
إصلاح النظام المصرفي لتحقيق استقرار اقتصادي
يعتبر النظام المصرفي في أي دولة شريكاً أساسيّاً في التطوّر والنمو الاقتصادي بسبب دوره الهام في تحقيق التوازن والاستقرار المالي والنقدي ومواجهة التقلبات في الاقتصاد الناتجة عن الظروف السياسية والاجتماعية. ويعد إصلاح النظام المصرفي في ليبيا ضرورة ملحّة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة.
لا يُمكن إصلاح النظام المصرفي في ليبيا من دون معالجة المشاكل التي يعاني منها، وفي طليعتها إنهاء الانقسام المالي والمصرفي ومكافحة الفساد وتحديث السياسات المصرفية من أجل زيادة الثقة في هذا القطاع. ويمكن معالجة المشاكل الحالية لهذا الشريان الأساسي في البلاد من خلال توحيد المصرف المركزي عبر حوار وطني اقتصادي لضمان وحدة السياسة النقدية وإعادة هيكلة الديون العامة عبر خطة تحدّد كيفية تسديد الديون الحكومية بطريقة لا تؤثّر على استقرار القطاع المصرفي أو تزيد من التضخم.
واقتناعاً منه بأنّ اصلاح العمل المصرفي وتحديث آلياته أصبح ضرورة ملحة لسلامة الاقتصاد الوطني وضمان انتعاشه، يرى الدكتور الصديق حفتر أنه “يجب وضع سياسات نقدية فعّالة تحدّ من تقلّبات سعر الصرف وتعيد الثقة في الدينار الليبي، وعليه لا بدّ من تطبيق معايير الشفافية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعزيز دور الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة لضمان الشفافية في المعاملات المصرفية”.
ويتطلّب تطوير أي جهاز مصرفي العمل على استحداث أنواع جديدة من الودائع لجذب العملاء ووضع خطة استراتيجية لتحقيق التميّز المؤسسي، مع الاهتمام بالأساليب الحديثة لبناء قدرات الموظفين لمواكبة التطورات التكنولوجية إضافة الى تطوير الأجهزة الالكترونية المستخدمة وشبكات الاتصال، ومواكبة كل ما هو جديد في مجال تكنولوجيا المصارف، والعمل على تحديث قاعدة بيانات البرمجيات وتعزيز قدرتها على تبادل المعلومات. وفي هذا الإطار يُشدّد الدكتور حفتر على “تحييد النظام المصرفي عن التجاذبات السياسية ووضع سياسات نقدية متوازنة قادرة على درء الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي ما يُقلّل من المضاربات غير المشروعة”.
ويمكن الاستفادة من خبرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتطوير السياسات النقدية والمصرفية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الشراكات الإقليمية، عبر تعاون المصارف المركزية مع دول الجوار للاستفادة من تجاربها في الإصلاحات، مثل تونس ومصر، وتسهيل دخول المصارف الإقليمية الى السوق الليبية لدعم المنافسة وتحسين الخدمة.
بالمحصّلة إصلاح النظام المصرفي بحاجة الى نهج شامل متكامل، يبدأ بمعالجة المشاكل الحالية واعتماد سياسات نقدية متوازنة خالية من الفساد وينتهي بتحديث القوانين والبنية التحتية المالية لضمان الكفاءة وتعزيز التنمية المستدامة، فلا اقتصاد مزدهر من دون جهاز مصرفي سليم قادر على مواجهة التحديات المعاصرة.