قضية السائقة المهنية بتزنيت: من أبسط الأخلاق من يعطي الدروس لغيره يبدأ بنفسه..
رضوان الصاوي/ معكم ٢٤-
لا تنه عن خلق و تأت مثله*** عار عليك إذا فعلت عظيم.
بعد إجراء التقديم الذي أمرت به النيابة العامة المختصة في حق المتهم عمر الهرواشي المنتدب القضائي السابق بمحكمة تزنيت، و بعد أن تم بموجبه تفنيذ و سقوط كل آمال بعض أشباه النقابيين بالنقابة المعلومة كون المتهم يختبئ وراء الجدار الأزرق ليلا، و أن مصيره السجن و أنه يلتمس العفو و التنازل و أشياء أخرى….، حيث تمت متابعته في حالة سراح، الشيء الذي خلق الصدمة للواقفين في الضفة الأخرى ….
و جاء مقال بجريدة “معكم24” يسرد الوقائع منذ بدايتها، حيث تمت فيه الإشارة للمنحى الخاطئ الذي اتخذته النقابة المعنية وهي تتموقع في خندق إلى جانب السائقة المهنية وهي تتجاوز القانون المعمول به في قطاع سيارة الأجرة، وذلك في إطار أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، حيث كان عليها تنبيه المعنية بالأمر كونها تساءل أمام القانون و أمام الرأي العام….الخ.
ونظرا لكون المقال قد أحاط بكل الإختلالات التي تسجل حول الواقعة، و نظرا لكون المقال قد قام بكشف عورة البعض ،طلع إلينا الناطق الرسمي لا نعلم إن كان يمثل النقابة أم قطاع الطاكسيات ، لكن من خلال اللغة المستعملة يبدو أنه يمثل القطاع الأول، حيث اعتبر أن المقال لا يحترم ذكاء المتلقي ووجب إيصال المعلومة الصحيحة و التي يمتلكها هو و نقابته، والتي تتجسد في السائقة المناضلة ضحية رغم أنها اتخذت من سيارة أجرة ملكا لها و الحال أنها في ملك المواطنين، و بالتالي لا حق لها أن تتصرف كما ورد على لسان المتهم الضحية، حيث أشار الناطق الرسمي إلى التبلحيس بينما يمارسه هو و نقابته على بعض المناضلين سعيا وراء رفع عدد بيع البطائق السنوية، كما حاول بفشل ذريع تلقيننا دروس في الصحافة بلغة “تخراج العينين” حفاظا على موقعه في بلاط المكتب الإقليمي، حيث يروج لخطاب المظلومية المهترء من كل الزوايا موجها السبابة للمنبر الإعلامي، وهو بذلك يدفع التهمة عنه …..
وحسب الناطق الرسمي الأقلام المنحازة للأسف تعتقد أن الصحافة هي أن تنشر كل ما تتلقاه من معلومات أيا كانت وتنشرها دون تمحيص أو تمحيض، ودون اطلاع عميق بخبايا الأمور وحيثياتها ،مكتفية بطرح وجهة طرف واحد وبالصيغة التي أراد.، وبالسيناريو الذي أراد. هذا في أعراف الصحافة النزيهة يعتبر تحريفا للحقيقة وتوجيها للأحداث في إتجاه معلوم.والصحفي النزيه وهو يقوم بالنشر يلتحف سهام المحقق في طابور الصحافة المستقلة أساسا، وليس ناطقا رسميا مدفوع بخلفيات مشبوهة تفقده مصداقيته في الطرح… هذا بالنسبة لدروس الصحافة، أما الدروس النقابية فقد قفز عليها حتى لا يورط نفسه أمام الرأي العام، عندما كانت المكاتب النقابية تنظم دورات تكوينية لفائذة مناضليها لتوضيح كيفية تقديم الواجبات قبل المطالبة بالحقوق، و أن المناضل و السائق المهني مجبر بتقديم صورة إيجابية عن القطاع، بتجنب الأخطاء و التجاوزات، كما وجب عليه عدم إقحام الخلافات و مشاكل الشخصية في أداء الواجب المهني… وهو ما تأكد جليا من خلال هذه الخرجة الغير محسوبة للناطق الرسمي ضد صاحب المقال في إطار “طاحت الصومعة علقوا الحجام” ، و ذلك في إطار تجارة البطائق النقابية بعيدا عن المبادئ التي مات من أجلها كثيرون قبل أن تسود ثقافة الإنشقاقات من أجل النجومية و سعيا وراء الكراسي …..
وإذا كان الصحفي صاحب المقال قد سعى الى فرض وجهة نظر واحدة، ولم يكلف نفسه عناء التواصل والتحقق قبل النشر (من وجهة نظر الناطق الرسمي)، فلماذا خرج لنا البيان المهزوم بوجهة نظر واحدة لفائذة السائقةالمهنية وهي خارج عن القانون و أخلاقيات المهنة ؟ ، ثم لماذا تم إصدار البيان في هذا الظرف بالذات ؟ أليس من أجل التأثير، و الضغط على البحث الذي كان ساريا؟ وهذا الأمر في الاعراف النقابية هو انتهاك للمصداقية والحياد، وتكريس قبيح للزبونية والمحسوبية. و البيان المطروح أمامنا يفتقد للأسف لهذه العناصر وهو غارق في العنصر الذاتي الذي يصور لنا الاحداث في قالب عاطفي/ نقابي بعيد كل البعد عن الانصاف والموضوعية طغى فيه الرأي الشخصي للنقابة على الحقيقة الكاملة لفائذة سائقة انزلقت و اختلط لديها الحابل بالنابل بين الإختلاف الشخصي و المبادئ المهنية وبالتالي فقد سقط في فخ التغطية المشوهة والخبر المزيف.
و نظرا لكون السلطة الرابعة و صاحبة الجلالة هي في الأساس سلطة لتخليق الحياة العامة يتم توظيفها لإصلاح الخلل والزلل وليست سلطة للابتزاز والتحريف، فقد تناولنا الموضوع من بدايته إلى نهايته، و حاولنا لمس تخليق الحياة العامة بالإشارة للإختلالات التي إقترفتها السائقة المهنية و سقطت النقابة في فخها، بدل أن ينبه المنخرطة لأخطائها تجاه مواطن اليوم، وقد يكبر الأمر ليصبح ضد كافة المواطنين بتزنيت …
وفي الأخير، وقف الناطق الرسمي أمام النزاع بين السائقة والمدعو(ع.ه)، و اعتبره الآن بين يدي القضاء وهي الجهة الوحيدة التي تمتلك سلطة اصدار الحكم بعيدا عن المحكمة الزنقاوية التي نصبها المدعو (ع.ه) وأكال عبرها سيلا من التهم للطرف المشتكي، دون مراعاة لأدنى ضوابط الأدب في الطرح، وها ما يفرض عليه الآن إثباته بالقانون وإلا سيجد نفسه متورطا في ادعاءات غير محسوبة، وهو الأمر أيضا الذي لم تحترمه النقابة و ناطقها الرسمي بإصدار بيان في ظرفية حساسة للتأثير على البحث موضوع الشكاية بين يدي النيابة العامة المختصة. حيث ليس من حق المكتب النقابي الذي يهمه الأمر و هو في يد القضاء، الإدلاء بدلوه، عبر بيان فاقد لكل شروط البيانات النقابية، و أن يؤكد فيه و يحدد التهم بين التشهير بالسائقة والمساس بعرضها بطريقة مهينة وبديئة وبألفاظ قدحية سوقية، و بين السب و القذف …و….و و مادام هناك قانون و هناك قضاء فهي الهيئة الوحيدة التي تكيف الشكايات و توجه من خلالها التهم و تحدد المتابعة في حالة سراح أو اعتقال أو سراح بكفالة …..
إن كل ما تعلق بالمدعو ( ع.ه) الذي قرأ البيان بعين أخرى وفهمه بفهم آخر جعله يطلق عنان قاموسه لسب النقابة والمهنيين معتبرا إياهم قرامزة وأجلاف وبوزبال وكراطن وكل الألفاظ البديئة، حيث إن ذلك يلزمه ولا يعني الطرف الإعلامي في شيء، ثم إن مضمون الحرب التي أشعلها الطرفين كانت بكل موضوعية الشرارة الأولى من السائقة المهنية بسيارة الأجرة الصغيرة بتزنيت، و بدل أن يقوم المكتب النقابي بدوره في التأطير و التوعية فضل إصدار البيان المشؤوم الذي قزم حجم نقابة كبيرة لها وزنها على الصعيد الوطني، وبدل مراجعة الأخطاء صدرت التعليمات للناطق الرسمي لصياغة رد زاد من عمق الحفرة التي سقط فيها المعنيون…. ثم إن كاتب المقال قرأ البيان بمهنية التي يمارسها منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وفق أصول الصحافة ومبادئها، و التي تلقاها في عدة منابر إعلامية بداية بجريدة أصداء ، بيان اليوم ، الحياة، الصباح ثم جريدة المستقل، دون الحديث عن عدد من المنابر الإلكترونية الوطنية….، كما خضنا تجارب نقابية كبيرة إلى جانب الكبار ، كما كان لنا الدور الكبير في تحرير مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بأكادير من قبضة المهاجمين سنة 2002، إبان الإنشقاق بين المؤتمر الوطني و الإتجاد الإشتراكي ، أي لسنا في موقع تلقي الدروس من أحد…