صراع الممرات !!!!
سمير السعد – العالم يشهد توترات متزايدة في ساحة التجارة العالمية، حيث تقف الولايات المتحدة والصين في مواجهة مباشرة، ليست فقط في العلن ولكن أيضًا خلف الكواليس. محور هذا النزاع يتمثل في السيطرة على الممرات التجارية العالمية والمشاريع العملاقة مثل مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
حيث تمثل الممرات البحرية مثل مضيق ملقا وقناة السويس أهمية استراتيجية كبرى، حيث تمر من خلالها نسبة كبيرة من التجارة العالمية. الصين، كونها أكبر مصدر للبضائع في العالم، تعتمد بشكل كبير على هذه الممرات لتصدير منتجاتها. لذا، فإن أي تهديد لهذه الممرات يعتبر تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الصيني.
من جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على هيمنتها على هذه الممرات، حيث تعتبر أنها المفتاح للحفاظ على تفوقها الاستراتيجي. لذا، فقد زادت من وجودها العسكري في المناطق المحيطة بهذه الممرات، بالتعاون مع حلفائها مثل اليابان وأستراليا والهند، لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد.
ولا يخفى ان مبادرة “الحزام والطريق”، التي أطلقتها الصين في عام 2013، واحدة من أكبر المشاريع التنموية في العالم. تهدف هذه المبادرة إلى بناء شبكة من الطرق التجارية والبنية التحتية عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما سيمكن الصين من توسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي.
ومع ذلك، فإن هذه المبادرة لم تكن بدون تحديات. الولايات المتحدة وحلفاؤها ينظرون إلى هذا المشروع بعين الشك، حيث يعتبرونه محاولة من الصين لبناء نظام اقتصادي عالمي جديد يكون تحت سيطرتها. وقد أدت هذه المخاوف إلى محاولات غربية لتقويض المشروع من خلال توفير بدائل، مثل مشروع “البنية التحتية العالمية” الذي اقترحته مجموعة الدول السبع (G7).
إلى ان سعي الولايات المتحدة لإقامة تحالفات مع الدول المحورية في مناطق الممرات التجارية المهمة، مثل الهند وفيتنام والفلبين. هذه التحالفات تهدف إلى تقليل الاعتماد على الصين وضمان حرية الملاحة في الممرات الدولية.
من جانبها، تعمل الصين على تعزيز علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع الدول التي يمر عبرها مشروع الحزام والطريق، حيث توفر قروضًا واستثمارات ضخمة لتحسين بنيتها التحتية. لكن هذه الاستثمارات تأتي بمخاطر كبيرة، حيث قد تجد بعض الدول نفسها غارقة في الديون الصينية، مما يمنح الصين نفوذًا كبيرًا على سياساتها.
و في ظل هذه التحديات، فإن التوترات بين الولايات المتحدة والصين تتصاعد، ليس فقط على مستوى التجارة، ولكن أيضًا على المستوى العسكري والدبلوماسي. وقد شهد العالم مؤخرًا تصعيدات خطيرة، مثل الحوادث البحرية بين السفن الصينية والأمريكية، والقيود التجارية المتبادلة بين البلدين.
حرب الممرات التجارية ليست مجرد صراع بين دولتين كبيرتين، بل هي صراع على المستقبل الاقتصادي العالمي. في الوقت الذي تسعى فيه الصين لتوسيع نفوذها عبر مبادرة الحزام والطريق، فإن الولايات المتحدة تسعى لمنع هذا التوسع وضمان استمرار هيمنتها. ومن المتوقع أن يستمر هذا الصراع في التصاعد في السنوات القادمة، مما يضيف طبقة جديدة من التوترات على الساحة الدولية.