د.رائد المصري: الحرب السيبرانية على لبنان وعلاقته بمكافحة الفساد التربوي…

الحرب السيبرانية على لبنان وعلاقته بمكافحة الفساد التربوي…
تتسارع الحرب الأمنية بين المقاومة في لبنان والعدو الإسرائيلي، بعد سلسلة الإغتيالات التي حصلت، وطالت قياديين أمنيين رفيعي المستوى في جنوب لبنان أو في بيروت، وتزامن ذلك مع الخرق السيبراني لمطار بيروت، والذي بات يجد صعوبة في إيجاد التمويل لتفعيل الإستراتيجية السيبرانية، التي تقول أوساط وزير الداخلية بسام المولوي فيها، بأن هذا الخرق خارجي من دون توفر أية معلومات أمنية كافية، تحدد مصدر الخروقات ومن الذي يقف خلفه ومدياته، فيما قد تكون العِبرة الأساسية ممّا حصل ويحصل، هو وجود مخطّط لفتنة داخلية ربّما، بأنّ لبنان “مكشوف أمنيّاً” وسط إقترابه أكثر فأكثر من حالة الحرب التي صارت أهدافها مكشوفة وغاياتها واضحة.
عمليات التقاعس والإهمال والتطنيش وقلّة المسؤولية، كلها عوامل ساعدت على توسيع رقعة خرق البلد أمنياً، وما يتعلق بالإستهدافات والإغتيالات، إذ تقدمّ حرب غزة والمواجهات العسكرية القاسية على الحدود الجنوبية مع شمال فلسطين المحتلّة، نموذجاً عن تأثير الأمن السيبراني الهائل على مسار الحرب والاغتيالات.
قد يكون مطار رفيق الحريري الدولي الخاصرة الرخوة، في سلسلة من الثغرات الأمنيّة في القطاعات الحكومية والرسمية، وقد شهدنا فعلاً في السنوات الماضية على اختراقات، وسرقة بيانات لمؤسّسات رسمية كشفتها الأجهزة الأمنية، لكنّها لم تشجع الحكومة على المزيد من تأمين نظم الحماية، وهذا ما يجب التنبه له في المؤسسات الرسمية، ومنها وزارة التربية الوطنية، التي تخضع لعمليات مراقبة 24 ساعة على 24 ساعة،عبر الكاميرات والهواتف الخليوية، خاصة وأن وزارة التربية في هذا الايام هي في عين العاصفة والإستهداف، كخلية نحل تجهَد فيها وتعمل فعاليات سياسية وديبلوماسية، من أجل جهوزية المدارس في جنوب لبنان وفي أكثر من محافظة، لحماية وإيواء النازحين إذا ما حصلت عمليات تهجير قسرية من جانب إسرائيل، في حربها التي ليس لها أي سقف او توقيت زمني.
فما لفت نظرنا اليوم، هو الحديث عن تجنيد عملاء للعدو بمسميات عدة، من باب شركات أجنبية أو غوغل أو شركات إحصاء، وعقود من خلف البحار والكواكب في زمن الحرب، لم يدرِ أحد عنها تأتي البلد “غب الطلب”، إذ تمَّ مؤخرا الكشف وإلقاء القبض على شخص مشتبه فيها بالعمالة لدى شعبة المعلومات قرب منزل الرئيس بري، وما زال البحث جارٍ عن آخرين تسببوا بإستشهاد قادة لدى المقاومة اللبنانية والفلسطينية بحسب مصادر ومعلومات أمنية، وقد عُثر في حوزة المشتبه به على جهاز إلكتروني فائق التطور، كما عُثر في هاتفه على عشرات الفيديوهات بما يشكّل مسحاً لكامل المنطقة، والذي كشف بأنه يعمل لمصلحة شركة أميركية بموجب عقدٍ رسمي.
كما أن رواية وربط ما ورد بالإتصال الإسرائيلي بعائلة لبنانية، ومع الام لاحقا، بعد عدم إستجابة الاب للخروج من البيت، فهذا دليل أنه يتم تحديد المواقع عبر تواجد الهواتف الخلوية، وهو خرق خطير تعمل عليه إسرائيل اليوم.
واليوم يتم تداول إستبيان(سنرفقه مع المقال)، يتم توزيعه على أنه تابع لوزارة التربية اللبنانية، بناء على معلومات وإستيضاحات طلبتها قيادات المقاومة في لبنان من وزارة التربية، يتضمَّن الاسم الثلاثي ورقم الهاتف، وقد حذَّر مدير عام التربية يوم أمس منه، ونفى أن يكون لوزارة التربية أية علاقة به أو بإصداره، وأوضح مدير عام التربية، بأن وزارة التربية عندما تطلب إستبيانا يخصُّ الطلاب، فهي ترسله على الإيميل الخاص بالمدارس لتكلفها به بإجرائه، من هنا كان التحذير في الخرق الحاصل عبر كاميرات المراقبة في وزارة التربية، وأرقام الهواتف للمسؤولين التربويين وكل من يزور وزارة التربية من سياسيين وقادة، من أجل التنسيق لإجراء اللازم في المدارس الواقعة تحت خط النار في الجنوب لحماية المدنيين.
ويبدو أن شعار مكافحة الفساد قد إستمرَأَ البعض للسير به من دون سقوف أو حسابات أو حدود، بعد أن تغرَّر بموظفين وغير موظفين للتعاون مع جهات تقيم خارج لبنان، للإيقاع بما يسمُّونه “الفاسدين،” وقد قاموا بخرق وزارة التربية بكل تفصيل، وربما الإستيلاء على داتا الكاميرات، حيث كان لافتا مؤخراً معرفة إحدى هذه الصفحات المشبوهة التي تديرها سيدة لبنانية تسكن في أمريكا، لكافة المراجعين، ولا سيما أن وزارة التربية تعج في أيام الحرب بالقادة السياسيين والأمنيين( رسميين وحزبيين)، للمشاركة والمشورة، بما يخص خطة الطوارئ للطلاب النازحين من الجنوب اللبناني، ليتم تجنيد أشخاص حزبين في تيار المستقبل متنافسين على مواقع في وزارة التربية، وباتوا يرسلون ما يدور في مجموعاتهم الحزبية الضيقة. إذ تمَّ الكشف عن متعاونين بلغ عددهم 13 شخص يتدرجون من أعلى الهرم الوزاري إلى أسفلها، بعضهم تواصل بأسمائهم الخاصة، والآخر من صفحات وهمية من داخل وخارج الوزارة للإيقاع بزملائهم أو بشخصيات تربوية لا تروق لهم أو هم على خلاف شخصي معهم.
اليوم هذه القضية برسم الأجهزة الأمنية، ولا سيما مديرية مخابرات الجيش اللُّبناني لمكافحة الإرهاب والتجسس، لوضع يدها على هواتف البعض وتحديد نوعية هواتفهم، ومدى تطورها ونوعية المواد التي أرسلوها من صور وفيديوهات، ونوعية المعلومات وتحليلها والمستندات الخاصة بخطة الطوارئ والمشاركين بها، وخاصة أن هذه الصفحة تطلب الكثير من المعلومات في مقابل نشرها لملفات تافهة لا قيمة لها، فقط بحجة عدم أهمية ما أرسلوه.
فقد بات لزاماً كذلك، إستحداث وزارة أو وكالة للأمن السيبراني، ضمن سياق المأسسة المعتمدة كما في كل دول العالم، لذلك قد يصبح الخرق الأمني، بغضّ النظر عن مستوى درجاته، عادي ومتوقع من دون توافر قرار سياسي لتحييد واجهة البلد وبيئة الاحتضان الأولى للمُستثمرين والمغتربين والسيّاح، ولتحييدها من السقطات الأمنية والفضائح التي لا تزال تتوالى فصولاً، فيما لا تزال تستعر الحرب الأمنية بين المقاومة والعدو إلى جانب المواجهة العسكرية، وسط تقدّم سلاح التكنولوجيا إلى جانب العملاء على الأرض،بما قد يهدد أمن البلد ويهد أسسه الكيانية بشكل كامل…
د.رائد المصري/ أستاذ الفكر السياسي والعلاقات الدولية.
صحافي لبناني وكاتب سياسي عربي ودولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *