لها الفضل الاكبر في هذا الاكتشاف والاستخدام على نطاق تجاري واسع مما حفز القدرة لديها لتكون في طليعة هذه الدول التي فكرت في الحصول على هذا الزيت واستمراريته من مصادر اخرى غير الداخل الذي لديها ويكاد يكون ليس احتياطاً إستراتيجيًا لمدى بعيد.


ولم يكن حفر اول بئر في بلدة تيتوزفيل (بنسلفانيا) عام 1859 على يد الكولونيل دوين ديريك الا نتيجة لما قام به الصيدلي صمويل كير حيث قام هذا بتكرير النفط الخام الاسود الراشح على سطح الارض من ابار الملح في المختبر واستطاع ان يحصل على قطعة نقية وجد انها ممكن استخدامها في عملية الإضاءة بدلًا من استخدام الشمع المصنوع من دهون الحيوانات ، وبالتالي جعل هذا الاكتشاف بعض العالم على بداية سلم الصراع نحو الحصول على الذهب الاسود والسباق نحو وضع اليد والسيطرة على منابعه في كل مكان على وجه الأرض ،

وبحسب معهد ترايدنت فإن توالي الاستكشافات في العالم بعد اميركا ومنها عام ١٨٥٨ في بولندا وكندا وعام ١٨٦٠ في رومانيا وعام ١٨٦٨ في روسيا وفي الشرق الاوسط ايران عام ١٩٠٨ – العراق ١٩٢٣ – السعودية عام ١٩٣٦.


وفي هذه المقدمة التي سبقت حاولنا تسليط الضوء لمعرفة سر من الأسرار التي حولت هذا العالم بأسره الى فريقين احدهما منتج للنفط والآخر مستهلك له، وهذا بالتالي حول العلاقة بين هذين الفريقين إلى علاقة ترابطية شبه مستحيل الانفكاك منها ، حيث ان الفريق الاول لا يستطيع الا ان ينتج النفط والفريق الاخر لا يستطيع الاستغناء عنه طبقًا لحركة اقتصادياته وصناعاته والتطور العلمي والتقني لديه.


ولكن هنا السؤال: هل يستطيع أي فريق ان يستغني عن الفريق الآخر ؟ وهنا نقصد الفريق المنتج والفريق المستهلك! وفي الجواب نقول ان الفريقين لا يزالان يتعاملون مع بعضهما البعض طبقاً لقاعدة المصالح وكل فريق هو خاضع للآخر، وفي محاولات فك هذا الخضوع تحاول الدول الصناعية ايجاد طرق بديلة للحصول على مصادر للطاقة وانتاجها ومنها الطاقة البديلة والطاقة النظيفة، والمقصود هنا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية، لكن هذه المحاولات لا تزال تعاني من امور شتى ، حيث لها ايجابيات ولها أيضا سلبيات ومنها الثمن المرتفع بالمقارنة مع ثمن البترول وقدرتها الضعيفة نسبياً بالمقارنة مع قدرة الوقود الاحفوري ، فيما تبقى الطاقة النووية في محاذيرها غير مأمونة نتيجة الاضرار السلبية التي تخلفها في حالات كثيرة على مجتمعات ودول بأسرها كما حصل في عدة اماكن معروفة.

ومن هنا وخلال عدة حلقات سنسلط الضوء على الرسالة التي تقدمت بها  في عام ٢٠١٣ للحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة آزاد فرع لبنان والتي عنوانها النفط والموت والتي تتحدث بالمعلومات عن الكتير من هذه الامور.

الحلقة لأولى

ملخص البحث

إن استخراج واستهلاك نفط الولايات المتحدة خلال القرنين الماضيين أدى إلى إقتراب احتياطياتها النفطية من النفاذ. وقد وجد المسؤولون الاميركيون أن آبار البترول التي حفرت في اراضي دولتهم أكثر من آبار البترول التي حفرت في العالم قاطبةً، وأن مخزون هذه الآبار أصبح في نهايته ولم يبقى منه سوى القليل.

إن المنافسة الجيوبوليتيكية المتصاعدة بين الدول المستهلكة للنفط  التي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وتصاعدت بين القطبين الكبيرين الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي حتى وصلت ذروتها في سباق التسلح خلال الحرب الباردة، وحيث أن هذه المنافسة قد تجلت وتبلورت ولكن بأرجحية كبيرة نحو الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1990، في ظل صعود منافسين جديدين هما الصين وروسيا، حيث وجدت الولايات المتحدة نفسها في منافسة جديدة وسباق للسيطرة على منابع البترول في منطقة الشرق الأوسط والخليج.

لقد وجدت الولايات المتحدة لنفسها البدائل عن احتياطياتها التي تكاد تنفذ، في السيطرة على نفط الخليج، حيث الاحتياطيات الهائلة والانتاج الغزير، وبما أن اميركا قد أسست لنفسها شركات نفطية مسؤولة عن استخراج واستثمار النفط وخاصة في المملكة العربية السعودية، بات من اللازم حماية هذا المنتج في حال تعرضه لأي خطر تدخل خارجي قد يؤدي الى توقفه.

وبفعل المعاهدات التي وقعت بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية خلال الأربعينات، والتي تتضمن حماية النظام والعائلة المالكة في مقابل الحصول على هذا المنتج وتطويره واستخراج الكميات المطلوبة منه والتي تفي احتياجات الولايات المتحدة على مدى عشرات السنين القادمة، وجدت هذه الدولة نفسها تدخل حرب النفط رويداً رويداً. وقد تطلبت حماية هذا التدفق، في الآونة الأخيرة التدخل العسكري المباشر عند غزو صدام حسين لدولة الكويت، وكانت الولايات المتحدة قد أسست لهذا الغرض قوة عسكرية كبيرة جاهزة وقريبة تكون مهمتها حماية هذا التدفق ضد أي متطفل، لذلك قامت بإنشاء العديد من القواعد العسكرية في الخليج والشرق الأوسط ودول آسيا الوسطى، ورصدت لهذه المهمة مئات الآلاف من الجنود ومئات البلايين من الدولارات تصرف من الموازنة العامة على حساب دافعي الضرائب الأميركيين.

وبذلك فقد دخلت الولايات المتحدة مستنقع هذه المنطقة لحماية النفط وحماية الدول المنتجة له، وقد دفعت ثمن ذلك الآلاف من أرواح جنودها، وكان الموت سمة مئات الآلاف من أبناء هذه الدول التي اعتبرتها دول مارقة أي دول لا تأتمر بالأوامر الامريكية مثل العراق وإيران، وبالتالي سعت إلى تثبيت أنظمة وتغيير أخرى عبر إشعال حروب مختلفة كان نتيجتها الموت والخراب، مع ما رافق ذلك من تدهور إقتصادي في هذه الدول، وبداية تفكك مجتمعاتها وحروب إثنية وعرقية تكاد تقضي على الباقي منها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *