الصديق حفتر وركائز المصالحة الوطنية في ليبيا
لا شك أن المجتمع الليبي يقف على مفترق طرق وأن أفضل وسيلة لتجنب إستمرار الإنزلاقات وإستمرار الصراع، هو الإتفاق على الإصلاح السياسي الذي يُمكن أن يُترجم عبر لجنة المصالحة الوطنية التي تستطيع أن تُحضر لمؤتمر للمصالحة، ينطلق من الأولويات الليبية، عطفاً على ما يُميز المجتمع الليبي من قيم وموروثات وعادات وتقاليد تجمعها المحبة والإلفة، وكذلك العمل على ميثاق إجتماعي يؤسس لدولة عصرية تُعيد للمواطن كرامته.
ويرى رئيس لجنة المصالحة الوطنية في ليبيا الدكتور الصديق خليفة حفتر أن هناك مجموعة من الركائز والقواعد التي يُمكن الإنطلاق منها أو الإعتماد عليها من أجل إستعادة دور وموقع ليبيا وبناء مستقبلها وهي:
أولا: العمل على إقامة دولة المواطنة المنشودة والعقد الإجتماعي الآمن والمتماسك، وهذا يتم من خلال بلورة منظومة ثقافية وقيمية توافقية تعمل على ترسيخ الهوية الجامعة ونبذ خطاب الكراهية والقضاء على التهميش والإقصاء والتمييز بين المواطنين، وإعتبار الإنتماء إلى المجتمعات المحلية والعمل ضمنها، هو في سياق التنوع الذي سيُولد ثقافة المواطنة العادلة القائمة على التسامح وصون النسيج الإجتماعي وتحقيق المصالحة الوطنية، وإرساء دعائم العدالة الإنتقالية في المجتمعات المحلية تمهيداً للقناعة وإستعادة الثقة بدور الحكومة المركزية كونها الراعية والناظمة لحقوق المواطن، مع مراعاة دور مؤسسات الحكم المحلي .
ثانياً: إن التحول الإجتماعي نحو رأس مال بشري يكمن في النهوض بمنظومة الرعاية الصحية والإجتماعية من خلال تطوير نظام التعليم وإعادة التكوين والتأهيل لنظام الصحة بما يكفل حقوق المواطنة المتساوية وحماية الأسرة ومكافحة البطالة والفقر وإستيعاب الفئات الهشة والمهمشة،كما أن حق المشاركة في التنمية والرعاية الإجتماعية يكمن في حق المواطن في المشاركة في عملية التنمية والتحول إلى الإنتاج وتقديم الخدمات عبر وسائل الشراكة والتعاقد ودور المجتمع المدني في الرقابة والمساءلة كونه شريكاً أساسياً، وبالتالي تُعاد صياغة الأدوار والمشاركة المجتمعية وفق الحقوق والواجبات والمسؤوليات للشركاء في الوطن.
ثالثاً: تحقيق تنمية إقتصادية مستدامة من خلال بناء إقتصاد شامل ومزدهر يمتاز بالتنوع والإنتاجية والإبتكار، وهذا يتطلب تنويع الإقتصاد وزيادة إنتاجيته وتطوير أدواته والإستفادة من الأدوات والقطاعات والفرص المتاحة،عبر تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ومشاركته في عملية إعادة الإعمار وتأسيس أنواع وأشكال جديدة من المؤسسات التي تُقدم خدمات تكفل نمو الدخل وعدالته،وهذا كله يُمكن أن يتم بالتعاون مع الحكومات المحلية التي ستلعب دوراً أساسياً في عملية التصالح المجتمعي وحماية العائلات الليبية بالتشارك والتنسيق مع الحكومة المركزية بما يُساهم ويضمن السلم الأهلي والإستقرار، وبالتالي تحقيق تنمية إجتماعية وإقتصادية تُساهم في تحقيق العدالة الإجتماعية المأمولة.
رابعاً:بناء متوازن لدولة المؤسسات والقانون، وهذا يُمكن أن يحصل من خلال منطومة عدالة وقضاء مستقل مبنية على أسس إحترام حقوق الإنسان، تتعاون وتتكامل مع المنظومة الإقليمية والدولية من أجل تحقيق الإستقرار والتنمية الوطنية المستدامة، وبناء دولة المواطنة المتساوية عبر تكريس قيم المشاركة والشفافية والكفاءة ومكافحة الفساد.
وما تقدم ربما يُساهم في وضع خارطة طريق يُنبى عليها من أجل مستقبل ليبيا الذي يطمح إليه الجميع، عبر التشاركية وحماية الحقوق والعدالة في بناء المؤسسات الفاعلة والإنتقال إلى ثقافة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات التي تؤمن السلم والإستقرارلجميع الليبيين.