معرض “صور من ذاكرة بعلبك والجوار”
توثيق تاريخي لمدينة الشمس / من الذاكرة
تحملك صورً تعبر عن تاريخ بعيد(1843- 1943) لمدينة بعلبك وجوارها إلى عمق تلك الحقب التاريخية وأحداثها وتسحبك بعلبك المدهشة التي لفّت على الغرب عباءة الشرق عندما توافدت عليها قوافل الحكام والإمبراطوريات
تحملك صور تعبر عن تاريخ بعيد(1843- 1943) لمدينة بعلبك وجوارها إلى عمق تلك الحقب التاريخية وأحداثها وتسحبك بعلبك المدهشة التي لفّت على الغرب عباءة الشرق عندما توافدت عليها قوافل الحكام والإمبراطوريات والقيادات العسكرية والعقول المفكرة حيث تركت فيها أثارا تدل على مرورها من هنا..هنا في هذه الصور التي جسدها “معرض صور من ذكراة بعلبك والجوار – 100عام في 100 صورة 1843- 1943) من إعداد وتوثيق الدكتور خالد عمر تدمري، بالتعاون مع اتحاد بلديات بعلبك، والذي أفتتح برعاية الرئيس نبيه بري ممثلا بالنائب علي بزي، في قصر الأونيسكو في بيروت، يوم أمس، ويستمر حتى التاسع والعشرين من الجاري.
“مدينة بعلبك” أسطورة الزمان المبهجة ورأئعة لبنان
الافتتاح استهله القارئ مصطفى شقير بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني. أعقبه بث فيلم وثائقي عن مدينة بعلبك من إعداد وتوثيق واخراج الدكتور خالد تدمري، وقد اغتنى هذا الفيلم بصور نادرة تعود إلى القرن التاسع عشر لغاية منتصف القرن العشرين..
تلاه كلمة للدكتور تدمري تناول فيها «أهمية مدينة بعلبك أسطورة الزمان المبهجة ورائعة لبنان المدهشة»، شاكراً شركة «دباس» التي أنتجت الفيلم، وأمنّت صوراً نادرة موجودة في مجموعة خاصة لديها عن المدينة، تغطي التراث، وتروي سيرة تاريخية عريقة بالآثار النبوية وبالمحطات التاريخية للحروب والغزوات، والمقاومة والشموخ والاباء ودحر الغزاة الإفرنج».
كما تحدث تدمري عن محتويات صور المعرض الذي سيستمر لغاية 29 الجاري، والذي يعرض أوجه الحياة اليومية والتقاليد والأزياء والحرف والرموز الكبيرة التي حفلت وتحفل بها بعلبك.
كلمة رئيس «اتحاد بلديات بعلبك» بسام رعد، حفلت بالحديث عن عزّة المدينة وجوارنا، وشهرة آثارها وسحرها وأعمدتها العملاقة، وتخللها رؤية شعرية جميلة، وازن فيها بين التاريخ والاصالة، وبين الماضي والحاضر، وبينها وبين شمس الشرائع والحقوق بيروت. معدداً كل المشاريع التي نفذت في بعلبك وجوارها حق اليوم، معولاً على الاتفاقات التي أجراها الاتحاد مع دول عربية وأوروبية، مطالبً بإنشاء طريق دائري للمدينة، الحديقة السياحية الموعودة منذ ثلاثين عاماً وبتفعيل وتحديث سكة القطار الحديدية، وتجهيز مطار بلدة رياق ليكون مطاراً سياحياً لمدينة الشمس وآثارها الباهرة.
كلمة راعي الا فتتاح الرئيس بري ألقاها النائب بزي، مشدّدا في طياتها على ضرورة التفات الحكومات اللبنانية إلى بعلبك وجوارها، وضرورة وقف مسيرة إهمالها وتجاهل إنمائها، وتناسي جعلها محافظة كبرى إسوة بـ عكار بمحافظات لبنان الأخرى. وقد استهل بزي كلمته بأبيات شعرية، حاكت تاريخ المدينة، بمفردات جانبية.
في لقاء خاص مع الدكتور تدمري: الصور تحكي عن معلومات تاريخية نادرة
في وقفة تأملية حول أهمية ما يقوم المعرض بتقديمه تحدث موقع المنار مع معد وموثق هذا المعرض الدكتور خالد تدمري، وهو أستاذ جامعي ومهندس، والذي أوضح لنا أن هذه الصور عبارة عن عمل بحثي وأكاديمي. فهو من عائلة تهتم بالتاريخ والتراث الإسلامي في لبنان “وكان من ضمن اهتمامنا هو جمع كل ما يتعلق بتراث لبنان من صور قديمة ووثائق نادرة خاصة ما يعود إلى فترة العهد العثماني القريبة حيث أني أقمت في اسطنبول فترة طويلة فكان أن جمعنا هذا الأرشيف الضخم من الصور القديمة وقمنا بتوثيقها والعمل على استخراج المعلومات التاريخية منها”. ويأتي المعرض ضمن سلسلة نشاطات قام بها تدمري، الأول تناول “ذاكرة بيروت”، والثاني “ذاكرة الفيحاء الميناء طرابلس” والثالث عن “ذاكرة عالية”.
المعرض كما قال تدمري استغرق ثلاث سنوات من الإعداد، حيث تمّ اختيار مئة صورة من أصل 800 تحكي عن تاريخ بعلبك والجوار تعود إلى فترة ما بعد اكتشاف التصوير الفوتوغرافي أي منذ العام 1843 إلى العام 1943 ومستمرة حتى فترة عهد الاستقلال. ولفت تدمري إلى أن اتحاد بلديات بعلبك سيقيم متحفا دائما في أحد القصور التراثية في مدينة بعلبك التاريخية، وربما يكون قصر الشاعر البعلبكي خليل مطران، واستحداث مركز للتوثيق والأبحاث والدراسات عن مدينة بعلبك التاريخية.
ولفتنا في حديث الدكتور تدمري إلى كشفه لأول مرة أنه تمّ من خلال هذه الصور تحديد مواقع لبعض المقامات التي تعود لصحابة الرسول (ص) الذين فتحوا بعلبك ولبنان .. كما تجسد الصور المناسبات التاريخية التي كان أهل بعلبك يحتفلون بها ومن زيارات لشخصيات مثل إمبراطور ألمانيا وجنرالات الجيش الفرنسي وغيرها كما يضم في جانباته مجموعة من الصور الجوية الأولى الملتقطة لمدينة بعلبك وأخرى ايضا لكافة المناطق التي تشكل اليوم اتحاد بلديات بعلبك ومنها صور لبلدات نحلة ويونين ومقنة وحوش تل صفية وغيرها.
أما عن سؤالنا حول مصدر هذه الصور أجاب الدكتور تدمري أن البحث نفسه استغرق مدة خمسة عشر عاما، وهو ينقّب في الأرشفيات العثمانية المحفوظة في اسطنبول ويأتي في طليعتها أرشيف السلطان عبد الحميد الثاني إضافة إلى بعض الأرشفيات الفرنسية وبخاصة أرشفيات بعض الضباط الفرنسيين الخاصة الذين أقاموا في وادي البقاع أو في جواره في تلك الفترة وأيضا هناك جزء أساسي من هذا الأرشيف يعود للراحل الأستاذ فؤاد دباس الذي جمع أكثر من أربعين ألف صورة عن لبنان خلال أقامته في الخارج خلال خمسين عاما من حياته وتمكنا بدعم من مؤسسة دباس ان نستضيف مجموعة من هذه الصور النادرة في معرضنا هذا”.
تصوير: زينب الطحان